ارشيف من :آراء وتحليلات
نقطة حبر: غواية الكتابة

كتب حسن نعيم
إذا كانت الأنغام لغة الموسيقى, وإذا كانت الألوان مادة الرسم الخام, فاللغة هي المادة الأولية للكتابة الأدبية, وهي المنجم الذي تغرف منه الأعمال الأدبية أياً كان نوعها، قصةً أو مسرحيةً أو قصيدةً أو مقالاً أدبياً.
اللغة هي أكثر من وعاء نصبّ فيه أفكارنا, إنها شريك أساسي في عملية خلق معقّدة يختلط فيها العامّ بالخاص, وتمتزج التجربة الخاصّة بالتجارب الإنسانية المتنوعة لينتج عن ذلك مكوّنات نصّية تنطوي على مدلولات فلسفية بعيدة المرامي, تأتي في أحايين كثيرة عصيّة على القراءة والتحليل والتفسير.
ما هو دور الكاتب هنا, وما هي حدود وظيفته؟
لعلّ الكاتب في معالجته لقضايا الإنسان الوجودية يمارس وظيفة الكشف, فيعرّي الواقع، ويجد في ذلك متعة لا تضاهيها متعة.. إنها متعة الكشف والانخطاف والمغامرة, وهي بأي حال متعة ناقصة لا تصل إلى نهاياتها, ولو أنها أدركت خواتيمها وأنجزتها في كتاب واحد لكان صاحبنا كتب ما كتب وارتاح وأراح, لكنها غواية الكتابة لا تدعه وشأنه, تظل قادرةً على ابتداع شراكها من جديد, فتعده دائماً بما هو أكمل وأشهى.
الكاتب في استسلامه لغواية الكتابة هو أشبه بطفل يلهو بالرؤى والكلمات والصور. يفككها ويعيد تركيبها ليلاكم بها الواقع المريض ـ بنظره على الأقل ـ غير عابئ بالشكل الذي ترسو عليه لعبته الأخيرة.
لطالما تكرّست أمور غريبة وأصبحت في ما بعد قاعدة وقانوناً.. الأشكال الى زوال تجيء أياماً وتروح أياماً, فتتغير وتتبدل أشكال ونُظم ومعايير وأذواق، وتبقى رسالة الكاتب أن يروّض الوحش الكامن في دواخلنا.
الانتقاد/ العدد1312 ـ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
إذا كانت الأنغام لغة الموسيقى, وإذا كانت الألوان مادة الرسم الخام, فاللغة هي المادة الأولية للكتابة الأدبية, وهي المنجم الذي تغرف منه الأعمال الأدبية أياً كان نوعها، قصةً أو مسرحيةً أو قصيدةً أو مقالاً أدبياً.
اللغة هي أكثر من وعاء نصبّ فيه أفكارنا, إنها شريك أساسي في عملية خلق معقّدة يختلط فيها العامّ بالخاص, وتمتزج التجربة الخاصّة بالتجارب الإنسانية المتنوعة لينتج عن ذلك مكوّنات نصّية تنطوي على مدلولات فلسفية بعيدة المرامي, تأتي في أحايين كثيرة عصيّة على القراءة والتحليل والتفسير.
ما هو دور الكاتب هنا, وما هي حدود وظيفته؟
لعلّ الكاتب في معالجته لقضايا الإنسان الوجودية يمارس وظيفة الكشف, فيعرّي الواقع، ويجد في ذلك متعة لا تضاهيها متعة.. إنها متعة الكشف والانخطاف والمغامرة, وهي بأي حال متعة ناقصة لا تصل إلى نهاياتها, ولو أنها أدركت خواتيمها وأنجزتها في كتاب واحد لكان صاحبنا كتب ما كتب وارتاح وأراح, لكنها غواية الكتابة لا تدعه وشأنه, تظل قادرةً على ابتداع شراكها من جديد, فتعده دائماً بما هو أكمل وأشهى.
الكاتب في استسلامه لغواية الكتابة هو أشبه بطفل يلهو بالرؤى والكلمات والصور. يفككها ويعيد تركيبها ليلاكم بها الواقع المريض ـ بنظره على الأقل ـ غير عابئ بالشكل الذي ترسو عليه لعبته الأخيرة.
لطالما تكرّست أمور غريبة وأصبحت في ما بعد قاعدة وقانوناً.. الأشكال الى زوال تجيء أياماً وتروح أياماً, فتتغير وتتبدل أشكال ونُظم ومعايير وأذواق، وتبقى رسالة الكاتب أن يروّض الوحش الكامن في دواخلنا.
الانتقاد/ العدد1312 ـ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008