ارشيف من :آراء وتحليلات
إذا كانت التحالفات الانتخابية متعذرة..فهل التفاهمات ممكنة

كتب مصطفى الحاج علي
هل يشهد الوضع الداخلي مسارات سياسية متوارية لا تقاطع أو التقاء في ما بينها، أم أنها مسارات متكاملة أو في الحد الأدنى يراد لها أن تتقاطع في وقت ما؟ وبتساؤل واضح: هل مسار المصالحات هو في تكامل مع مسار التحضير للانتخابات النيابية، أم أن لا صلة البتة بين الاثنين؟ وإذا كان من صلة فهل هي ظرفية وحسب؟
مسارات التصالح:
من الواضح أن مسار المصالحات اتخذ قوة دفع بفعل اللقاء الذي جمع مؤخراً رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري مع أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله. وبالعودة إلى البيان الختامي الذي صدر عن هذا اللقاء وإلى تعليقات ومواقف الطرفين، يظهر جلياً حرص كل منهما على عدم المبالغة في تحديد المرتقب أو المراد من اللقاء، لا سيما لجهة ما قد يدغدغ مخيلة البعض من تطورات تتصل باحتمال انتاج أو توليد تحالف سياسي ـ انتخابي جديد. فالطرفان شددا على وضع اللقاء في سياق تعزيز مناخات التصالح، وتالياً التهدئة في البلاد، بما من شأنه توفير شبكة أمان سياسية ملائمة للبنان تحميه أو على الأقل تخفف من حجم ومقدار الانعكاسات السلبية المحتملة الناتجة عما يمكن أن تتولد عنه الأوضاع المتقبلة في المنطقة، والتي تبدو فيها وجهة الأمور ومآلاتها غامضة إلى أقصى الحدود، وإن بات محسوماً ان السمة الانتظارية هي الحاكمة، لا سيما نتائج الانتخابات الاميركية التي دخلت أيامها الأخيرة، وللنتائج التي ستحملها الانتخابات الاسرائيلية أيضاً، فكل شيء في المنطقة يبدو مؤجلاً ورهن الانتظار، بما فيها المعاهدة الأمنية في العراق، حيث بات بما يشبه القطع، أنها لن تقر في عهد ولاية بوش، وأنها ستؤجل إلى ما بعد الانتخابات.
الأمر عينه ينطبق على جملة من الملفات الأساسية: التسوية على المسارين الفلسطيني ـ الاسرائيلي، السوري ـ الإسرائيلي، الملف النووي الإيراني، ملف الحرب في أفغانستان، والذي باتت باكستان جزءاً لا يتجزأ منه بفعل الإقحام الاميركي المباشر لها فيه. هذا إلى جانب المآلات الدولية للأمور، خصوصاً في ما يتعلق بالوضعين المالي والاقتصادي.
مسوغات التفاهم:
خلاصة الكلام هنا، أن كل طرف متشبث بمواقعه ومواقفه وتحالفاته السياسية، وربما الانتخابية أيضاً، ما يعني منطقياً على الأقل، أن مسار التصالح يراد منه توفير المناخ الملائم للانتخابات، وامتصاص آثار الأحداث الماضية، ونزع فتائل تفجير محتملة، أو موارد خوف من تداعيات محتملة لبعض الوقائع الإرهابية. وبالتالي لا يراد له أن يشكل مدخلاً أو تأسيساً لتحالفات انتخابية جديدة. لكن هل يلغي هذا احتمال البحث حول تفاهمات انتخابية؟ بكلمة أخرى، إذا كانت التحالفات أمراً متعذراً، فهل التفاهمات هي كذلك، أم تبقى أمراً ممكناً؟
المراد بالتفاهمات هنا هو توافق الأطراف السياسية المتواجهة، أي الموالاة والمعارضة عموماً، على تقاسم المجلس النيابي مناصفة، بحيث يأخذ كل منهما نصف المقاعد، أو أن يأخذ كل منهما حصصاً متساوية تاركين الباقي لرئيس الجمهورية.
