ارشيف من :آراء وتحليلات
اغتيال محمود المبحوح بين الحدث وتوظيفات الحدث

عقيل الشيخ حسين
أشكال الحرب متعددة، والاغتيالات شكل من هذه الأشكال. ولـ "إسرائيل"، في إطار تاريخها العدواني المعروف، تاريخ حافل بالاغتيالات التي طالت الكثير جداً من المناضلين الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، وشملت زعماء دول كبرى "صديقة" وذات فضل كبير على "إسرائيل". ومن هذه الفئة الأخيرة من اغتالتهم سياسياً، ومنهم من اغتالته قتلاً بالسم أو بالأسلحة النارية.
ولو صنف اغتيال القيادي في حماس، محمود المبحوح" في خانة الاغتيالات التي نفذها الموساد أو غيره من الأجهزة الإسرائيلية وغيرها، لاعتبر ذلك أمراً عادياً وبديهياً تماماً. لكن الحشد الكبير من الإشكاليات التي أثارها الحدث يشير إلى أن المقصود لا يقف عند حدود الحدث بل يتجاوزه إلى التوظيف السياسي الواسع في الحدث.
التساؤلات والفرضيات التي ظهرت حتى الآن، والوقائع التي تمت مأسستها حتى الآن، هي من الكثرة بحيث تستدعى ملاحقتها وتفسيرها جيوشاً من المحققين. مع العلم المسبق بأن الحقيقة لن تعرف "بكاملها" على ما أشار إليه أكثر من مراقب غربي.
ومنذ عملية الاغتيال التي تمت منذ شهر كامل، لم يمر يوم دون "اكتشاف" وقائع جديدة وأعداداً جديدة من الأشخاص ذوي الصلة بالعملية. وهنالك من يبشر بأن الأيام القادمة ستكشف عن معطيات جديدة.
كل شيء يجري كما ولو أن المقصود، أي التوظيف في الحدث، يراد له، في جملة التوظيفات، أن يتحول إلى مادة لتشتيت الانتباه الفلسطيني والعربي عن لب القضية من خلال المقولات عن مسؤولية أو عدم مسؤولية الموساد، وعن إقالة أو عدم إقالة المسؤول عن هذا الجهاز، وعن مدى الإرباك الذي تعيشه حكومة نتنياهو، وعن الأصوات الإسرائيلية التي ارتفعت لتدين عمليات القتل التي يلجأ إليها الموساد، في محاولة للإيحاء بملائكية "إسرائيل". وعن التداعيات الدبلوماسية الناشئة عن غضب البلدان الأوروبية إزاء استخدام أو تزوير جوازات صادرة عن سلطاتها من قبل العملاء الإسرائيليين. وخصوصاً عن الاتهامات والاتهامات المتبادلة عن ضلوع جهات فلسطينية وعربية، من الصفين المتضادين، في عملية الاغتيال.
وبعيداً عن التفاصيل الممكنة وغير الممكنة، هنالك جملة وقائع يمكن على ضوئها تكوين فهم إجمالي لعملية الاغتيال وأهدافها.
منها أن العملية هي من نوع العمليات التي تكاثرت خلال السنوات الماضية والتي استهدفت رموزاً من أوزان ثقيلة لأغراض فتنوية واضحة. إضافة إلى الكلام عن تورط السلطة الفلسطينية، ظهر كلام يوحي بأن ضابطاً من حماس نفسها متورط... دون الإشارة إلى أن هذا الضابط هرب من غزة بعد انكشاف علاقته بالموساد.
ومنها أن طابع "العالمية" الذي يلصق، أو يتوخى إلصاقه، بالحروب التي تشن على المنطقة في هذه الأيام (التحالفات الدولية والإقليمية في الحربين على العراق وأفغانستان، وفي التحشيد على إيران لجهة برنامجها النووي)، يتجلى بشكل كاريكاتوري في هذا العدد الكبير من منفذي العملية الذين يحملون جوازات سفر، صحيحة أو مزورة، صادرة عن سلطات عدد غير قليل من البلدان الأوروبية.
المريب في الأمر هو خلو الفريق "العالمي" من أميركيين أو كنديين... في وقت انسدت فيه آفاق المفاوضات في ظل راعيها الأميركي الأوحد. وفي وقت بلغت فيه الضجيج حول عملية الاغتيال أوجه مع جولة كلينتون الفتنوية في الخليج.
