ارشيف من :أخبار لبنانية

قوى "14 آذار" و"مسجلة السيارة المعطلة"

قوى "14 آذار" و"مسجلة السيارة المعطلة"

قاسم قصير

يُروى عن المفكر الاستاذ منح الصلح هذه القصة في نهاية السبعينات وبعد تراجع دور الحركة الوطنية اللبنانية (التي كانت تضم الاحزاب اليسارية)، استمرت الحركة بإصدار بيانات سياسية على لسان الناطق باسمها الامين العام لمنظمة العمل الشيوعي محسن ابراهيم، لكن هذه البيانات لم يكن لها أية فعالية على الارض او على الصعيد السياسي والشعبي، وعندما سئل الصلح عن رأيه بهذه البيانات والمواقف ومصير الحركة الوطنية قال: ان الحركة الوطنية تشبه اليوم (اواخر السبعينات) السيارة التي تعطلت ولم يبق فيها يعمل سوى الراديو او المسجلة. فهي تصدر الاصوات ولكن من دون فعالية.


بعض المراقبين السياسيين شبَّه وضع " قوى 14 اذار" اليوم بواقع الحركة الوطنية اواخر السبعينات (اي مثل السيارة المعطلة التي لم يبق فيها سوى الراديو او المسجلة).

فهذه القوى نجحت في عقد اجتماع قبل يومين لعدد كبير من القياديين والنواب الحاليين والسابقين واعضاء حركة اليسار الديمقراطي وبعض المنشقين عن الحزب الشيوعي اللبناني، واصدرت بيانا مطوَّلا دعت فيه لاحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط.

وقد تنجح هذه القوى في حشد عشرات الالاف من المواطنين في هذه الذكرى وفي الاستمرار في اصدار البيانات الاسبوعية من خلال الامانة العامة التي يترأسها النائب السابق الدكتور فارس سعيد. لكن السؤال الاساسي الذي يطرح نفسه على هذه القوى: ما هي فاعلية هذه البيانات والمواقف والحشود الشعبية على الصعيد العملي، بعد ان تراجعت القيادات الاساسية فيها (رئيس الحكومة سعد الحريري، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط) عن الشعارات الاساسية التي رفعتها سواء على صعيد مواجهة سوريا او لجهة انهاء دور سلاح حزب الله او ادارة شؤون البلد وفقا لرؤية احادية.

فالحرب على سوريا انتهت من خلال الزيارة التي قام بها الشيخ سعد الحريري الى سوريا. وقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري اصبحت من مسؤولية المحكمة الدولية ولم يعد بالامكان استخدامها في اطار الصراعات الداخلية.

وملف سلاح حزب الله اصبح البحث فيه مؤجلا بانتظار انعقاد طاولة الحوار الوطني والاتفاق على الاستراتيجية الدفاعية.

اما ادارة شؤون البلد فهي تتم اليوم وفقا لتوافق داخلي، ولم يعد اي فريق داخلي قادر على التحكم به لوحده. وعاد اللبنانيون للنقاش والحوار حول قضاياهم الداخلية (انتخابات بلدية، الكوتا النسائية، اوضاع المغتربين، ملف المخدرات، الفساد الاداري، هيئة الغاء الطائفية السياسية، التصويت على خفض سن الاقتراع الى 18 سنة، دور المغتربين في الانتخابات، ملفات الزراعة والصناعة والاغذية،.... ).

ولم يعد لبنان جزءا من المشروع الاميركي لتغيير الشرق الاوسط او المحور العربي الذي يريد انهاء المقاومة، واستعاد لبنان دوره وموقعه الاعلامي المفتوح امام كل التيارات والخيارات.

اما على الصعيد الشعبي فانحصرت قوى 14 اذار ضمن مجموعتين اساسيتين: بعض الاحزاب والشخصيات المسيحية (الكتائب، القوات، ما بقي من لقاء قرنة شهوان) وتيار المستقبل.

واما الشخصيات الشيعية المستقلة التي عملت سابقا في اطار هذه القوى فقد تراجع دورها ولم يعد لها اي حضور حتى على الصعيد السياسي والاعلامي.

واما القوى اليسارية المنشقة عن الحزب الشيوعي (حركة اليسار الديمقراطي، حركة الانقاذ في الحزب الشيوعي) فليس لديها حضور شعبي.

اما على صعيد الجماعة الاسلامية التي تحالفت في السنوات الماضية مع "تيار المستقبل" فهي ابتعدت عنه نسبيا في الاشهر الماضية.. اذاً لم تعد " قوى 14 اذار" كما كانت في السنوات الخمس الماضية، ولن يشكل حفل يوم 14 شباط اي تغيير فعلي في توازن القوى السياسي الداخلي اليوم.

2010-02-03