ارشيف من :أخبار عالمية
التهدئة صامدة، ومحاولات اسرائيلية بائسة لتحسينها قسراً
كتب يحيى دبوق
حدثان بارزان ما بعد الاعلان عن التهدئة ودخولها حيز التنفيذ، بين حركة حماس والكيان الاسرائيلي، الاول تمثل في الدعم الذي قدمه الجانب المصري لرئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت، واعلانه ربط فتح معبر رفح الحدودي بقضية الجندي الاسير غلعاد شاليط، والثاني تمثل باطلاق حركة الجهاد الاسلامي وابلاً من الصواريخ على مستوطنة سديروت الاسرائيلية، ردا على اغتيال احد كوادرها في الضفة الغربية المحتلة.
في اعقاب الحدثين، برز سؤال لا يمكن تجاهله، هل التهدئة في صدد الوصول الى نهايتها قبل ان تبدأ، وهل انهاء التهدئة او العمل على انهائها، يعني ان الاسرائيلي في صدد تفعيل الخيار العسكري بحجة ان التهدئة لم تعط نتائجها، خاصة انها اتت كخيار اضطراري قام به الاسرائيلي على مضض.
بالطبع يمكن المسارعة والقول ان الظروف التي دفعت اسرائيل الى اقرار التهدئة، بصيغتها الحالية، هي نفسها الظروف القائمة حاليا والتي يقدر ان تستمر الى فترة اخرى، وبالتالي من الصعب التصور ان الخيار العسكري عاد وطرح على بساط البحث الاسرائيلي تمهيدا لتفعيله والبحث عن طريقة لانهاء التهدئة اسرائيليا، ليصار الى العمل به.
من ناحية اخرى، لا يبعد ان تكون الحركة الاسرائيلية، بمعية مصرية، هي محاولة لاقرار قسري لبنود الحاقية على التهدئة المعلنة، والتي لم تستطع اسرائيل ان تدرجها فيها، بشكل يربط بين الحصار (اغلاق معبر رفح) وشروط تبادل الاسرى مع الفلسطينيين، اضافة الى اعادة التأكيد على فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، بما خص التهدئة، والذي ترفضه حركة الجهاد الاسلامي تحديدا.
في مسألة الجهاد الاسلامي، يعتبر الرد بالصواريخ ضرورة دفاعية وردعية في آن معا، لا بد ان تفيد الحركة وتدفع جيش الاحتلال الى اعادة حساباته، في كل مرة ينوي فيها الاقدام على اغتيالات في الضفة الغربية، خاصة اذا ما تفهمت حركة حماس دوافع حركة الجهاد الاسلامي وعدم قدرتها على ترك اسرائيل تنفرد بها بعيدا عن الفصائل الفلسطينية الاخرى، خاصة ان لحماس مقدرة على ذلك، وبالاخص بعد اغلاق معبر رفح باعتباره خرقا لاتفاق التهدئة.
بالتأكيد يعتبر الاعلان المصري، اثر زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية الى القاهرة، بمثابة دعم معنوي لوضع اولمرت السياسي والتفاوضي مع حماس، وهو يشير الى تأكيد تموضع مصري بعيدا عن حركة حماس في المفاوضات الدائرة لتبادل الاسير الاسرائيلي شاليط، والاصرار على السلة المطلوبة من الحركة، والمتمثلة في 450 اسيرا فلسطينيا لقاء اطلاقه.
وبالطبع، ايضا، كان لاولمرت فرصة استغلال الاعلان المصري في الكنيست الاسرائيلي، لاظهار نفع اسرائيلي من التهدئة ومن التموضع المصري فيها، اذ اشار الى ان مصر "ستقوم بدور مهم في القضية"، وقد بانت بشكل اساسي في اغلاق معبر رفح، بانتظار خطوات مصرية واسرائيلية لاحقة..
هل يستطيع الاسرائيلي (والمصري)، ان يلحق بنود اضافية باتفاق التهدئة بالرغم عن حركة حماس؟. سؤال يوجه بالاساس الى حركة حماس، ومدى قدرتها على المناورة من خلال التهدئة وايجاد معادلات جديدة، كما فعل الاسرائيلي والمصري، يلزم الجهة المقابلة على التراجع، علما ان اجراء اقفال المعبر هو حركة ضغط ليس الا، تهدف الى تحسين موقع في المفاوضات الدائرة، ولا ينقص الفلسطينيين الصبر المطلوب لاحباط المسعى الاسرائيلي، بعد شهور من الضغوط الاسرائيلية والمصرية.
اخيرا، من المفيد العودة الى الحراك الاسرائيلي في صفقة تبادل الاسرى مع حزب الله، والمناورة المفضوحة وغير المدروسة لعرقلة الصفقة من قبل اولمرت، التي اظهرت مدى "سذاجة" التفكير لديه ولدى مستشاريه، وامام كل خطوة ارتجالية غير مدروسة، تراجع كبير لا يعيد الاسرائيلي الى المربع الابتدائي الذي انتقل منه، بل الى مربعات تراجعية اكثر، وقد يكون في اقفال معبر رفح وربطه بغلعاد شاليط، اجراء اكبر من قدرة المصريين على تحمله.. وقادم الايام سيكشف ذلك، بعد الاقدام على خطوة تراجعية في هذا الشأن.
الانتقاد/ العدد1276 ـ 27 حزيران/ يونيو 2008