ارشيف من :أخبار لبنانية

صفقة تبادل الأسرى للمصادقة إسرائيلياً، ولعبة إسرائيلية مكشوفة لتحسين الصورة إعلامياً

صفقة تبادل الأسرى للمصادقة إسرائيلياً، ولعبة إسرائيلية مكشوفة لتحسين الصورة إعلامياً
كتب يحيى دبوق

حاول رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت "التشاطر" على الرأي العام الاسرائيلي، وغير الاسرائيلي ايضا، واظهار نفسه انه يعمل بجد على عدم تدفيع اسرائيل ثمنا باهظا لحزب الله، يكون سهلا، في اطار صفقة تبادل الاسرى التي يظهر ان تبلورها انتهى منذ مدة، ولا ينقصها سوى المصادقة عليها اسرائيليا، سواء من قبل المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية، او من قبل الحكومة الاسرائيلية نفسها.

في الانباء الاسرائيلية الاخيرة، المبثوثة اساسا من قبل مكتب اولمرت الى المراسلين العسكريين والسياسيين، ان حزب الله طلب بشكل مفاجئ اطلاق سراح اسرى فلسطينيين، الامر الذي اعاد صفقة التبادل الى التعقيد الابتدائي الاولي، وجرى "التعميم" ان الصفقة في خطر، بل قد يعمد اولمرت الى الاعلان عن الاسيرين الاسرائيليين انهما ليسا على قيد الحياة، في ضغط على حزب الله لتخفيض الثمن، علما ان الاعلان عنهما ميتين من قبل الحاخامية الدينية، امر متعثر ما لم يكن مستحيلا، كما يؤكد.

في الواقع، يظهر الحراك الاسرائيلي مبتذلا، ومفضوحا، ودلالاته مختلطة بين كونها مصلحة شخصية لاولمرت نفسه، وللدولة العبرية في اعتبارات اخرى. لكن ما الذي اراده الاسرائيلي من "تشاطره"؟.

 صفقة تبادل الأسرى للمصادقة إسرائيلياً، ولعبة إسرائيلية مكشوفة لتحسين الصورة إعلامياً 
صفقة تبادل الأسرى للمصادقة إسرائيلياً، ولعبة إسرائيلية مكشوفة لتحسين الصورة إعلامياً
يمكن المسارعة والقول ان هناك نوعا من "عمى الوان" تقديري من قبل الاسرائيليين، الذين تحركوا بدافع "اسقاط" مكانة امين عام حزب الله، من خلال التأكيد على ان الاسرائيليين لا يقبلون دفع اثمان تشمل اسرى فلسطينيين، لكنهم في الوقت الذي وافقوا فيه سراً على ذلك (هآرتس 24/6/2008)، ارادوا اللعب على الكلمات واعتبار اطلاق سراح اسرى فلسطينيين في اطار الصفقة، "هو مجرد حسن نية" اسرائيلية، ولا علاقة لحزب الله به!!.

في البدء، وانطلاقا من هذا السيناريو، اصر الاسرائيليون على عدم شمول الصفقة لاسرى فلسطينيين، لكن اضطرار اولمرت ووزير دفاعه باراك الى طرح الصفقة على التصويت، بعد ان تبلورت بشكل شبه نهائي مع الوسيط الالماني، دفعه الى إمرار ما اسماه "مطلب حزب الله المتجدد"، وهو ما ادى الى جملة من الانتقادات في الداخل الاسرائيلي، ادت الى اسقاط المناورة الاسرائيلية، بحيث ان اي عملية تمويهية لاطلاق اسرى فلسطينيين، لن تجدي نفعا.

من ناحية ثانية، اريد اسرائيليا ان يجري افهام الفلسطينيين، وتحديدا آسري الجندي غلعاد شاليط، ان اسرائيل لا ترضخ بسهولة لمطالب حزب الله، وان الصفقة وإن تبلورت بشكل شبه نهائي، لكنها عرضة لان تسقط ارتباطا بالثمن، لان هناك العديد من الجهات الاسرائيلية الرافضة لها، وبشكل اساسي المؤسسة الامنية الاسرائيلية، التي ترفض رفضا مطلقا اطلاق سراح عميد الاسرى سمير القنطار، وتطالب بضرورة ابقائه ورقة مساومة لكشف مصير الطيار الاسرائيلي المفقود رون اراد.

من ناحية شخصية، حاول اولمرت ان يشير الى الرأي العام الاسرائيلي، لكن "بشطارة" متدنية جدا، انه يسعى بالفعل الى عدم تدفيع اسرائيل اثمانا باهظة، وانه حريص على المصلحة الاسرائيلية، وعدم تقديم مادة "تعزز" امين عام حزب الله لدى الفلسطينيين او لدى الرأي العام العربي والاسلامي، الا ان الاعلام الاسرائيلي الذي اعرب عن استيائه من مناورته، اعتبر ان ما يقوم به خاضع للاعتبارات والالاعيب السياسية الاسرائيلية الداخلية، بل قام بعض الاعلاميين الاسرائيليين المرموقين (اليكس فيشمان/ يديعوت احرونوت)، بتكذيب مكتب اولمرت بصورة غير مباشرة من ان حزب الله طلب "مجددا" اطلاق سراح اسرى فلسطينيين، واشار الى انه "لم تعد تصدر معلومات موثوقة عن القيادة السياسية بخصوص الاسرى والمفقودين الاسرائيليين، والمشكلة لا تكمن فقط لدى نصر الله ومشعل، بل هي ماثلة وقبل كل شيء عندنا".

على اي حال، تشير التقديرات الاسرائيلية الى ان الاغلبية توافق على بنود الصفقة المتبلورة بوساطة غير مباشرة من المانيا، وما عرضها على الحكومة الاسرائيلية دون المجلس الوزاري المصغر، الا دليل على ارادة إمرارها من قبل اولمرت، الذي حاول ولم يستطع تحسين شروطه في الصفقة، اقله من ناحية شكلية. اذ يشير المعلقون الاسرائيليون الى ان الاغلبية شبه مؤكدة في الحكومة الاسرائيلية، وهي ليس كذلك في المجلس المصغر، حيث للمؤسسة الامنية تأثير كبير في الاخير، والمعروف عنها رفضها للصفقة ولاطلاق القنطار.

الانتقاد/ العدد1276 ـ 27 حزيران/ يونيو 2008
2008-06-26