ارشيف من :أخبار لبنانية
معرض "المونة" والمنتجات الزراعية والحرفية لجهاد البناء
كتب حسين عواد
نزلت القرية إلى المدينة، وتكدست خيراتها، في مساحة صغيرة حملت في طياتها الكثير من الحنين الى الأرض، والى أصحابها ممن ذرفوا عرقاً سخياً، وجهداً مضنياً، فكان أن أنتجوا لنا سلعاً غذائية، وفرشوها أمام عيوننا في معرض "أرضي" في مجمع سيد الشهداء(ع) الذي يضم المونة والمنتجات الزراعية والحرفية، وتنظمه مؤسسة جهاد البناء على عادتها في كل عام..
تحتار أنت الزائر لمعرض "أرضي" من أين تبدأ رحلتك، في هذا البستان أو القرية الكبيرة التي حوت كل ما صنعته السواعد.. المحلية مئة في المئة، وببصمات قروية اقل ما يقال عنها "رزق الله على البلدي..". تحاول ان تشق طريقك بين جموع الناس الذين يتوافدون الى المجمّع بقصد التفرج والتموين حيث النكهة البلدية للمنتجات الزراعية المعروضة تفوح في ارجاء المكان. تجوب بناظريك على الـ"ستاندات" التي توزعت على مساحة 6 الاف متر مربع تحمل من "أثقال" ما يكفي لسلع غذائية تزيد عن 4000 الاف سلعة، وما يشبع ناظريك بما لذ وطاب من خيرات انتجتها القرى اللبنانية من الجنوب الى البقاع إلى الجبل والشمال.
.. خلف "ستاند" تقف امرأة خمسينية تفتخر بمنتجاتها من "المكدوس" واللبنة البلدية والكشك، والزيتون البلدي، وهو افتخار نابع من كونها وبمجهود منفرد صنعت على مدار السنة منتجاتها تحضيراً لهذا اليوم الموعود.
في صدارة المعرض تنشغل "ام قاسم المقداد"، وهي القادمة من لاسا في جرود جبيل في الإجابة عن أسئلة الزوار الذين اصطفوا قبالتها لسؤالها عن كيفية تحضير هذه السلعة أو تلك، فتجيب ويداها لا تتوانيان عن ترتيب بعض السلع، تحيب سائليها عن كل ما يخطر ببالهم دون أن تُشعرهم بحراجة وقتها.. أما أسئلتهم فكثيرة.. برغم ضيق وقتها.
هنا لافتة ذيلت بعبارة "تجمَع النهضة النسائية"، وتجلس تحتها مجموعة من النساء يرحبن بك بعبارة "مية أهلا وسهلا".. كانت كافية لـ"تفتح الطريق" أمام الحديث عن ماهية البضائع التي يعرضونها، فـ"سناء رشيد" مثلاً المسؤولة عن المنصة تكرر على مسامعنا شكرها لجهاد البناء لإفساح المجال أمام أعمالهن الحرفية، وقد وطدت النفس ان تعيد الكرّة في السنة القادمة، "لما للمعرض من أهمية استثنائية قلما نجدها في أمكنة أخرى في هذه الجمهورية اللبنانية".
قاسم مشترك واحد.. يمكن لزائر "أرضي" ان يخرج به من جولته السريعة، هو ان معظم زائري المعرض تكبلهم الضائقة الاقتصادية، ولكن مع ذلك يقتطعون بعضاً من أموالهم لشراء سلع هي "بلدية مئة في المئة" على ما تقوله "ليونار معوض" الآتية من أقصى الشمال، وتحديدا من زغرتا الزاوية، فيما جارتها "رنا الزهران" من راشيا الفخار تبرر ارتفاع السلع الحرفية التي تعرضها بالمجهود الفردي المبذول، ولأن "هكذا سلع تحتاج الى وقت مضن ودقيق، وهي أصلا تقع تحت باب الزينة للمنازل".
أينما سقط نظرك تجد ما يدفعك إلى السؤال، ولكن من قبيل التزود بالمعلومة، على قاعدة ان الفرصة لن تأتيك إلا مرة في السنة، لا سيما ان مؤسسة جهاد البناء مددت المعرض عددا من الايام، فبدلا من أسبوع كما كان في العام الفائت يمتد هذا العام لعشرة أيام.
