ارشيف من :آراء وتحليلات
أربعة عناوين اختصرت المشهد السياسي: تجاذبات المرحلة.. وما وراءها

مصطفى الحاج علي
استقر المشهد السياسي الداخلي على أربعة عناوين أساسية: إحالة مشروع قانون الانتخابات البلدية الى المجلس النيابي لدرسه من قبل اللجان النيابية المختصة، انطلاق جلسات طاولة الحوار ـ 3 بصيغتها المعدلة، وضع آلية التعيينات كبند على جدول أعمال مجلس الوزراء، استمرار لجنة الاعلام والاتصالات النيابية في مناقشة اتفاقية فيلتمان ـ ريفي التي اجازتها حكومة السنيورة في عام 2007، والتي تكشفت عن بنود جد خطيرة على الأمن الوطني وعلى السيادة اللبنانية.
بالنسبة لمشروع قانون الانتخابات البلدية يمكن القول، إن عهدة اقرار هذا المشروع باتت بالكامل من مسؤولية المجلس النيابي، وبالتالي فإن التردد والإرباك الذي رافق مناقشته في مجلس الوزراء بفعل سعي البعض الى تحويله الى مادة ابتزاز سياسي، استناداً منه الى تقدير خاطئ للأجواء التي رافقت مناقشته، والتي كانت تميل الى وجود ما يشبه التوافق العام الضمني على تأجيل الانتخابات البلدية لتجنيب البلد توترات هو بغنى عنها اليوم، إلا أن غلبة الحسابات الشخصية، والمناورات المستبطنة ارتأت رمي كرة مسؤولية هذا المشروع على عهدة مسؤولية المجلس النيابي، والحقيقة أن رمي الكرة هنا يستهدف احراج الرئيس بري أكثر من سواه باعتباره رئيساً للمجلس، لا سيما اذا اخذنا بالاعتبار، أن الحكومة بقواها السياسية هي صورة مصغرة للمجلس النيابي، وهذا ما فهمه بري كما يبدو، ولذا جاء رده سريعاً بأن بادر الى التعاطي الجدي مع مشروع القانون من خلال دعوته اللجان النيابية المعنية الى اخضاعه لطاولة التشريح والفحص قبل احالته الى الهيئة العامة في حال تم التوافق عليه داخل هذه اللجان، من هنا، فإن مشروع القانون هذا سيمر بمخاض صعب وحارّ قبل أن يلاقي مصيره المفترض، هذا المخاض هو الذي سيكون المحك الأساسي لكشف النيات المضمرة للكثير من القوى السياسية خصوصاً في ما يتعلق بالموقف من النسبية، وفي ما يتعلق بإجراء الانتخابات النيابية في وقتها أم العودة الى التوافق على تأجيلها لفترة لاحقة، والنسبية هي أكثر البنود الاصلاحية حساسية لاعتبارات تتعلق بحسابات الأطراف السياسية، ولاتصالها بشكل وثيق بقانون الانتخابات النيابية الذي سيعتمد لاحقاً، ولذا يمكن القول إ ن مصير الاصلاحات عموماً، وخصوصاً في ما يتعلق بمسألة النسبية ليس محسوماً بعد.
أما طاولة الحوار ـ 3 فأقل ما يقال فيها هو التالي:
أولاً: افتقدت للانطلاقة الطبيعية والسهلة لجملة اعتبارات، منها أنها بدت لا كفعل وقرار داخلي، وإنما كاستجابة لمطلب دولي ـ عربي عكسه بوضوح امين عام الأمم المتحدة بان كي مون في تقريره الأخير حول القرار الدولي 1701، ومنها أنها اختارت توقيتاً سياسياً جعلها تبدو كرد فعل، وكتعبير عن انزعاج رئيس الجمهورية من الصورة التي عكستها قمة دمشق الثلاثية مؤخراً، ومنها أيضاً عدم اعتماد رئيس الجمهورية معايير موحدة لاختيار المشاركين فيها.
ثانياً: بدت طاولة الحوار ـ 3 في توقيتها أيضاً خارج الأولويات التي تحكم المشهد السياسي داخلياً في لبنان والمنطقة، فمن نافل القول، إن البند الرئيسي على جدول الاهتمامات الاقليمية واللبنانية ـ وهذا ما عكسته قمة دمشق ـ هو كيفية مواجهة التهديدات الاميركية والاسرائيلية وقطع الطريق عليها للجمها وخربطة حساباتها، هذه الاهتمامات تفترض أو تستلزم جهوداً وتوجهات أخرى ترتكز على توحيد الجهود والطاقات وتنظيم القدرات وادارة المواجهة بما يقوي الموقفين اللبناني والاقليمي في مواجهة المخططات الاميركية والاسرائيلية، ولذا كان من الأجدى مثلاً دعوة المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري للتنسيق لكيفية التعامل مع التهديدات الاسرائيلية الجدية، بدلاً من الركون الى التطمينات الاميركية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والذهاب نحو خطوة من المعروف سلفاً أنها ستشكل مناسبة ـ وكما حصل تماماً ـ لإعادة تظهير وتأسيس الانقسام من حول أهم عوامل قوة لبنان في وجه الكيان الاسرائيلي اليوم، ألا وهو سلاح المقاومة، في الوقت الذي صدرت فيه مواقف لافتة لرئيس الجمهورية حاولت ان تخفف من دور المقاومة وتصويره كما لو كان قوة احتياطية للجيش اللبناني لا قوة اساسية تتكامل معه.
