ارشيف من :آراء وتحليلات
تناقض مريب !

جرجس فرنجيه (*)
يصوّب فريق من اللبنانيين إنتقاده على العَـمل المقاوم زاعماً أن الجميع يريد المساهمة في الدفاع عن لبنان ويناقض جوهر هذا الموقف بتمسّكه عدم القبول أن يبقى السلاح الفاعل حصراً مع لبنانيين دون آخرين، وهنا يصرّ هذا الفريق على اسقاط الديموغرافيا حين ينتقد ليهوّل طائفياً، وتاريخياً حين يتجاهل دافع الجنوبيين والبقاعيين لحمل السلاح بوجه من إعتدى على أسلافهم. واللافت في مواقف هذا الفريق أنه لا يحذر في مواقفه تطابقاً مع تلك الإسرائيلية (مؤخراً وصف الإسرائيلي واقع المقاومة اللبنانية المتثملة بحزب الله بأنها الحالة الوحيدة في العالم التي تتزاوج فيها الدولة وسلاح غير مسيطرة عليه).
يأتي إستعمالي كلمة "زاعماً"، لأن هذا الفريق من اللبنانيين غير قادر على التأقلم مع ما يحدث جنوب لبنان ( وفق ما يعبّر او ينقله إعلامه ومواقف ممثليه عند وقوع اي حادث) وقد يكون ذلك ربما لجهله تاريخ الصراع الإسرائيلي ـ اللبناني على الجنوب اللبناني بعدما إقتطع الإنتداب نحو 30 قرية ومزرعة عن لبنان لمصلحة فلسطين التي ما لبثت أن إحتلّـها لاجئين من اوروبا ومستعمرين أميركيين يؤمنّون موطئ قدم لأميركا على حوض البحر الأبيض المتوسط والأحمر الي يصل العرب باوروبا عبر الحوض.
لطالما تساءلتُ عما يريده هذا الفريق، فتابعت وليتني ما تابعت..إذ لفتني تناقض مريب يتجلّـى بأناس يريدون أن يقاوموا بالسلاح في وقتٍ يملكون الفرصة وسبق أن ملكوها، فرصة لعب دور المقاوم السياسي الداعم لأبناء للبنانيين ذاقوا مرارة إرهاب الإسرائيلي وهم منضبطين ومتدربين وجاهزين للإستشهاد دفاعاً عن العرض والأولاد كما عن الأرض.
لقد تمكنوا من الوصول الى صدر الأميركي بولتون ويَدُ تشيني ويلتقون الأميركية سيسون وحتى الساعة لم يكن لهم موقفاً (حتى إعلامهم) أقله مما يحصل في القدس، أو من الخروقات الاسرائيلية للقرار 1701 هم الفريق الداعي لإحترام وتنفيذ القرارات الدولية حتى لو كانت تطال الشأن الداخلي.
يقتصر موقفهم من إسرائيل بتوصفيها عدواً وباميركا سنداً للسيادة وسوريا الداعمة للعمل المقاوم بالجار المريب. يريدوننا التمثل بسوريا ويرفضون التعامل مع واقعٍ اسرائيلي معلوم سورياً يرفض أيَّ سلامٍ يعيد الأرض للعرب، ما يجعل التفاوض لأجل السلام في ظل وجود مقاومة مسلّحة قادرة ودولة لبنانية وأخرى سوريّة داعمتين للمقاومة، تفاوضاً غير مباشر للكلام عن السلام وليس لأجله.
أعتقدهم ينتظرون سقوط المقاومة ليحصل هذا الفريق وإسرائيل على تواقيع التنازلات تماماً كتلك التي وقعّها على شكل اتفاقات الراحل عرفات. إعتقادي هذا ليس تهمة بل واقع يفسّره تعاطيهم وإعلامهم مع المقاومة وفي التناقض بينما ما يوحون ويقولون ويفعلون وما يبحثون أو يناقشون.
(*) كاتب من لبنان