ارشيف من :أخبار عالمية

الطبيعة: موجات جديدة من الغضب!

الطبيعة: موجات جديدة من الغضب!
كتب عقيل الشيخ حسين

تعرضت فرنسا، خلال الأيام الأخيرة الماضية، لما سمي بـ "ظاهرة عنيفة جداً من العواصف" التي ضربت عدة انحاء من البلاد من بوردو إلى الألزاس مروراً بمنطقة تولوز. وقد أدت الأمطار الغزيرة، وما رافقها من ارتفاع في منسوب الأنهار إلى فيضانات عديدة غطت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ووصلت إلى العديد من المدن والقرى حيث دخلت المياه إلى "كل مكان" على ما ورد في تقارير صحفية. ففي حين كانت مياه الأمطار تتسرب من السطوح، كانت مياه الفيضانات تغطي الشوارع وتجبر السائقين على ترك سياراتهم، وتتدفق إلى الطوابق ما تحت الأرضية والأقبية، حيث سجل غرق رجل مسن في أحدها في مدينة بوردو. كما ترافقت الأمطار مع الصواعق التي أدت إلى احتراق العديد من المنازل والأبنية. وقد سقطت إحدى الصواعق على فندق في ناحية كلينغتال في الألزاس شرقاً وأحدثت فيه فجوة باتساع عشرة أمتار مربعة. كما دخلت المياه إلى أنفاق القطارات وأضيفت إلى انزلاقات الأتربة وانهيار الجسور لتتسبب، في ظل إقفال عدد من محطات القطارات، بتعطيل حركة النقل في العديد من المناطق. وقد سجل خروج أحد القطارات عن سكته بفعل ارتفاع مياه نهر آراتز بالقرب من مدينة تولوز. هذا ويدل عدد تدخلات رجال الإطفاء والإغاثة التي بلغت أكثر من ألف تدخل على مدى اتساع ظاهرة العواصف العنيفة جداً. والجدير بالذكر أن أحد أسباب هذه الظاهرة، على ما يقوله المختصون، هو كثرة الطرق المعبدة التي تتساقط عليها مياه الأمطار قبل أن تجري سريعاً إلى المناطق المنخفضة المحيطة بها. كما أن الطرق الحديثة في الزراعة، حيث تغطى الأراضي بمواد عازلة، لمنع "فوضوية" الأمطار من الإخلال بالطرق "العقلانية" في التحكم بعمليات الري، تسهم بدورها في تكوّن السيول الجارفة وارتفاع منسوب المياه في الأنهار.

هذا في فرنسا، أما في الفيليبين، فقد ضرب إعصار فنغشين خمس مقاطعات في البلاد وحولها إلى مناطق منكوبة، حيث قتل ما يزيد على 150 شخصاً، وتسببت الرياح التي هبت بسرعة وصلت إلى 150 كلم في الساعة باقتلاع الأشجار وسطوح المباني وجرف السيارات وتشريد عشرات الألوف من السكان. لكن الضربة الأكثر إيلاماً هي تلك التي أنزلها الإعصار بعبّارة تحمل اسم "أميرة النجوم" كانت تقل نحو 800 راكب وملاح لم ينج منهم غير سبعة وخمسين. وفي حين اختنق الكثيرون داخل العبّارة، حملت الأمواج العاتية أعداداً كبيرة من الجثث إلى مسافات بعيدة عن المكان الذي غرقت فيه العبارة. وكانت رئيسة الفيليبين، غلوريا آرويو، تقوم في هذه الأثناء بزيارة إلى الولايات المتحدة. ومن هناك، أرسلت "إعصاراً" من التوبيخ إلى المسؤولين عن شرطة خفر السواحل لأنهم لم يمنعوا السفينة من الإبحار في ظل التوقعات السلبية عن حالة الطقس.

الطبيعة: موجات جديدة من الغضب!لكن الوضع لم يكن أفضل حالاً في الولايات المتحدة. فقد شخصت الأبصار إلى السماء، في ولايات الغرب الأوسط الأميركي، خوفاً من هطول أمطار جديدة بعد موجة الأمطار التي ضربتها خلال الأيام القليلة الماضية وأدت إلى فيضانات جارفة في المناطق المحيطة بنهر الميسيسيبي ـ ميسوري. وإذا كان من الصحيح أن منسوب النهر قد عاد إلى الانخفاض قبل وصول الطوفان إلى مدينة سان لويس الواقعة عند ملتقى النهرين في ولاية ميسوري، فقد سجل انهيار أكثر من ثلاثين سداً، وغمرت المياه أكثر من مليوني هكتار في الولايات المجاورة، وأتلفت ثلثي محاصيل الولايات المتحدة من الصويا والذرة، وخصوصاً من القمح في ولاية أيوا المنتج الأول لهذا المحصول في الولايات المتحدة. وقد قدرت الخسائر بمليارات الدولارات. وقال حاكم إنديانا ان الخسائر هي بمليارات الدولارات في ولايته وحدها، مضيفاً بأن ما حدث هو أكبر كارثة تحل بالولاية في تاريخ أميركا. وقد اتصل حكام الولايات المنكوبة بالبيت الأبيض وطالبوا بتعويضات عن الخسائر، وبتخفيضات في حصتهم من الإنفاق على إعادة الإعمار. وقام الرئيس بوش بزيارة المنطقة ووعد بتخصيص مساعدات مالية في حدود أربعة مليارات دولار. ومن المتوقع أن يؤدي التلف الذي لحق بمحاصيل الحبوب في أميركا إلى ارتفاع جديد في الأسعار على مستوى السوق الدولية، وبالتالي إلى مفاقمة أزمة الغذاء التي تكتسح العالم في هذه الآونة.

وإلى جانب الأمطار والفيضانات، كان للولايات المتحدة حصتها من الحرائق التي ضربت مناطق شمال كاليفونيا. فمنذ السبت الماضي، تشهد تلك المنطقة المعروفة بجفافها نشوب مئات الحرائق الناجمة عن تساقط نوع من الصواعق النادرة المعروفة باسم الصواعق الجافة، حيث لا يرافقها سقوط المطر، أو سقوطه بكميات ضئيلة. وقد امتدت نيران أحد الحرائق بسرعة فوق عشرات الكيلومترات المربعة من الأراضي المزروعة، وأخذت بالاقتراب من إحدى المناطق المأهولة. ثم تجددت هذه الصواعق، مساء الثلاثاء الماضي (24/6/2008)، وسقط منها نحو 8000 صاعقة نجم عنها أكثر من 800 حريق.

وبالانتقال إلى الصين التي تشهد فيضانات حالياً في جنوب البلاد، لا تزال منطقة سيشوان تئن تحت آثار الزلزال الذي ضربها في 12 أيار/ مايو الماضي. وآخر الأخبار في هذا المجال، وهو وصول كونداليزا رايس إلى المنطقة للاطلاع على حقيقة الوضع عن كثب، في وقت سجل فيه، منذ الزلزال الأول الذي بلغت قوته 8 درجات على مقياس ريختر، وقوع أكثر من اثني عشر ألف هزة ارتدادية وصلت قوة بعضها إلى 6،9 درجات على المقياس نفسه. وفي هذه الأثناء تم الكشف عن حوالى ألف من المفقودين الجدد ليرتفع عدد ضحايا الزلزال إلى 70 ألف قتيل و18 ألف مفقود وحوالى 400 ألف جريح.
الانتقاد/ العدد1276 ـ 27 حزيران/ يونيو 2008
2008-06-26