وما يجعل هذه القراءة أقرب الى الواقع هو ادراك الجميع أن لا فرصة حقيقية اليوم للتوصل الى توافق نهائي حول بند الاستراتيجية الدفاعية.
ثالثاً: بدا واضحاً أن بعض الأطراف المشاركة في طاولة الحوار ـ 3 أرادت تحويلها الى طاولة لتظهير الانقسام العربي، وادراجها بالتالي في سياق تجاذبات المحاور الرسمية بين من يريد اخضاعها لمنطق الاذعان لمقتضيات التسوية بالشروط الاميركية ـ الاسرائيلية، والتي وجدت تعبيراتها في المواقف المميزة لنفسها والداعية الى اعتماد الهدنة في الوقت الذي يدرك هؤلاء ان هذه الهدنة قد تجاوزها الزمن، وأن أول من اسقطها هو الكيان الاسرائيلي، وبين من يريد تقوية الموقف العربي لتصليبه في سياق وقف عملية الانهيار الشاملة في مواجهة الضغوط الاميركية وحقائق الأمر الواقع المفروضة بالقوة من قبل الكيان الاسرائيلي.
رابعاً: لا شك، ان طاولة الحوار ـ 3 شكلت فرصة لتظهير الصورة الجديدة لخريطة توزع القوى السياسية اليوم، وهي خريطة واضحة المعالم في مكان، ويسودها الارتباك في معالم أخرى، لأنها ما زالت تنتظر الوجهة النهائية لمسار الأمور وسط استمرار الرهانات الخائبة للبعض.
وأما اتفاقية فيلتمان ـ ريفي ـ السنيورة، فيمكن تسجيل الملاحظات التالية حولها:
أولاً: تكشف حال الاستباحة الأمنية من قبل الولايات المتحدة للبنان، وبموافقة رسمية وأمنية رسمية لبنانية، هذه الاستباحة التي يعلم الجميع أنها مفتوحة عبر قنوات مباشرة على الكيان الاسرائيلي الذي ملفه الأمني مفتوح على الواسع في لبنان.
ثانياً: تؤكد هذه الوثيقة ان لا خدمات مجانية تقدمها الولايات المتحدة ، بل هي تريد بالمقابل أثماناً باهظة وباهظة جداً تمس الأمن الوطني والسيادة الوطنية.
ثالثاً: ان هذه الوثيقة تؤكد الاستباحة الخطيرة للسنيورة آنذاك ليس فقط لصلاحيات رئاسة الجمهورية وانما للدستور أيضاً.
رابعاً: ان انكشاف هذه الوثيقة يجب أن يشكل فرصة لمراجعة كل الاتفاقيات التي أبرمتها حكومة السنيورة في تلك المرحلة، وفي غفلة من الانقسام السياسي والميثاقي، والتي تمس الأمن الوطني والسياسي والاقتصادي لكل اللبنانيين.
خامساً: ما حدث خطير وخطير جداً، ويجب ان يأخذ مداه الحقيقي، وليست محاولات أكثرية ذلك الزمن السياسي البائس لتوفير الاحتضان والحماية السياسية لريفي ولحكومة السنيورة إلا دليلا اضافيا على خطورة ما كان يقوم به هذا الفريق آنذاك.
استقر المشهد السياسي الداخلي على أربعة عناوين أساسية: إحالة مشروع قانون الانتخابات البلدية الى المجلس النيابي لدرسه من قبل اللجان النيابية المختصة، انطلاق جلسات طاولة الحوار ـ 3 بصيغتها المعدلة، وضع آلية التعيينات كبند على جدول أعمال مجلس الوزراء، استمرار لجنة الاعلام والاتصالات النيابية في مناقشة اتفاقية فيلتمان ـ ريفي التي اجازتها حكومة السنيورة في عام 2007، والتي تكشفت عن بنود جد خطيرة على الأمن الوطني وعلى السيادة اللبنانية.