ومنها ارتفاع منسوب الاغتيالات تحديداً في الإمارات التي توجه إليها تهم من نوع قلة الناجعية الأمنية، أو حتى التواطؤ، فيما يتعلق بتواجد عناصر للقاعدة فوق أراضيها، مما لا يمكن تفسيره بغير الضغط عليها وعلى جاراتها الخليجيات باتجاه الانخراط في المزيد من المشاريع العسكرية الأميركية ضد إيران.
وقد لوحظ ارتفاع منسوب الحساسية الرسمية الإماراتية من خلال ما قدم على أنه فتح كبير في مجال المراقبة بالفيديو والكشف بتقنيات أوروبية عالية على جوازات السفر، وهو الأمر الذي قال عنه مراقبون غربيون بأنه دعاية لا أقل ولا أكثر.
وهنا لا بد من التساؤل ـ في جو التفاخر بقدرة الكاميرات على مراقبة المنفذين خطوة بخطوة وثانية بثانية ـ حول السبب في الاقتصار على المراقبة الدقيقة وعدم التدخل قبل أوحين شروع المنفذين بالتنفيذ ؟ وحول مغادرة المنفذين للأراضي الإماراتية، بعد مرور ساعات طويلة على تنفيذ العملية، دون أن يرشقهم أحد بباقة ورد.
عملية كمثيلاتها فيها، على ما تدل الشواهد، أيد وأرجل كثيرة، ويراد لها أن تحاط بالكثير من اللغط والغموض لأسباب واضحة الصلة بالفتنة والفوضى البناءة. لكن كثرة الضباب لا تحجب الواقع المتمثل، بعيداً عن أشكال التلبيس والتدليس، بوجود معسكرين متناحرين في المنطقة. أميركي ـ إسرائيلي، من جهة، ومقاوم ووممانع من جهة ثانية. وبينهما اعتدال كل التطورات تشير إلى أن هنالك من يدفعه بشدة، فوق اندفاعه الأصلي، إلى التخلي عن اعتداله، نحو تطرف انخراطي في المعسكر الأول. أي نحو التحول بكليته إلى وقود في حرب يهاب المعسكر الأول خوض غمارها.
أشكال الحرب متعددة، والاغتيالات شكل من هذه الأشكال. ولـ "إسرائيل"، في إطار تاريخها العدواني المعروف، تاريخ حافل بالاغتيالات التي طالت الكثير جداً من المناضلين الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، وشملت زعماء دول كبرى "صديقة" وذات فضل كبير على "إسرائيل". ومن هذه الفئة الأخيرة من اغتالتهم سياسياً، ومنهم من اغتالته قتلاً بالسم أو بالأسلحة النارية.
ولو صنف اغتيال القيادي في حماس، محمود المبحوح" في خانة الاغتيالات التي نفذها الموساد أو غيره من الأجهزة الإسرائيلية وغيرها، لاعتبر ذلك أمراً عادياً وبديهياً تماماً. لكن الحشد الكبير من الإشكاليات التي أثارها الحدث يشير إلى أن المقصود لا يقف عند حدود الحدث بل يتجاوزه إلى التوظيف السياسي الواسع في الحدث.
التساؤلات والفرضيات التي ظهرت حتى الآن، والوقائع التي تمت مأسستها حتى الآن، هي من الكثرة بحيث تستدعى ملاحقتها وتفسيرها جيوشاً من المحققين. مع العلم المسبق بأن الحقيقة لن تعرف "بكاملها" على ما أشار إليه أكثر من مراقب غربي.
ومنذ عملية الاغتيال التي تمت منذ شهر كامل، لم يمر يوم دون "اكتشاف" وقائع جديدة وأعداداً جديدة من الأشخاص ذوي الصلة بالعملية. وهنالك من يبشر بأن الأيام القادمة ستكشف عن معطيات جديدة.