بمعزل عن الإمكان العملي لتفاهم كهذا، فهل ثمة إمكان سياسي له؟
الإمكان السياسي يجد مسوغاته في التالي:
أ ـ ان لعبة الأكثرية والأقلية في لبنان أثبتت عقمها، وان طرفاً لا يستطيع الإمساك بكامل السلطة ما لم يحظَ بأكثر من ثلثي أعضاء المجلس النيابي. وهذا ما يبدو مستحيلاً بالنسبة الى كل الأطراف، لا سيما في هذه الظروف، حيث تشير كل استطلاعات الرأي إلى أن الفروق لن تكون كبيرة، ما يعني أن نتائج الانتخابات لن تغير في واقع توازنات السلطة الشيء الكثير. وإذا كان لها من دلالة، فهي دلالة سياسية هي بدورها قابلة للطعن والتشكيك بفعل قناعة الجميع بالدور الكبير الذي سيلعبه المال السياسي في التأثير في نتائج الانتخابات.
ب ـ ان روح اتفاق الدوحة قام على التوافق، وهذا ما فرض تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بالصيغة التي جاءت بها. كما فتح الطريق أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعرّف نفسه باستمرار بوصفه نقطة التوافق والتوازن بين كل الأطراف.
ج ـ إن إطلاق عملية انتخاب تنافسية يزج فيها بكل الأسلحة المناسبة من مال وإعلام سياسيين، وفي ظروف متوترة ومتقبلة في لبنان والمنطقة، وفي ظل حرص شديد من كل طرف على تحسين مواقعه الانتخابية، قد يفضي إلى أوضاع غير مستقرة، تجعل الانتخابات نفسها مهددة. والإشارة التي تضمنها تقرير ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن إلى أن إجراء الانتخابات النيابية مهددة، تحمل رسالة واضحة بأن هذا الخيار ما زال موجوداً في حسابات من يتكلم لارسن باسمهم.
د ـ بمعزل عن التغيير الذي سيحدث في المشهد الرئاسي الاميركي وفي لوحة الانتخابات الاسرائيلية، فإن المرحلة المقبلة قد تكون سمتها العامة إطلاق عملية تفاوض بعيدة المدى، وبالتالي لن تكون مرحلة إيجاد الحلول وفرض توازنات جديدة، بقدر ما هي مرحلة تثبيت التوازنات الجديدة، واحتواء ما هو قائم عند حدوده الحالية، الأمر الذي يفرض نفسه بالصيغة عينها على لبنان.
- ثمة مؤشر بارز هنا على هذا التوجه يتمثل بـ:
أ ـ سعي رئيس الجمهورية إلى اقتناص كتلة نيابية خاصة به، تكون وظيفتها الأساسية ضبط ميزان التوازن الداخلي، مع الاحتفاظ بورقة الترجيح لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، وذلك وفق متطلبات كل مرحلة وظرفها. وورقة الترجيح هذه هي التي من شأنها أن تعزز من موقع الرئاسة الأولى، حيث ستجعله قبلة اهتمام وتجاذب ورضا كل الأطراف.
ب ـ الكلام الذي نقل عن وجود مسعى مصري مغطى سعودياً وبرضا سوري أيضاً بهذا الاتجاه، إذا صح هذا الكلام، فهو يعكس بلا شك قراءة مصرية لحقيقة التوازنات الداخلية، ومحاولة لمنع المعارضة من الإمساك بورقة الأكثرية، والحيلولة دون انحدار الموالاة إلى مواقع الأقلية. فإذا ما دار الأمر بين خسران الأكثرية لأكثريتها لمصلحة الأقلية واحتفاظها بنسب متوازنة مع المعارضة، فالأفضل الخيار الأول:
ولذا يبدو الشغل الشاغل هنا هو في البحث عن السبل والوسائل الكفيلة بإنتاج هذا التوازن، حتى لا تخسر الأكثرية أكثريتها.