"منتوجات بيتنا" تتصدر أحد "الستنادات"، وقد بسطت عليها مجموعة شراشف مطرزة، من نوع لا يفقهه إلا من يبتاعها، والى جانبها بعض من مربيات المنازل. تحاول السيدة أن تقرن الكلام المدون على اللافتة بالفعل فتدعونا الى التذوق من مربى البلح، والسفرجل، وأمام مشهده الشهي لا مجال للتردد...
المرأة المسنة التي يتكدس أمامها البرغل والكشك و"تحويجة الكبي" والزعتر، وخلافه، هي كمثيلاتها من النسوة اللواتي يعتبرن ان "الغرض" الذي لا يباع في المعرض فسيباع في المنزل بعدما بات لكل جمعية أو منتح زبائنه الذين يقصدونه للشراء، أما السلع التي لا يخشى على فسادها فيمكن ان تبقى الى العام القادم، علماً أن الكثير من هذه المنتجات تزيد جودتها مع تخزينها كالخل مثلا، وبالتالي لا ضير من عرضه مرة اخرى على ما تقول الحاجة حياة هاشم من بلدة جبشيت.

الصور لـ: عصام قبيسي
الانتقاد/ العدد1313 ـ 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
نزلت القرية إلى المدينة، وتكدست خيراتها، في مساحة صغيرة حملت في طياتها الكثير من الحنين الى الأرض، والى أصحابها ممن ذرفوا عرقاً سخياً، وجهداً مضنياً، فكان أن أنتجوا لنا سلعاً غذائية، وفرشوها أمام عيوننا في معرض "أرضي" في مجمع سيد الشهداء(ع) الذي يضم المونة والمنتجات الزراعية والحرفية، وتنظمه مؤسسة جهاد البناء على عادتها في كل عام..تحتار أنت الزائر لمعرض "أرضي" من أين تبدأ رحلتك، في هذا البستان أو القرية الكبيرة التي حوت كل ما صنعته السواعد.. المحلية مئة في المئة، وببصمات قروية اقل ما يقال عنها "رزق الله على البلدي..". تحاول ان تشق طريقك بين جموع الناس الذين يتوافدون الى المجمّع بقصد التفرج والتموين حيث النكهة البلدية للمنتجات الزراعية المعروضة تفوح في ارجاء المكان. تجوب بناظريك على الـ"ستاندات" التي توزعت على مساحة 6 الاف متر مربع تحمل من "أثقال" ما يكفي لسلع غذائية تزيد عن 4000 الاف سلعة، وما يشبع ناظريك بما لذ وطاب من خيرات انتجتها القرى اللبنانية من الجنوب الى البقاع إلى الجبل والشمال.
.. خلف "ستاند" تقف امرأة خمسينية تفتخر بمنتجاتها من "المكدوس" واللبنة البلدية والكشك، والزيتون البلدي، وهو افتخار نابع من كونها وبمجهود منفرد صنعت على مدار السنة منتجاتها تحضيراً لهذا اليوم الموعود.
في صدارة المعرض تنشغل "ام قاسم المقداد"، وهي القادمة من لاسا في جرود جبيل في الإجابة عن أسئلة الزوار الذين اصطفوا قبالتها لسؤالها عن كيفية تحضير هذه السلعة أو تلك، فتجيب ويداها لا تتوانيان عن ترتيب بعض السلع، تحيب سائليها عن كل ما يخطر ببالهم دون أن تُشعرهم بحراجة وقتها.. أما أسئلتهم فكثيرة.. برغم ضيق وقتها.
