ارشيف من :أخبار عالمية
التهدئة في مهب الريح بين الاعتداءات الإسرائيلية وردود الفعل الفلسطينية

غزة ـ عماد عيد
سبعة أيام مرت على إعلان التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وحكومة الاحتلال برعاية مصر كانت كافية لإعطاء الصورة المتوقعة خلال التهدئة التي وصفت بالهشة. فالجيش الإسرائيلي حاول إذلال الفلسطينيين وتأكيد الفصل السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال اغتياله أحد قادة سرايا القدس في شمال الضفة الغربية طارق أبو غالي مع أحد زملائه في الجامعة، في جريمة رفضت حركة الجهاد الإسلامي تركها تمر دون رد صدر من غزة عبر إطلاق دفعة من الصواريخ تجاه المستوطنات الإسرائيلية.
وأكدت الحركة أنها ستلتزم التهدئة ـ برغم تحفظاتها ـ بالقدر الذي يلتزم به العدو، وأن عملية قصف سديروت تعد تأكيداً أنه من غير المقبول ومن غير المسموح أن تستبعد غزة من دائرة الصراع، فيما تطلق يد العدو في الضفة تستبيح وتغتال شعبنا وقادتنا وأبناءنا.
هذا التطور سارعت على أثره حركة حماس التي تسيطر على القطاع، لدعوة الأطراف المعنية بالتهدئة إلى الضغط على حكومة العدو لوقف جرائمها في الضفة.
سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس قال: "إن جريمة الاغتيال هذه تأتي في سياق استمرار العدوان، وتأكد أن المشكلة ليست في الشعب الفلسطيني أو المقاومة، إنما المشكلة في الاحتلال الذي يصر على استمرار عدوانه برغم أجواء التهدئة".
الجبهتان الشعبية والديمقراطية من جانبهما نددتا بـ "الجريمة النكراء"، واعتبرت الشعبية أن استمرار مثل هذه الجرائم وغيرها من قبل العدو الصهيوني وقطعان مستوطنيه يدفع قوى المقاومة الفلسطينية إلى مراجعة الموقف الذي أعلنته بعدم إقدامها على نقض التهدئة.. فيما شددت الديمقراطية على أن المقاومة لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء استمرار هذه التجاوزات والجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة.
وفي ما يتعلق بالهدف الذي ترمي تل أبيب إلى تحقيقه من وراء اغتيال أبو غالي ورفيقه، فالظاهر أنها ترمي إلى استدراج الجهاد الإسلامي وغيرها من الفصائل إلى ردود فعل قد تشكل فرصة لها لتخريب التهدئة، فضلاً عن إحراج هذه الفصائل أمام الفلسطينيين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى التخفيف من حدة الأصوات الصهيونية المناهضة للتهدئة، وهو ما عبرت عنه بعض التظاهرات التي شهدتها التجمعات الاستيطانية المحيطة بغزة، فيما ترجم على الأرض بإغلاق كل معابر القطاع بإيعاز من وزير حرب الاحتلال إيهود باراك عقب مشاوراته مع رئيس حكومته إيهود أولمرت.