موانع التفاهم
أولاً: اقتناع الأكثرية ومن يقف وراءها بأنه لا مجال للاحتفاظ بصفتها هذه، وبالتالي اقتناعها بضرورة التخلي عن هذا الخيار، والعمل على بدائل أخرى. فهل هذه القناعة باتت موجودة؟ حتى الآن لا يوجد ما يوحي بذلك لا داخلياً ولا خارجياً، بل قد يكون العكس هو الصحيح، إلا إذا اعتبرنا كل ما يجري جزءاً من عملية تفاوض للوصول إلى التعادل.
ثانياً: يرى التيار الوطني الحر نفسه هو المعني مباشرة بهذه المعادلة، وأن المراد منها أن تكون على حسابه تحديداً، لأن ما يسمى بكتلة رئيس الجمهورية يراد لها أن تأخذ من طريق عون ليس إلا. وهذا ما دفعه إلى شن هجوم سريع وحاد على هذا التوجه تحت عنوان رفض الحيادية، وأن المرحلة تتطلب مواقف حاسمة، وأن رئيس الجمهورية عليه أن يركز معركته على استرجاع صلاحياته بدلاً من تركيز معركته على الحصول على كتلة نيابية خاصة به.
ماذا يعني هذا؟ انه يعني بالدرجة الأولى أن المعارضة لا يمكن أن تسير في تفاهم انتخابي على حساب عون مهما كلف الأمر، وبالتالي فإن مواقف عون هي عقدة رئيسة في هذا الاتجاه.
ثالثاً: لم يبرز حتى الآن أي مؤشرات تفاهم سعودية ـ مصرية سورية تحديداً، الأمر الذي يشكل الإطار الإقليمي الضروري لأي تفاهم انتخابي داخلي، وبالتالي فإن خريطة الطريق إلى تفاهمات كهذه ما زالت بعيدة.
وفي المحصلة، فإن مسارات التصالح ومسارات الانتخابات تبقى قابلة للتلاقي أو التعاطي، كما هي قابلة لتبقى متوازنة إلى حد كبير، والأمور مرهونة بحسابات الأطراف في النهاية، وما زال مبكراً حسمها نهائياً.
الانتقاد/ العدد1312 ـ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
هل يشهد الوضع الداخلي مسارات سياسية متوارية لا تقاطع أو التقاء في ما بينها، أم أنها مسارات متكاملة أو في الحد الأدنى يراد لها أن تتقاطع في وقت ما؟ وبتساؤل واضح: هل مسار المصالحات هو في تكامل مع مسار التحضير للانتخابات النيابية، أم أن لا صلة البتة بين الاثنين؟ وإذا كان من صلة فهل هي ظرفية وحسب؟
مسارات التصالح:
من الواضح أن مسار المصالحات اتخذ قوة دفع بفعل اللقاء الذي جمع مؤخراً رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري مع أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله. وبالعودة إلى البيان الختامي الذي صدر عن هذا اللقاء وإلى تعليقات ومواقف الطرفين، يظهر جلياً حرص كل منهما على عدم المبالغة في تحديد المرتقب أو المراد من اللقاء، لا سيما لجهة ما قد يدغدغ مخيلة البعض من تطورات تتصل باحتمال انتاج أو توليد تحالف سياسي ـ انتخابي جديد. فالطرفان شددا على وضع اللقاء في سياق تعزيز مناخات التصالح، وتالياً التهدئة في البلاد، بما من شأنه توفير شبكة أمان سياسية ملائمة للبنان تحميه أو على الأقل تخفف من حجم ومقدار الانعكاسات السلبية المحتملة الناتجة عما يمكن أن تتولد عنه الأوضاع المتقبلة في المنطقة، والتي تبدو فيها وجهة الأمور ومآلاتها غامضة إلى أقصى الحدود، وإن بات محسوماً ان السمة الانتظارية هي الحاكمة، لا سيما نتائج الانتخابات الاميركية التي دخلت أيامها الأخيرة، وللنتائج التي ستحملها الانتخابات الاسرائيلية أيضاً، فكل شيء في المنطقة يبدو مؤجلاً ورهن الانتظار، بما فيها المعاهدة الأمنية في العراق، حيث بات بما يشبه القطع، أنها لن تقر في عهد ولاية بوش، وأنها ستؤجل إلى ما بعد الانتخابات.