مدير المعرض على هامش الجولة التقت "الانتقاد" مدير المعرض المهندس محمد الحاج الذي لفت الى "أن المعرض ضم هذا العام نحو 4400 بين جمعية وتعاونية وفرد، وتوزعت سلعهم بين زراعية وحرفية، أي بما يوازي 300 الف سلعة غذائية وحرفية"، ويقول: "ان المعرض زاد عن السنة الماضية بما يقارب 113 عارضا".ويضيف: "ان بعض طالبي عرض منتجاتهم لم يتسنّ لهم المشاركة في المعرض نظراً لضيق المكان بالرغم من ضخامته، وهم بمعظمهم من يعملون في المجال الحرفي". وعن عدد الزوار يقول الحاج انه بلغ حتى اليوم 6 آلاف زائر ونتوقع ان يصل إلى عشرة آلاف زائر عند الختام، وخصوصً أن المعرض يضم أنشطة لطلاب المدارس من مختلف المناطق اللبنانية". وماذا عن الأهداف المباشرة من قيام هكذا معارض، يقول الحاج: "أولاً تعزيز ثقافة الإنتاج لا ثقافة الاستهلاك، تشجيع العمل في القرى النائية، تثبيت الناس بأرضهم، خلق فرص عمل تضفي دينامكية جديدة على حياة القرويين". وعن تحضيراتهم للسنة القادمة، يشير الحاج الى ان هناك جملة افكار ستكون قيد الدرس منها: "ايجاد تسهيلات لوصول الزائرين مثل مرأب للسيارات، امكانية قيام معارض متنقلة في المناطق، الفصل بن السلع الحرفية والغذائية، ربما إقامة معارض خارج لبنان ما يعزز الفكرة الأساسية وهي التركيز على ثقافة الانتاج". |
قاسم مشترك واحد.. يمكن لزائر "أرضي" ان يخرج به من جولته السريعة، هو ان معظم زائري المعرض تكبلهم الضائقة الاقتصادية، ولكن مع ذلك يقتطعون بعضاً من أموالهم لشراء سلع هي "بلدية مئة في المئة" على ما تقوله "ليونار معوض" الآتية من أقصى الشمال، وتحديدا من زغرتا الزاوية، فيما جارتها "رنا الزهران" من راشيا الفخار تبرر ارتفاع السلع الحرفية التي تعرضها بالمجهود الفردي المبذول، ولأن "هكذا سلع تحتاج الى وقت مضن ودقيق، وهي أصلا تقع تحت باب الزينة للمنازل".
أينما سقط نظرك تجد ما يدفعك إلى السؤال، ولكن من قبيل التزود بالمعلومة، على قاعدة ان الفرصة لن تأتيك إلا مرة في السنة، لا سيما ان مؤسسة جهاد البناء مددت المعرض عددا من الايام، فبدلا من أسبوع كما كان في العام الفائت يمتد هذا العام لعشرة أيام.
"منتوجات بيتنا" تتصدر أحد "الستنادات"، وقد بسطت عليها مجموعة شراشف مطرزة، من نوع لا يفقهه إلا من يبتاعها، والى جانبها بعض من مربيات المنازل. تحاول السيدة أن تقرن الكلام المدون على اللافتة بالفعل فتدعونا الى التذوق من مربى البلح، والسفرجل، وأمام مشهده الشهي لا مجال للتردد...
المرأة المسنة التي يتكدس أمامها البرغل والكشك و"تحويجة الكبي" والزعتر، وخلافه، هي كمثيلاتها من النسوة اللواتي يعتبرن ان "الغرض" الذي لا يباع في المعرض فسيباع في المنزل بعدما بات لكل جمعية أو منتح زبائنه الذين يقصدونه للشراء، أما السلع التي لا يخشى على فسادها فيمكن ان تبقى الى العام القادم، علماً أن الكثير من هذه المنتجات تزيد جودتها مع تخزينها كالخل مثلا، وبالتالي لا ضير من عرضه مرة اخرى على ما تقول الحاجة حياة هاشم من بلدة جبشيت.

أصناف طبيعية
الانتقاد/ العدد1313 ـ 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018
على هامش الجولة التقت "الانتقاد" مدير المعرض المهندس محمد الحاج الذي لفت الى "أن المعرض ضم هذا العام نحو 4400 بين جمعية وتعاونية وفرد، وتوزعت سلعهم بين زراعية وحرفية، أي بما يوازي 300 الف سلعة غذائية وحرفية"، ويقول: "ان المعرض زاد عن السنة الماضية بما يقارب 113 عارضا".