تطورات أخرى تنذر بانهيار التهدئة، لا سيما التصريحات المتباينة المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى التي جرى الحديث عنها كثيراً خلال الفترة الماضية، حيث قال الرئيس المصري حسني مبارك الثلاثاء (24/6/2008) إنه من غير المنطقي الربط بين التهدئة والإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، وهو الموقف ذاته الذي أكدت حماس تمسكها به مراراً وتكراراً.. لكن ما أحدثه التماس عائلة شاليط أمام ما تسمى بالمحكمة الإسرائيلية العليا بشأن مراجعة التهدئة، وإرجاء فتح المعابر وتحديداً معبر رفح البري إلى حين الإفراج عن ابنها، من ردود فعل مؤيدة قادتها أحزاب اليمين المتطرف، وأخرى متحفظة إلى حد ما، تاركةً الباب موارباً بانتظار ما ستقدم عليه القيادة السياسية الإسرائيلية من خطوات وقرارات، حصرتها بالمضي في التهدئة أو اللجوء إلى خيارات عسكرية أخرى، وبالتالي إعادة الأمور إلى ما قبل المربع الأول، خياران لكل منهما ما يدعمه، فالأول مرتبط بطرف ثالث هو المصريون الذين رعوا التهدئة وملف شاليط منذ البداية، وأي حياد عنه يعني إفشال تلك الجهود وإحراج القيادة المصرية فلسطينياً وعربياً.. أما الخيار الثاني فهو مرتبط بالدرجة الأولى بالأزمات الداخلية التي تعصف بالائتلاف الحكومي الذي يتزعمه أولمرت من جهة، ومن جهة ثانية تباين المواقف بشأن حل الكنيست وإجراء انتخابات داخل حزب كاديما، فضلاً عن الدعوات المتلاحقة لإجراء انتخابات مبكرة تعتمد بشكل كبير على دماء الفلسطينيين التي يتنافس على إراقتها جميع قادة حرب الاحتلال، وتعد بنداً أساسياً في دعايتهم الحزبية باختلاف توجهاتهم.. وأخيراً ما كشفته مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي عن نيته الاستقالة من منصبه خلال الأيام القليلة المقبلة إذا جرت الموافقة على اقتراح حل الكنيست، وأن إدارة البلاد ستتولاها حكومة انتقالية حتى تشكيل حكومة جديدة أو إجراء انتخابات عامة.
ما سبق من معطيات يعطي إجابات عن بعض الأسئلة التي يجري تداولها بين العامة قبل الساسة، لكن السؤال الأهم من بينها والمتعلق بإمكانية نجاح التهدئة، سيظل بحاجة إلى أجوبة قاطعة ربما ستحملها الساعات أو الأيام أو ربما الشهور القادمة، من خلال مجريات الأمور على الأرض إسرائيليا.
الانتقاد/ العدد 1276 ـ 27 حزيران/ يونيو 2008
سبعة أيام مرت على إعلان التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وحكومة الاحتلال برعاية مصر كانت كافية لإعطاء الصورة المتوقعة خلال التهدئة التي وصفت بالهشة. فالجيش الإسرائيلي حاول إذلال الفلسطينيين وتأكيد الفصل السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال اغتياله أحد قادة سرايا القدس في شمال الضفة الغربية طارق أبو غالي مع أحد زملائه في الجامعة، في جريمة رفضت حركة الجهاد الإسلامي تركها تمر دون رد صدر من غزة عبر إطلاق دفعة من الصواريخ تجاه المستوطنات الإسرائيلية.
وأكدت الحركة أنها ستلتزم التهدئة ـ برغم تحفظاتها ـ بالقدر الذي يلتزم به العدو، وأن عملية قصف سديروت تعد تأكيداً أنه من غير المقبول ومن غير المسموح أن تستبعد غزة من دائرة الصراع، فيما تطلق يد العدو في الضفة تستبيح وتغتال شعبنا وقادتنا وأبناءنا.
هذا التطور سارعت على أثره حركة حماس التي تسيطر على القطاع، لدعوة الأطراف المعنية بالتهدئة إلى الضغط على حكومة العدو لوقف جرائمها في الضفة.
سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس قال: "إن جريمة الاغتيال هذه تأتي في سياق استمرار العدوان، وتأكد أن المشكلة ليست في الشعب الفلسطيني أو المقاومة، إنما المشكلة في الاحتلال الذي يصر على استمرار عدوانه برغم أجواء التهدئة".
الجبهتان الشعبية والديمقراطية من جانبهما نددتا بـ "الجريمة النكراء"، واعتبرت الشعبية أن استمرار مثل هذه الجرائم وغيرها من قبل العدو الصهيوني وقطعان مستوطنيه يدفع قوى المقاومة الفلسطينية إلى مراجعة الموقف الذي أعلنته بعدم إقدامها على نقض التهدئة.. فيما شددت الديمقراطية على أن المقاومة لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء استمرار هذه التجاوزات والجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة.
