ارشيف من :أخبار لبنانية
رافي ماديان يتحدث لـ"الانتقاد" عن جورج حاوي المناضل والشهيد
حاوره: حسين عواد
في الذكرى السنوية الثالثة لاغتياله لا تزال شخصية الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني الشهيد جورج حاوي محور جذب وجدل عند الكثير من اللبنانيين، وخصوصاً أن الفريق الحاكم وغداة اغتيال حاوي في 22 حزيران/ يونيو2005 حاول مصادرة تلك الشهادة واستغلالها لمواقع سياسية هي ابعد ما تكون عن خطه ونهجه المقاوم..
شارك حاوي في محاضرتين لكوادر المقاومة الاسلامية حول تجربته النضالية
عنه يقول رافي ماديان (نجل الشهيد) انه ليس شهيد اللحظة السياسية التي نجمت عن القرار 1559، واغتيال الرئيس الحريري وخروج السوريين من لبنان، فهو لا ينتمي لصيف وربيع 2005، إنما هو جزء من تاريخ معاصر للبنان ومن تاريخ حركة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد "إسرائيل"، وكشف أن "هناك محاولات منذ اكثر من سنتين لمصادرة الشهيد جورج حاوي واستغلال شهادته لمصلحة موقع سياسي في السلطة لم يكن الشهيد يوماً ينتمي إليه"، مؤكدا "ان الشهيد لو كان حياً في العام 2006 لكان وقف حتماً الى جانب المقاومة ضد "إسرائيل"، وكان ليُدين موقف الحكومة وتيار السلطة المتخاذل الذي اجتمع وكوندوليزا رايس في السفارة الأميركية اثناء العدوان الإسرائيلي ضد الشعب اللبناني".
كيف تستعيدون اليوم ذكرى الشهيد جورج حاوي؟
ـ نستعيده بألم لا سيما انه بعد مضي ثلاث سنوات من الاغتيال لم تتوصل الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية وجهات التحقيق الدولي إلى نتائج ملموسة تمكننا من معرفة القاتل الحقيقي، ونحن في هذا المجال لا نشك بأن المخابرات الأميركية والإسرائيلية لها الباع الطويل في اغتيال والدنا مهما اختلفت أدوات التنفيذ وهوية المنفذين.
..البعض مصرّ على اتهام سوريا؟
ـ ان الذين يتهمون النظام السوري في عملية الاغتيال او الذين قاموا قبل سنتين تقريباً من القادة الامنين في وزارة الداخلية ومن بعض المسؤولين من مختلف تيارات 14 اذار باتهام النظام الأمني اللبناني السوري المشترك في عملية اغتيال الوالد الشهيد والاغتيالات الاخرى إنما فعلوا ذلك لأهداف سياسية تخدم المخطط الأميركي الإسرائيلي في لبنان والمنطقة لتعميق الصدام اللبناني السوري وضرب اللبنانيين والسوريين على قاعدة التناحر المذهبي والطائفي، هذا الاتهام السياسي ينعكس ايضا في اتهامات القاضي ميليس الذي استند الى نظرية أن النظام السوري هو القاتل وبدأ البحث عن شهود ومبررات تؤكد نظريته السياسية، فيما أصول التحقيق الجنائي والقضائي والعلمي تقتضي التفتيش في كافة الاحتمالات وعن الحقائق والأدلة والقرائن للتوصل للاستنتاج، بينما هؤلاء نجدهم يقفزون فوق البحث الجنائي والقضائي للوصول للاستنتاج مباشرة، ونحن قلنا بضرورة الابتعاد عن التسييس والاستناد إلى الوقائع وعدم استخدام شهادات زور، ولذلك نحن نختلف مع الذين يسيّسون قضية الشهداء ونطالب بالحقيقة العلمية والموضوعية والمستندة إلى تحقيق جنائي وأدلة وشهود.
الاحتفال الذي أقامته قوى السلطة في ذكرى حاوي، هل كان بحجم الشهيد؟
ـ هناك محاولات منذ اكثر من سنتين لمصادرة الشهيد جورج حاوي واستغلال شهادته لمصلحة موقع سياسي في السلطة لم يكن الشهيد يوماً ينتمي إليه، ولا سيما أن الفريق الاكثري الموالي للأميركيين نفذ بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري أجندة أميركية إسرائيلية في لبنان. الشهيد في تاريخ نضاله ولا سيما مقاومة "إسرائيل" والهيمنة الأميركية في المنطقة كان في موقع النقيض، ولقد أعاد بالأمس الرئيس ايلي الفرزلي في مقابلة تلفزيونية التذكير كيف انه شارك الشهيد حاوي في مبادرته قبيل خروج العسكر السوري من لبنان وبعده للتوصل الى مصالحة واتفاق وتسوية بين القيادة السورية وقيادات 14 اذار ومختلف القيادات اللبنانية الأخرى لقطع الطريق على المخطط الأميركي الذي كان يريد تشجيع الصدام اللبناني السوري.
