ارشيف من :آراء وتحليلات
على العهد: يوم الشهيد، أبد الأمة

كتب إبراهيم الموسوي
ليس كمثل الشهادة ما ينعش روح الأمة، يبلسم جراحاتها، يبرئ كلومها، ويرفع راية مجدها عالية لتتسنّم الأفق، وليس كمثل الشهداء من يستحق أن يحتفى بهم، يكون الشهداء دوماً في غاية التمييز في حياتهم، وتكون مسيرة حياتهم مليئة بالكرامات والمآثر، حتى لتخال الواحد منهم يقبض بأنامل روحه على سفر كوني يملأ أوراقه بسطور الإشراق والبذل والعطاء.
الشهداء هم عظماء هذه الأمة، وصانعو عزها ومجدها، ليس في ذلك أدنى شك، لكن المؤسف أن الشهيد إنما يُعرف حقيقة المعرفة عند اكتمال العروج ومغادرته الأبدية، هي مغادرة دون غياب، مغادرة كأنها اكتمال الحضور، وإشراق النور كما احتجاب الشمس عن الأنظار دون أن تحبس نورها عن الإشعاع، لا تحجب الغيمة إلا قرص الشمس، لكنها لا تخفي نورها، بل يبقى نورها مشرقاً في السماوات والأرضين، كذا الشهداء فإنهم لا ينسون أبداً لأنهم لا يختفون، بل إنهم يصنعون بشهادتهم حضورهم الأبدي الذي لا يزول ما دامت السماوات والأرض.
يوم الشهيد، دعوة مفتوحة للتأمل في أعمق معاني الشهادة وأرفع معاني التضحية، وأسمى مآثر البذل والعطاء، يوم الشهيد محطة مفصلية روحية روحانية، لا نستحضرها لنستذكر أحبةً غابوا وما غابوا، ولكن لنتزود طاقة روحية ومدداً غيبياً، ورضىً ونورانية إلهييين يشرقان في الحياة توفيقاً، وفي النفس رضىً، وفي الأمة أماناً وسكينة وطمأنينة.
يوم الشهيد، يوم الانعتاق الكامل من حسابات المادة، وبهرجة المعقّد، يوم الالتصاق بالجوهر البسيط، بالفطرة الأصيلة، بالشغف الكامل، والعشق الخالص بين مخلوق وخالقه، وعبد ومعبوده، ومحب ومحبوبه، لقد سمّى الله الشهيد شهيداً لأنه يشهد في الدنيا على أمته بأن يكون حجة عليها في أن لا تتقاعس وتتخاذل، ويشهد في الآخرة أيضاً الشهيد في حضور أبدي، وشهود دائم، كذا فهمنا وإيماننا والاعتقاد.
يوم الشهيد دعوة لنا جميعاً، لنمعن النظر في الحيوات المقدسة لهؤلاء، والتمعن بانتباه كلي في آثارهم، وما تركوه من دروس لا تنسى، هي دعوة للتزود جداً من معين حبّ لا ينضب، ومورد عشق لا يجف، ونبع عطاءٍ لا ينتهي، حيوات هؤلاء صفحات مشرقة من سلوكات انسانية رائعة مفتوحة على كل معاني الإيثار ونكران الذات والعطاء اللامحدود، ليست الشهادة قراراً تصنعه بيدك، ولكنها هدية من ربك "ويتَّخذ منكم شهداء"، يمنحها بعد طول تمحيص واختبار.
الشهداء رصيد الأمة، ذخرها ورأس المال، والمادة الأولى والمداميك التي ستستمر ثابتة أبداً تزود الوطن بالمنعة والعزة والإباء، وتضخ في جسدها المناعة وتشحذ العزم والهمة، وتضيء الطريق كبوصلة لا تضل ولا تخطئ!
بورك الشهداء، وبوركت أمة الشهداء، بورك وطن الشهداء، إنه وطن صنع مجده وعزه ونصره بدماء أبنائه، وكلل هامته بغار الشهادة والشهداء!
