ارشيف من :آراء وتحليلات

قراءة دبلوماسيّة بريطانيّة للوضع في لبنان والمنطقة: لا حرب إسرائيليّة.. وجهود التسوية ستستمرّ

قراءة دبلوماسيّة بريطانيّة للوضع في لبنان والمنطقة: لا حرب إسرائيليّة.. وجهود التسوية ستستمرّ
قاسم قصير

تبدي الأوساط الدبلوماسية البريطانية اهتماماً متزايداً بالأوضاع اللبنانية والتطورات في المنطقة، وقد عمدت السفيرة البريطانية في بيروت فرانسيس غاي الى إنشاء مدونة خاصة بها (بلوغ) باللغة العربية تسجل فيها ملاحظاتها واقتراحاتها حول الأوضاع اللبنانية، كما تنشط السفيرة في عقد اللقاءات المكثفة مع المسؤولين اللبنانيين والقيادات السياسية والدينية وتشارك في العديد من النشاطات الرياضية والإعلامية والاجتماعية.

كما عينت الحكومة البريطانية ناطقاً جديداً باسمها خلفاً للناطق السابق جون ويلكس. والناطق الجديد يدعى مارتن داي، وهو يعمل بشكل أساسي من دبي، ولكنه يقوم بجولات مكثفة على الدول العربية والإسلامية، وقد زار لبنان وسوريا مؤخراً وعقد سلسلة لقاءات اعلامية في بيروت للحديث عن الأوضاع في لبنان والمنطقة. واستضافت لندن مؤتمراً خاصاً عن اليمن، نظراً لخطورة التطورات الأمنية والسياسية في هذا البلد العربي.

ويتابع البريطانيون التطورات على صعيد عملية التسوية والملف الإيراني بشقيه النووي والداخلي، وقد اتهم المسؤولون الايرانيون الحكومة البريطانية بالتدخل في الشؤون الايرانية الداخلية ودعم حركة المعارضة الاصلاحية.

لكن كيف ينظر البريطانيون للأوضاع في لبنان والمنطقة؟ وهل يتخوفون من حصول حرب اسرائيلية على لبنان او ايران؟ وما هي نظرتهم للاوضاع العربية والإيرانية.
هذه حصيلة لبعض الأجواء البريطانية من خلال لقاء خاص مع الناطق باسم الحكومة البريطانية مارتن داي وعدد من الدبلوماسيين البريطانيين في بيروت.

لا حرب إسرائيلية

يستبعد الدبلوماسيون البريطانيون حصول حرب اسرائيلية على لبنان (في الأفق القريب) لأنهم يعتبرون أن حصول هذه الحرب سيؤدي الى تفجير الأوضاع في كل المنطقة وان الاميركيين ليس لهم مصلحة بحصول الحرب الآن لأن ذلك سينهي عملية التسوية والمفاوضات وسيدفع الوضع نحو الانفجار الكامل.
وينقل الدبلوماسيون البريطانيون معلومات ومواقف عن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتن ياهو يؤكد فيها «عدم رغبة إسرائيل بالحرب حالياً».
ويعتبر الدبلوماسيون أن بعض التصريحات والمواقف التي تصدر عن مسؤولين أوروبيين حول احتمال حصول الحرب أو التخويف من قيام ايران بالهرب الى الأمام هي نوع من الرسائل التحذيرية لإيران من أجل الجلوس الى طاولة المفاوضات والقبول بالاقتراحات الدولية حول الملف النووي.

وأما عن الشأن اللبناني الداخلي فيبدي الدبلوماسيون البريطانيون اهتماماً خاصاً بمعرفة أبعاد المواقف والخطوات التي اطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري حول الدعوة لتشكيل هيئة البحث في الغاء الطائفية السياسية والتصويت على خفض سن الاقتراع الى 18 سنة، كما يتساءلون عن امكانية حصول اصلاح سياسي حقيقي في لبنان في ظل تصاعد المواقف الطائفية.

من جهتها، السفيرة البريطانية فرانسيس غاي أكدت في النص الذي نشرته في مدونتها الخاصة أهمية زيادة مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية وتساءلت عن مدى صوابية قيام الجهات الدبلوماسية الأجنبية بدعم مسألة «الكوتا» النسائية في الانتخابات البلدية التي يطرحها وزير الداخلية زياد بارود.
ويبدي الدبلوماسيون البريطانيون اهتماماً بمسار التطورات اللبنانية في المرحلة المقبلة ومدى الاستفادة من الاستقرار الداخلي لإحداث اصلاح حقيقي في النظام السياسي اللبناني ومن هي الجهات القادرة على احداث هذا الاصلاح.

اليمن وعملية التسوية

أما الملفات الأساسية التي يتابعها الدبلوماسيون البريطانيون على صعيد المنطقة فتتركز على عدّة محاور.

1- الوضع في اليمن.
2- تطورات عملية التسوية والعودة للمفاوضات.
3- الملف الإيراني.
4- التطورات في أفغانستان وعودة تنظيم القاعدة للتحرك بفعالية.

ويعتبر الدبلوماسيون البريطانيون أن الاهتمام البريطاني والدولي بالوضع في اليمن تمثّل في عقد المؤتمر الخاص باليمن الذي جرى بالتعاون والتنسيق مع الحكومة اليمنية، وهدفه دعم الحكومة في إجراء اصلاحات اقتصادية وسياسية ومعالجة المشاكل الداخلية عبر الحوار، وأكد الدبلوماسيون عدم وجود أي قرار بإرسال جنود بريطانيين أو اميركيين الى اليمن.
أما على صعيد عملية التسوية فيقولون: إنّ من السابق لأوانه الحديث عن فشل الجهود العملية بشأن عملية التسوية، لأن المبعوث الأميركي الخاص بالمنطقة جورج ميتشيل لا يزال يواصل عمله والادارة الأميركية تؤكد إبقاء الاهتمام المركزي بملف الشرق الأوسط والأوروبيون يؤكدون حرصهم على إقامة دولة فلسطينية وان المبادرة العربية لا تزال مستمرة وهي أساس صالح للتفاوض وأن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتن ياهو قبل بحل الدولتين والمجتمع الدولي متمسك بحل هذا الصراع.

ويضيفون: إن استمرار التأزم في الشرق الأوسط يساهم في تفجر الأوضاع في المنطقة ودعم الاتجاهات «الإسلامية المتطرفة»، لذا لا بدّ من العمل للوصول الى حلول لأنه ليس هناك أي بديل لذلك.

أما على صعيد الملف الإيراني فيقول الدبلوماسيون البريطانيون: إنّ على إيران القبول بالاقتراحات لتي يقدمها المجتمع الدولي حول تخصيب اليورانيوم وانه ليس من مصلحة ايران رفض هذه الاقتراحات وان تصريحات المسؤولين الإيرانيين وفي مقدمتهم الرئيس محمود احمدي نجاد بشأن «ازالة اسرائيل من الوجود» تثير المخاوف لدى المجتمع الدولي ولدى الاسرائيليين حول الأهداف التي تسعى اليها ايران للحصول على التكنولوجيا النووية.

وفي الختام يعترف الدبلوماسيون البريطانيون بالصعوبات التي تواجهها عملية التسوية وبتدهور الأوضاع في أفغانستان واليمن، لكنهم يؤكدون استمرار العمل لمعالجة كل أزمات المنطقة لأن عدم معالجة هذه الأزمات سيؤدي الى زيادة «التطرف» وسقوط المزيد من الضحايا في المنطقة وفي العالم
2010-01-29