هناك من يسأل: جورج حاوي شهيد من؟
![]() جورج حاوي لا ينتمي لربيع 2005 إنما هو جزء من تاريخ حركة المقاومة ضد إسرائيل |
ألا تخشى ان يذهب دم الشهيد حاوي هدرا بالمعنى السياسي بين هذه الفئة وتلك؟
ـ لا.. الشهيد حاوي ليس شهيد اللحظة السياسية التي نجمت عن القرار 1559، واغتيال الحريري وخروج السوري من لبنان، فهو لا ينتمي لصيف وربيع 2005، إنما هو جزء من تاريخ معاصر للبنان ومن تاريخ حركة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد "إسرائيل" وجزء من تاريخ النضال الوطني في لبنان، ونحن نعتبر ان الذي ناضل ضد المشروع الصهيوني الأميركي في لبنان ربع قرن كان مستهدفاً من قبل هذا العدو، خصوصاً إذا عدنا بالتذكير ان جورج حاوي اشرف مباشرة على مئات العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي.
اليوم في ذكرى الاجتياح وحصار بيروت.. كيف تستعيدون مواقف الشهيد في مواجهة الاحتلال في ظل الحملة التي تتعرض لها المقاومة؟
ـ المعروف ان جورج حاوي وحزبه قاتلوا الغزو الإسرائيلي منذ عام 1978 وقد قاوموا اعتداءاته على قرى الجنوب مطلع السبعينيات، وعشية الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، حيث واجهوا قواته المتقدمة شمالاً باتجاه العاصمة بعد مقتل بشير الجميل.. في تلك في الفترة من العام 1982 أسس جورج حاوي جبهة المقاومة الوطنية التي كانت تتشكل منها القوات الخاصة من الحزب الشيوعي، وبدأت هذه المجموعات عملياتها ضد الجنود الإسرائيليين في بيروت، وأخذت عملياتها تتطور، وقد اشرف حينها جورج حاوي مباشرة على عدد كبير من العمليات في الجبل وجنوب لبنان والبقاع الغربي وشارك في بعض العمليات النوعية، ونفذت جبهة المقاومة ما بين 1982 و1990 أكثر من ألف ومئتي عملية أدت إلى مقتل عشرات الجنود الإسرائيليين، إضافة إلى تنفيذ عمليات ضد المارينز سنة 1983 في منطقة طريق المطار والضاحية الجنوبية، هذا يكفي أن يكون حاوي هدفاً للموساد الإسرائيلي وللمخابرات الأميركية.
.. هذه التجربة في العمل المقاوم كيف نقلها الشهيد الى المقاومين؟
ـ لقد دعت قيادة المقاومة الإسلامية الشهيد حاوي لإلقاء محاضرتين في منطقة ما في الضاحية الجنوبية سنة 2004 شارك فيها عدد كبير من كوادر المقاومة في حزب الله نقل خلالها تجربة الحزب الشيوعي في المقاومة المسلحة ضد "إسرائيل" منذ تجربة قوات الانصار سنة 1969 والحرس الشعبي سنة 1970 مرورا بالاجتياح الإسرائيلي في عام 1978 وصولا لاجتياح 1982 ومرورا ايضا بالمراحل التي تلت هذا الاجتياح، وصولا الى التحرير، ولقد شرح حاوي للمقاومين مختلف التشكيلات العسكرية التي اعتمدها الحزب الشيوعي في استراتيجية حرب العصابات التي طبقها حزب الله بالاستراتيجية نفسها، والتي أدت الى التحرير في ايار 2000 وفي هذا الإطار أشار حاوي حينها إلى الدور التاريخي للتيار الديني في فلسطين والمنطقة ضد المشروع الصهيوني الاستعماري، والى دور التيار الإسلامي الحركي والحسيني الذي شكل رافدا ورافعة أساسية لحركة المقاومة ضد "إسرائيل" على مستوى لبنان والمنطقة، والى دور حزب الله الذي يجسد هذا التاريخ الجهادي، وفي نهاية محاضرته ثمن الدور الأساسي للمقاومة الإسلامية في إنجاز التحرير الكامل للأرض.
.. على مقربة من الذكرى الثانية لعدوان تموز، برأيك لو كان الشهيد حاوي حيا ذكيف كان سيرى الانتصار التاريخي للمقاومة؟
ـ اولاً كان سيقف حتماً الى جانب المقاومة ضد "إسرائيل"، وكان ليُدين موقف الحكومة وتيار السلطة المتخاذل الذي كان اجتمع وكوندوليزا رايس في السفارة الأميركية، تقود العدوان الإسرائيلي ضد الشعب اللبناني.
الانتقاد/ العدد1276 ـ 27 حزيران/ يونيو 2008