الأمر عينه ينطبق على جملة من الملفات الأساسية: التسوية على المسارين الفلسطيني ـ الاسرائيلي، السوري ـ الإسرائيلي، الملف النووي الإيراني، ملف الحرب في أفغانستان، والذي باتت باكستان جزءاً لا يتجزأ منه بفعل الإقحام الاميركي المباشر لها فيه. هذا إلى جانب المآلات الدولية للأمور، خصوصاً في ما يتعلق بالوضعين المالي والاقتصادي.
مسوغات التفاهم:
خلاصة الكلام هنا، أن كل طرف متشبث بمواقعه ومواقفه وتحالفاته السياسية، وربما الانتخابية أيضاً، ما يعني منطقياً على الأقل، أن مسار التصالح يراد منه توفير المناخ الملائم للانتخابات، وامتصاص آثار الأحداث الماضية، ونزع فتائل تفجير محتملة، أو موارد خوف من تداعيات محتملة لبعض الوقائع الإرهابية. وبالتالي لا يراد له أن يشكل مدخلاً أو تأسيساً لتحالفات انتخابية جديدة. لكن هل يلغي هذا احتمال البحث حول تفاهمات انتخابية؟ بكلمة أخرى، إذا كانت التحالفات أمراً متعذراً، فهل التفاهمات هي كذلك، أم تبقى أمراً ممكناً؟
المراد بالتفاهمات هنا هو توافق الأطراف السياسية المتواجهة، أي الموالاة والمعارضة عموماً، على تقاسم المجلس النيابي مناصفة، بحيث يأخذ كل منهما نصف المقاعد، أو أن يأخذ كل منهما حصصاً متساوية تاركين الباقي لرئيس الجمهورية.
بمعزل عن الإمكان العملي لتفاهم كهذا، فهل ثمة إمكان سياسي له؟
الإمكان السياسي يجد مسوغاته في التالي:
أ ـ ان لعبة الأكثرية والأقلية في لبنان أثبتت عقمها، وان طرفاً لا يستطيع الإمساك بكامل السلطة ما لم يحظَ بأكثر من ثلثي أعضاء المجلس النيابي. وهذا ما يبدو مستحيلاً بالنسبة الى كل الأطراف، لا سيما في هذه الظروف، حيث تشير كل استطلاعات الرأي إلى أن الفروق لن تكون كبيرة، ما يعني أن نتائج الانتخابات لن تغير في واقع توازنات السلطة الشيء الكثير. وإذا كان لها من دلالة، فهي دلالة سياسية هي بدورها قابلة للطعن والتشكيك بفعل قناعة الجميع بالدور الكبير الذي سيلعبه المال السياسي في التأثير في نتائج الانتخابات.
ب ـ ان روح اتفاق الدوحة قام على التوافق، وهذا ما فرض تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بالصيغة التي جاءت بها. كما فتح الطريق أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعرّف نفسه باستمرار بوصفه نقطة التوافق والتوازن بين كل الأطراف.
ج ـ إن إطلاق عملية انتخاب تنافسية يزج فيها بكل الأسلحة المناسبة من مال وإعلام سياسيين، وفي ظروف متوترة ومتقبلة في لبنان والمنطقة، وفي ظل حرص شديد من كل طرف على تحسين مواقعه الانتخابية، قد يفضي إلى أوضاع غير مستقرة، تجعل الانتخابات نفسها مهددة. والإشارة التي تضمنها تقرير ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن إلى أن إجراء الانتخابات النيابية مهددة، تحمل رسالة واضحة بأن هذا الخيار ما زال موجوداً في حسابات من يتكلم لارسن باسمهم.