كل شيء يجري كما ولو أن المقصود، أي التوظيف في الحدث، يراد له، في جملة التوظيفات، أن يتحول إلى مادة لتشتيت الانتباه الفلسطيني والعربي عن لب القضية من خلال المقولات عن مسؤولية أو عدم مسؤولية الموساد، وعن إقالة أو عدم إقالة المسؤول عن هذا الجهاز، وعن مدى الإرباك الذي تعيشه حكومة نتنياهو، وعن الأصوات الإسرائيلية التي ارتفعت لتدين عمليات القتل التي يلجأ إليها الموساد، في محاولة للإيحاء بملائكية "إسرائيل". وعن التداعيات الدبلوماسية الناشئة عن غضب البلدان الأوروبية إزاء استخدام أو تزوير جوازات صادرة عن سلطاتها من قبل العملاء الإسرائيليين. وخصوصاً عن الاتهامات والاتهامات المتبادلة عن ضلوع جهات فلسطينية وعربية، من الصفين المتضادين، في عملية الاغتيال.
وبعيداً عن التفاصيل الممكنة وغير الممكنة، هنالك جملة وقائع يمكن على ضوئها تكوين فهم إجمالي لعملية الاغتيال وأهدافها.
منها أن العملية هي من نوع العمليات التي تكاثرت خلال السنوات الماضية والتي استهدفت رموزاً من أوزان ثقيلة لأغراض فتنوية واضحة. إضافة إلى الكلام عن تورط السلطة الفلسطينية، ظهر كلام يوحي بأن ضابطاً من حماس نفسها متورط... دون الإشارة إلى أن هذا الضابط هرب من غزة بعد انكشاف علاقته بالموساد.
ومنها أن طابع "العالمية" الذي يلصق، أو يتوخى إلصاقه، بالحروب التي تشن على المنطقة في هذه الأيام (التحالفات الدولية والإقليمية في الحربين على العراق وأفغانستان، وفي التحشيد على إيران لجهة برنامجها النووي)، يتجلى بشكل كاريكاتوري في هذا العدد الكبير من منفذي العملية الذين يحملون جوازات سفر، صحيحة أو مزورة، صادرة عن سلطات عدد غير قليل من البلدان الأوروبية.
المريب في الأمر هو خلو الفريق "العالمي" من أميركيين أو كنديين... في وقت انسدت فيه آفاق المفاوضات في ظل راعيها الأميركي الأوحد. وفي وقت بلغت فيه الضجيج حول عملية الاغتيال أوجه مع جولة كلينتون الفتنوية في الخليج.
ومنها ارتفاع منسوب الاغتيالات تحديداً في الإمارات التي توجه إليها تهم من نوع قلة الناجعية الأمنية، أو حتى التواطؤ، فيما يتعلق بتواجد عناصر للقاعدة فوق أراضيها، مما لا يمكن تفسيره بغير الضغط عليها وعلى جاراتها الخليجيات باتجاه الانخراط في المزيد من المشاريع العسكرية الأميركية ضد إيران.
وقد لوحظ ارتفاع منسوب الحساسية الرسمية الإماراتية من خلال ما قدم على أنه فتح كبير في مجال المراقبة بالفيديو والكشف بتقنيات أوروبية عالية على جوازات السفر، وهو الأمر الذي قال عنه مراقبون غربيون بأنه دعاية لا أقل ولا أكثر.
وهنا لا بد من التساؤل ـ في جو التفاخر بقدرة الكاميرات على مراقبة المنفذين خطوة بخطوة وثانية بثانية ـ حول السبب في الاقتصار على المراقبة الدقيقة وعدم التدخل قبل أوحين شروع المنفذين بالتنفيذ ؟ وحول مغادرة المنفذين للأراضي الإماراتية، بعد مرور ساعات طويلة على تنفيذ العملية، دون أن يرشقهم أحد بباقة ورد.
عملية كمثيلاتها فيها، على ما تدل الشواهد، أيد وأرجل كثيرة، ويراد لها أن تحاط بالكثير من اللغط والغموض لأسباب واضحة الصلة بالفتنة والفوضى البناءة. لكن كثرة الضباب لا تحجب الواقع المتمثل، بعيداً عن أشكال التلبيس والتدليس، بوجود معسكرين متناحرين في المنطقة. أميركي ـ إسرائيلي، من جهة، ومقاوم ووممانع من جهة ثانية. وبينهما اعتدال كل التطورات تشير إلى أن هنالك من يدفعه بشدة، فوق اندفاعه الأصلي، إلى التخلي عن اعتداله، نحو تطرف انخراطي في المعسكر الأول. أي نحو التحول بكليته إلى وقود في حرب يهاب المعسكر الأول خوض غمارها.