ارشيف من :أخبار لبنانية

حكومة "الانماء والتطوير" في مئة يوم

حكومة "الانماء والتطوير" في مئة يوم
لِمَ الترويج لتبديل وزاري وشيك يستهدف وزراء المعارضة؟!

 

سركيس أبو زيد


مع إقتراب إكتمال الايام المئة من عمر حكومة "الانماء والتطوير"، وهي المهلة المتعارف عليها انها فترة سماح لأي حكومة او إدارة رئاسية، قبل خوض القوى السياسية في مناقشة ادائها وتقويم سياساتها، تحفل الاوساط السياسية والحكومية بتقويمات شتى لأداء الحكومة تصب في نهاية المطاف في خانة تصويرها على ان شللا ما يصيبها في الشكل وفي المضمون يؤخر تنفيذ الرؤوية التي وضعتها رئاسة الحكومة.
احد هذه التقويمات بات يتحدث عن ضرورة اجراء تغيير او تبديل حكومي جزئي يطال عدد من الوزراء الذين لم يكونوا على قدر الآمال التي ساورت مرجعياتهم السياسية وتسببوا بمجموعة اخطاء وارباكات وتغاضوا او تخلّفوا عن مواكبة الاداء الذي رسمته رئاسة الحكومة ولا سيما في المجالات التي تعنى لإهتمامات واولويات المواطنين.
حقيقة الامر ان هذا التقويم معطوفا على الانتقادات التي طالت اداء وزراء محسوبين على قوى الثامن من آذار، تقف وراءه قوى في الرابع عشر من آذار، لم تهضم بعد صيغة التوافق اللبناني الدقيق الذي انتج حكومة الشراكة ووأد محاولات هذا الفريق تشكيل ما يسميه حكومة اكثرية، وهي وجه آخر لحكومة الاستئثار والتسلط الذي يريده تحت شعار احترام نتائج الانتخابات النيابية.
ويشير كثر من المراقبين ان هؤلاء الممتعضين من حكومة الشراكة كانوا حاججوا قبل تشكيلها ان اي ائتلاف حكومة وسياسي سؤدي حكما الى قيام حكومة مشلولة غير قادرة على الحكم ومحكومة بمجموعة من التوزنات السياسية المحلية والاقليمية، وتاليا كان في اعتقاد هؤلاء ان حكومة متجانسة هي وحدها القادرة على الاضطلاع بقيادة البلد نحو رؤية سياسية واقتصادية موحّدة ومنتظمة ضمن السياسات التي اتُبعت على امتداد العقد ونصف العقد الفائت، وهي الوحيدة التي من شأنها تقديم خطط انقاذ لما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ويرى هؤلاء المراقبين ان هذه العقلية التي تتحكم ببعض قوى الرابع عشر من آذار لا تزال على حالها على رغم قيام حكومة الشراكة، وهي تركّز راهنا على ما تسميه شللا في الاداء الحكومي لتنفذ منه نحو المطالبة بإجراء تبديل حكومي او تعديل جزئي في بعض الوزراءات ولا سيما منها ذات الطابع الخدماتي، وذلك كبديل عن تغيير حكومي شامل تبغيه هذه القوى، لكنها صرفت النظر عنه نتيجة ادراكها ان الظروف الراهنة والتوازنات والتفاهمات العربية والاقليمية، لا تسمح بإجراء مماثل. وحددت هذه القوى بداية الصيف موعدا محتملا لهذا التبديل الحكومي المحدود.
ويشير المراقبون الى ان الفريق المنظّر لهذا الاجراء فاتته معطيات كثيرة، منها ان قوى الثامن من آذار غير مستعدة اصلا لمقايضة الوزارات التي حصّلتها، وخصوصا الخدماتية، وهي استطرادا راضية تمام الرضى عن الخيارات التي قادت عددا من الوزراء الاصلاحيين الى تبوء وزارات تحتاج الى قرارات اصلاحية جذرية لبدء معالجة طويلة الامد لملفات حساسة تطال الامن الاجتماعي للبنانيين. كما ان هؤلاء الوزراء الاصلاحيين اثبتوا جدارة في الايام المئة التي مرّت على الحكومة بشهادة رئيس الحكومة شخصيا الذي عبّر في مناسبات كثيرة عن اعجابه بأداء وزراء المعارضة وتفاجئه بأن الحقيقة غير ما صُور له عن هؤلاء الوزراء.
ويؤكد المراقبون ان الحديث الواهم عن اي حكومة الائتلاف غير قادرة على الانتاج ومحكومة سلفا بالفشل، انما اثبتت الحكومة السابقة عدم واقعيته، نظرا الى انها راكمت في سجلها، على رغم انها جاءت وليدة انقسام سياسي حاد سببه الخامس من ايار 2008، الكثير من الانجازات وخصوصا تلك التي طالت الفئات الشعبية وحملت اليها بعض الاطمئنان الضريبي والتشريعي، وتاليا تسقط هذه التراكمات الايجابية ذريعة الشلل الذي تأتي به حكومة ائتلافية، وتفترض بالمسؤولين الحكوميين حسم مواقفهم مما يشيَّع في محيطهم، وهو ما من شأنه التأثير سلبا على الاداء الحكومي، وخصوصا ان البعض باتت يمتهن شل اداء الوزارات والادارات لغرض اثبات وجهة نظره حتى لو تسبب كل ذلك بأذى كبير وخطر.

2010-02-24