وفي ما يتعلق بالهدف الذي ترمي تل أبيب إلى تحقيقه من وراء اغتيال أبو غالي ورفيقه، فالظاهر أنها ترمي إلى استدراج الجهاد الإسلامي وغيرها من الفصائل إلى ردود فعل قد تشكل فرصة لها لتخريب التهدئة، فضلاً عن إحراج هذه الفصائل أمام الفلسطينيين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى التخفيف من حدة الأصوات الصهيونية المناهضة للتهدئة، وهو ما عبرت عنه بعض التظاهرات التي شهدتها التجمعات الاستيطانية المحيطة بغزة، فيما ترجم على الأرض بإغلاق كل معابر القطاع بإيعاز من وزير حرب الاحتلال إيهود باراك عقب مشاوراته مع رئيس حكومته إيهود أولمرت.
تطورات أخرى تنذر بانهيار التهدئة، لا سيما التصريحات المتباينة المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى التي جرى الحديث عنها كثيراً خلال الفترة الماضية، حيث قال الرئيس المصري حسني مبارك الثلاثاء (24/6/2008) إنه من غير المنطقي الربط بين التهدئة والإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، وهو الموقف ذاته الذي أكدت حماس تمسكها به مراراً وتكراراً.. لكن ما أحدثه التماس عائلة شاليط أمام ما تسمى بالمحكمة الإسرائيلية العليا بشأن مراجعة التهدئة، وإرجاء فتح المعابر وتحديداً معبر رفح البري إلى حين الإفراج عن ابنها، من ردود فعل مؤيدة قادتها أحزاب اليمين المتطرف، وأخرى متحفظة إلى حد ما، تاركةً الباب موارباً بانتظار ما ستقدم عليه القيادة السياسية الإسرائيلية من خطوات وقرارات، حصرتها بالمضي في التهدئة أو اللجوء إلى خيارات عسكرية أخرى، وبالتالي إعادة الأمور إلى ما قبل المربع الأول، خياران لكل منهما ما يدعمه، فالأول مرتبط بطرف ثالث هو المصريون الذين رعوا التهدئة وملف شاليط منذ البداية، وأي حياد عنه يعني إفشال تلك الجهود وإحراج القيادة المصرية فلسطينياً وعربياً.. أما الخيار الثاني فهو مرتبط بالدرجة الأولى بالأزمات الداخلية التي تعصف بالائتلاف الحكومي الذي يتزعمه أولمرت من جهة، ومن جهة ثانية تباين المواقف بشأن حل الكنيست وإجراء انتخابات داخل حزب كاديما، فضلاً عن الدعوات المتلاحقة لإجراء انتخابات مبكرة تعتمد بشكل كبير على دماء الفلسطينيين التي يتنافس على إراقتها جميع قادة حرب الاحتلال، وتعد بنداً أساسياً في دعايتهم الحزبية باختلاف توجهاتهم.. وأخيراً ما كشفته مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي عن نيته الاستقالة من منصبه خلال الأيام القليلة المقبلة إذا جرت الموافقة على اقتراح حل الكنيست، وأن إدارة البلاد ستتولاها حكومة انتقالية حتى تشكيل حكومة جديدة أو إجراء انتخابات عامة.
ما سبق من معطيات يعطي إجابات عن بعض الأسئلة التي يجري تداولها بين العامة قبل الساسة، لكن السؤال الأهم من بينها والمتعلق بإمكانية نجاح التهدئة، سيظل بحاجة إلى أجوبة قاطعة ربما ستحملها الساعات أو الأيام أو ربما الشهور القادمة، من خلال مجريات الأمور على الأرض إسرائيليا.
الانتقاد/ العدد 1276 ـ 27 حزيران/ يونيو 2008