ارشيف من :أخبار لبنانية

ساركوزي ينهي الحقبة الشيراكية في زيارته إلى بيروت

ساركوزي ينهي الحقبة الشيراكية في زيارته إلى بيروت
باريس ـ نضال حمادة

يصف النائب الفرنسي عن الحزب الاشتراكي، ورئيس لجنة الصداقة الفرنسية السورية في البرلمان الفرنسي، جيرار بابت، قوى الرابع عشر من آذار بالمجانين. النائب بابت الذي التقته "الانتقاد" قبيل زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لبيروت، يسخر من الفريق اللبناني الحاكم بالقول، لقد كانوا مقتنعين ان الأساطيل الأميركية سوف تأتي لمساعدتهم في حال حصول مواجهة عسكرية بينهم وبين حزب الله. ويؤكد بابت أن البعض من قوى الرابع عشر من آذار، قال له مباشرة إن الجيش الأميركي سوف يقوم بإنزال لقواته في لبنان لمساعدة حلفائه.
ويضيف النائب الفرنسي إن البعض من هؤلاء حدد له مواقع الإنزال  على الشاطئ الممتد من طرابلس إلى جونيه. ويعلق بابت على هذا الكلام بالقول: "هذا جنون، إنهم مجانين حقا وأنصحهم بعدم الاعتماد كثيرا على أميركا، لأنها سوف تلقي بهم خدمة لمصالحها".
أطلت فرنسا من جديد على مسرح الأحداث اللبنانية، عبر الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لبيروت العهد الجديد الذي دشن بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، بعد أزمة طويلة ما كانت لتنتهي، لولا تحرك المعارضة الأخير الذي أعاد الأمور إلى نصابها، عبر اتفاق الدوحة الذي رعته قطر بمباركة عربية وأجنبية واسعة.
ولكن ما الذي دفع الرئيس الفرنسي ساركوزي لزيارة لبنان برفقة وفد حكومي وحزبي كبير؟ أين تكمن المصلحة الفرنسية في كل هذا؟ وماذا عن السياسة الفرنسية ومتغيراتها المرتبطة بالمتغيرات على الساحة اللبنانية؟
هذه الأسئلة مجتمعة تستوقف المراقبين للوضع اللبناني الفرنسي، وتموضع مراكز القوى داخل السلطة الفرنسية، بعد تهميش وزير الخارجية المثير للجدل برنار كوشنير وسحب الملفين اللبناني والسوري من عهدته، وتسليم صلاحيات هذا الملف إلى مستشاري الإيليزيه المباشرين، أمثال جان دافيد ليفيت، والدبلوماسي المخضرم  كلود غيان، والسفير الفرنسي السابق في دمشق ألان روا.
نعود للنائب الفرنسي جيرار بابت الذي يصف زيارة ساركوزي بالدعائية، مع ملاحظة ان هناك أمراً واقعاً جديداً في لبنان لا يمكن تجاهله. وهذا الأمر الواقع يعكس انتصاراً كبيراً لحزب الله والمعارضة، قلب الأمور رأساً على عقب في لبنان. ويوضح بابت أن زيارة الرئيس الفرنسي هي اعتراف صريح بالأمر الواقع الجديد الذي حصل في لبنان بعد أحداث أيار الأخيرة.
أما بخصوص الوفد الكبير فهو يدخل في خطة إعادة التموضع التي ينفذها الرئيس الفرنسي في لبنان، بعد العثرات الكثيرة لوزير خارجيته برنار كوشنير الذي خلط الجد بالهزل، ما جعله محط انتقاد وسخرية وسائل الإعلام في فرنسا وأوروبا.
في السياق أوضحت مصادر فرنسية مطلعة لـ"الانتقاد" أن لفرنسا عموما وللرئيس ساركوزي خصوصا مصلحة كبيرة في هذه الزيارة، وأوضحت المصادر الفرنسية، ان لبنان سوف يكون بوابة العبور التي يمر عبرها قطار التواصل الفرنسي مع كل من إيران وسوريا، مضيفة أن مصلحة ساركوزي تكمن في إحراز نجاح دبلوماسي ما مقابل الفشل السياسي الكبير الذي أصاب سياسته على الصعيدين الداخلي والخارجي، خصوصا بعد تولي قطر حل الأزمة اللبنانية وتولي تركيا مسألة الاتصال بين سوريا وإيران، حيث كانت الدبلوماسية الفرنسية هي التي بدأت بالأمر في مؤتمر سيل سان كلو للحوار اللبناني، فضلا عن فتحها أولى قنوات الاتصال السوري الإسرائيلي بالتوازي مع المؤتمر المذكور. 
المصادر الفرنسية المطلعة تؤكد أن هذه الزيارة تشكل فاتحة عهد جديد في السياسة الفرنسية في منطقة الشرق الأوسط، يكرس فيها ساركوزي القطيعة مع السياسة والأساليب الشيراكية التي خلطت بين المصلحة الشخصية والمصلحة الفرنسية العليا، بما في ذلك تواصل جدي وجديد مع حزب الله ومقاربة أكثر واقعية  لسلاح المقاومة اللبنانية، تختم المصادر الفرنسية كلامها.
الانتقاد/ العدد1271 ـ 10 حزيران/ يونيو 2008
2008-06-09