الانتقاد/ العدد 1314 ـ 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
ليس كمثل الشهادة ما ينعش روح الأمة، يبلسم جراحاتها، يبرئ كلومها، ويرفع راية مجدها عالية لتتسنّم الأفق، وليس كمثل الشهداء من يستحق أن يحتفى بهم، يكون الشهداء دوماً في غاية التمييز في حياتهم، وتكون مسيرة حياتهم مليئة بالكرامات والمآثر، حتى لتخال الواحد منهم يقبض بأنامل روحه على سفر كوني يملأ أوراقه بسطور الإشراق والبذل والعطاء.
الشهداء هم عظماء هذه الأمة، وصانعو عزها ومجدها، ليس في ذلك أدنى شك، لكن المؤسف أن الشهيد إنما يُعرف حقيقة المعرفة عند اكتمال العروج ومغادرته الأبدية، هي مغادرة دون غياب، مغادرة كأنها اكتمال الحضور، وإشراق النور كما احتجاب الشمس عن الأنظار دون أن تحبس نورها عن الإشعاع، لا تحجب الغيمة إلا قرص الشمس، لكنها لا تخفي نورها، بل يبقى نورها مشرقاً في السماوات والأرضين، كذا الشهداء فإنهم لا ينسون أبداً لأنهم لا يختفون، بل إنهم يصنعون بشهادتهم حضورهم الأبدي الذي لا يزول ما دامت السماوات والأرض.
يوم الشهيد، دعوة مفتوحة للتأمل في أعمق معاني الشهادة وأرفع معاني التضحية، وأسمى مآثر البذل والعطاء، يوم الشهيد محطة مفصلية روحية روحانية، لا نستحضرها لنستذكر أحبةً غابوا وما غابوا، ولكن لنتزود طاقة روحية ومدداً غيبياً، ورضىً ونورانية إلهييين يشرقان في الحياة توفيقاً، وفي النفس رضىً، وفي الأمة أماناً وسكينة وطمأنينة.
يوم الشهيد، يوم الانعتاق الكامل من حسابات المادة، وبهرجة المعقّد، يوم الالتصاق بالجوهر البسيط، بالفطرة الأصيلة، بالشغف الكامل، والعشق الخالص بين مخلوق وخالقه، وعبد ومعبوده، ومحب ومحبوبه، لقد سمّى الله الشهيد شهيداً لأنه يشهد في الدنيا على أمته بأن يكون حجة عليها في أن لا تتقاعس وتتخاذل، ويشهد في الآخرة أيضاً الشهيد في حضور أبدي، وشهود دائم، كذا فهمنا وإيماننا والاعتقاد.
يوم الشهيد دعوة لنا جميعاً، لنمعن النظر في الحيوات المقدسة لهؤلاء، والتمعن بانتباه كلي في آثارهم، وما تركوه من دروس لا تنسى، هي دعوة للتزود جداً من معين حبّ لا ينضب، ومورد عشق لا يجف، ونبع عطاءٍ لا ينتهي، حيوات هؤلاء صفحات مشرقة من سلوكات انسانية رائعة مفتوحة على كل معاني الإيثار ونكران الذات والعطاء اللامحدود، ليست الشهادة قراراً تصنعه بيدك، ولكنها هدية من ربك "ويتَّخذ منكم شهداء"، يمنحها بعد طول تمحيص واختبار.
الشهداء رصيد الأمة، ذخرها ورأس المال، والمادة الأولى والمداميك التي ستستمر ثابتة أبداً تزود الوطن بالمنعة والعزة والإباء، وتضخ في جسدها المناعة وتشحذ العزم والهمة، وتضيء الطريق كبوصلة لا تضل ولا تخطئ!
بورك الشهداء، وبوركت أمة الشهداء، بورك وطن الشهداء، إنه وطن صنع مجده وعزه ونصره بدماء أبنائه، وكلل هامته بغار الشهادة والشهداء!
الانتقاد/ العدد 1314 ـ 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008