ارشيف من :أخبار لبنانية

في براد يعودون الى جذورهم ويكمّلون رسالتهم الأنطاكية.. مهْدُ الموارنة في لحْدِ مارون.. وصيرورتهم في الانتشار لا التقوقع

في براد يعودون الى جذورهم ويكمّلون رسالتهم الأنطاكية.. مهْدُ الموارنة في لحْدِ مارون.. وصيرورتهم في الانتشار لا التقوقع

سركيس أبو زيد

كل الحدث اللبناني انتقل الى براد، تلك البلدة الوادعة في محافظة حلب السورية، مع مشاركة زعيم تكتل "الاصلاح والتغيير" النائب العماد ميشال عون على رأس وفد من الوزراء والنواب والمسؤولين في "التيار الوطني الحر"، وكذلك الرئيس السابق اميل لحود وزعيم تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية وفاعليات مسيحية ومارونية، في احتفالية القديس مارون، شفيع الجماعة المارونية، في الذكرى المئوية السادسة بعد الالف لوفاته.
وحلّت الذكرى هذا العام لتعطي مغازي ودلالات وأبعاداً لم يسبق أن حملتها في الأعوام السابقة، إذ أنها تأتي متزامنة مع الذكرى الرابعة لتوقيع ورقة التفاهم بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" في السادس من شباط 2006، والتي أرست إطارا واضحا وبراقا للعلاقة بين مختلف الجماعات اللبنانية السياسية والحزبية، كنموذج قائم يرتكز على الحوار والانفتاح بين اللبنانيين واستبعاد اللجوء الى لغة العنف في حل المشكلات السياسية والطائفية والتأسيس للدولة المدنية، إضافة الى توضيح التوجهات الوطنية والعلاقة مع الجوار.

ويرى المراقبون ان الحشد السياسي والشعبي في براد من آلاف المؤمنين من موارنة لبنان ومسيحيي سوريا، اضافة الى وفود من بعض الدول العربية، يشير الى فتح صفحة جديدة في تاريخ الجماعة المارونية المنتشرة بين لبنان وسوريا وعدد من الدول العربية والاجنبية، خصوصا في ضوء التوجه باعتماد براد محجا دينيا مسيحيا – مارونيا سيتكرس في السنوات المقبلة، بحيث تتحول هذه البلدة الصغيرة الوادعة وما يحيط بها من بلدات ترتبط بالتراث السرياني – الماروني، الى معلم من المعالم التاريخية العريقة التي تؤرخ لجماعة اشتهرت بالعناد في الحق والنضال والبأس.

واشار المراقبون الى ان القداس الاحتفالي في براد اتى مكملا للقداس الذي ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت، وهو القداس التقليدي الرسمي الذي تقيمه الكنيسة المارونية لمناسبة شفيع الطائفة، ويحضره المسؤولون الكبار في الدولة في مقدمهم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.

ورأى المراقبون ان الصفة التكاملية هذه للقداسين في بيروت وبراد تأتي من واقع ان المارونية كجماعة نشأت في سوريا وانتشرت منها في لبنان ثم في كثير من بلاد الاغتراب، لتؤسس كنيسة وجماعة فاعلة. من هنا يشكل لبنان وسوريا للموارنة مساحة تفاعلية مشتركة تضاف الى علاقة الاخوة والتعاون بين البلدين، وتصب في خانة التراكمات الايجابية التي سيسعى الموارنة اللبنانيون تحديدا الى تذخيرها وتثميرها في خدمة رسالتهم الحضارية والتفاعلية والانفتاحية، والتي يمثلها العماد عون خير تمثيل.

وقللت مصادر سياسية من الاتهامات والانتقادات التي توجه للتيار على خلفية مشاركته في احتفالات براد، ولفتت الى ان التيار كان في الوقت نفسه الى جانب البطريرك صفير في احتفال كنيسة مار جرجس، مشيرة الى التعميم الذي صدر عن التيار بوجوب مشاركة كل من لم يستطع التوجة الى براد في قداس بيروت.

وقالت هذه المصادر: الوجود المسيحي الحر يجب ألا يحصر في لبنان، بل واجب نشره في كل المنطقة، استنادا الى الرسالة التاريخية التي حملها الموارنة قبل 1400 عام.

ورأت ان التقوقع هو سمة من سمات الخطاب الصهيوني العنصري الذي يسعى منذ القدم الى تحجيم المسيحية في جماعات وفرق مشتتة تحت فكرة القومية الاثنية والدينية، وهي امور لا بد ان يستوعبها الموارنة لتلافي مخاطرها على الجماعة، ولأن التشعب والانتشار يحصّن وجودها في لبنان ويقدّم لها القدرة على مواجهة التحديات وجبْه المخاطر التي طالما احاطت بهذه الجماعة، وطالما تمكنت من تخطيها وتذليلها، بقدرة مؤمنيها لا بقدرة زعمائها.


2010-02-10