د ـ بمعزل عن التغيير الذي سيحدث في المشهد الرئاسي الاميركي وفي لوحة الانتخابات الاسرائيلية، فإن المرحلة المقبلة قد تكون سمتها العامة إطلاق عملية تفاوض بعيدة المدى، وبالتالي لن تكون مرحلة إيجاد الحلول وفرض توازنات جديدة، بقدر ما هي مرحلة تثبيت التوازنات الجديدة، واحتواء ما هو قائم عند حدوده الحالية، الأمر الذي يفرض نفسه بالصيغة عينها على لبنان.
- ثمة مؤشر بارز هنا على هذا التوجه يتمثل بـ:
أ ـ سعي رئيس الجمهورية إلى اقتناص كتلة نيابية خاصة به، تكون وظيفتها الأساسية ضبط ميزان التوازن الداخلي، مع الاحتفاظ بورقة الترجيح لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، وذلك وفق متطلبات كل مرحلة وظرفها. وورقة الترجيح هذه هي التي من شأنها أن تعزز من موقع الرئاسة الأولى، حيث ستجعله قبلة اهتمام وتجاذب ورضا كل الأطراف.
ب ـ الكلام الذي نقل عن وجود مسعى مصري مغطى سعودياً وبرضا سوري أيضاً بهذا الاتجاه، إذا صح هذا الكلام، فهو يعكس بلا شك قراءة مصرية لحقيقة التوازنات الداخلية، ومحاولة لمنع المعارضة من الإمساك بورقة الأكثرية، والحيلولة دون انحدار الموالاة إلى مواقع الأقلية. فإذا ما دار الأمر بين خسران الأكثرية لأكثريتها لمصلحة الأقلية واحتفاظها بنسب متوازنة مع المعارضة، فالأفضل الخيار الأول:
ولذا يبدو الشغل الشاغل هنا هو في البحث عن السبل والوسائل الكفيلة بإنتاج هذا التوازن، حتى لا تخسر الأكثرية أكثريتها.
موانع التفاهم
أولاً: اقتناع الأكثرية ومن يقف وراءها بأنه لا مجال للاحتفاظ بصفتها هذه، وبالتالي اقتناعها بضرورة التخلي عن هذا الخيار، والعمل على بدائل أخرى. فهل هذه القناعة باتت موجودة؟ حتى الآن لا يوجد ما يوحي بذلك لا داخلياً ولا خارجياً، بل قد يكون العكس هو الصحيح، إلا إذا اعتبرنا كل ما يجري جزءاً من عملية تفاوض للوصول إلى التعادل.
ثانياً: يرى التيار الوطني الحر نفسه هو المعني مباشرة بهذه المعادلة، وأن المراد منها أن تكون على حسابه تحديداً، لأن ما يسمى بكتلة رئيس الجمهورية يراد لها أن تأخذ من طريق عون ليس إلا. وهذا ما دفعه إلى شن هجوم سريع وحاد على هذا التوجه تحت عنوان رفض الحيادية، وأن المرحلة تتطلب مواقف حاسمة، وأن رئيس الجمهورية عليه أن يركز معركته على استرجاع صلاحياته بدلاً من تركيز معركته على الحصول على كتلة نيابية خاصة به.
ماذا يعني هذا؟ انه يعني بالدرجة الأولى أن المعارضة لا يمكن أن تسير في تفاهم انتخابي على حساب عون مهما كلف الأمر، وبالتالي فإن مواقف عون هي عقدة رئيسة في هذا الاتجاه.
ثالثاً: لم يبرز حتى الآن أي مؤشرات تفاهم سعودية ـ مصرية سورية تحديداً، الأمر الذي يشكل الإطار الإقليمي الضروري لأي تفاهم انتخابي داخلي، وبالتالي فإن خريطة الطريق إلى تفاهمات كهذه ما زالت بعيدة.
وفي المحصلة، فإن مسارات التصالح ومسارات الانتخابات تبقى قابلة للتلاقي أو التعاطي، كما هي قابلة لتبقى متوازنة إلى حد كبير، والأمور مرهونة بحسابات الأطراف في النهاية، وما زال مبكراً حسمها نهائياً.
الانتقاد/ العدد1312 ـ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008