بالنسبة لمشروع قانون الانتخابات البلدية يمكن القول، إن عهدة اقرار هذا المشروع باتت بالكامل من مسؤولية المجلس النيابي، وبالتالي فإن التردد والإرباك الذي رافق مناقشته في مجلس الوزراء بفعل سعي البعض الى تحويله الى مادة ابتزاز سياسي، استناداً منه الى تقدير خاطئ للأجواء التي رافقت مناقشته، والتي كانت تميل الى وجود ما يشبه التوافق العام الضمني على تأجيل الانتخابات البلدية لتجنيب البلد توترات هو بغنى عنها اليوم، إلا أن غلبة الحسابات الشخصية، والمناورات المستبطنة ارتأت رمي كرة مسؤولية هذا المشروع على عهدة مسؤولية المجلس النيابي، والحقيقة أن رمي الكرة هنا يستهدف احراج الرئيس بري أكثر من سواه باعتباره رئيساً للمجلس، لا سيما اذا اخذنا بالاعتبار، أن الحكومة بقواها السياسية هي صورة مصغرة للمجلس النيابي، وهذا ما فهمه بري كما يبدو، ولذا جاء رده سريعاً بأن بادر الى التعاطي الجدي مع مشروع القانون من خلال دعوته اللجان النيابية المعنية الى اخضاعه لطاولة التشريح والفحص قبل احالته الى الهيئة العامة في حال تم التوافق عليه داخل هذه اللجان، من هنا، فإن مشروع القانون هذا سيمر بمخاض صعب وحارّ قبل أن يلاقي مصيره المفترض، هذا المخاض هو الذي سيكون المحك الأساسي لكشف النيات المضمرة للكثير من القوى السياسية خصوصاً في ما يتعلق بالموقف من النسبية، وفي ما يتعلق بإجراء الانتخابات النيابية في وقتها أم العودة الى التوافق على تأجيلها لفترة لاحقة، والنسبية هي أكثر البنود الاصلاحية حساسية لاعتبارات تتعلق بحسابات الأطراف السياسية، ولاتصالها بشكل وثيق بقانون الانتخابات النيابية الذي سيعتمد لاحقاً، ولذا يمكن القول إ ن مصير الاصلاحات عموماً، وخصوصاً في ما يتعلق بمسألة النسبية ليس محسوماً بعد.
أما طاولة الحوار ـ 3 فأقل ما يقال فيها هو التالي:
أولاً: افتقدت للانطلاقة الطبيعية والسهلة لجملة اعتبارات، منها أنها بدت لا كفعل وقرار داخلي، وإنما كاستجابة لمطلب دولي ـ عربي عكسه بوضوح امين عام الأمم المتحدة بان كي مون في تقريره الأخير حول القرار الدولي 1701، ومنها أنها اختارت توقيتاً سياسياً جعلها تبدو كرد فعل، وكتعبير عن انزعاج رئيس الجمهورية من الصورة التي عكستها قمة دمشق الثلاثية مؤخراً، ومنها أيضاً عدم اعتماد رئيس الجمهورية معايير موحدة لاختيار المشاركين فيها.
ثانياً: بدت طاولة الحوار ـ 3 في توقيتها أيضاً خارج الأولويات التي تحكم المشهد السياسي داخلياً في لبنان والمنطقة، فمن نافل القول، إن البند الرئيسي على جدول الاهتمامات الاقليمية واللبنانية ـ وهذا ما عكسته قمة دمشق ـ هو كيفية مواجهة التهديدات الاميركية والاسرائيلية وقطع الطريق عليها للجمها وخربطة حساباتها، هذه الاهتمامات تفترض أو تستلزم جهوداً وتوجهات أخرى ترتكز على توحيد الجهود والطاقات وتنظيم القدرات وادارة المواجهة بما يقوي الموقفين اللبناني والاقليمي في مواجهة المخططات الاميركية والاسرائيلية، ولذا كان من الأجدى مثلاً دعوة المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري للتنسيق لكيفية التعامل مع التهديدات الاسرائيلية الجدية، بدلاً من الركون الى التطمينات الاميركية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والذهاب نحو خطوة من المعروف سلفاً أنها ستشكل مناسبة ـ وكما حصل تماماً ـ لإعادة تظهير وتأسيس الانقسام من حول أهم عوامل قوة لبنان في وجه الكيان الاسرائيلي اليوم، ألا وهو سلاح المقاومة، في الوقت الذي صدرت فيه مواقف لافتة لرئيس الجمهورية حاولت ان تخفف من دور المقاومة وتصويره كما لو كان قوة احتياطية للجيش اللبناني لا قوة اساسية تتكامل معه.
وما يجعل هذه القراءة أقرب الى الواقع هو ادراك الجميع أن لا فرصة حقيقية اليوم للتوصل الى توافق نهائي حول بند الاستراتيجية الدفاعية.
ثالثاً: بدا واضحاً أن بعض الأطراف المشاركة في طاولة الحوار ـ 3 أرادت تحويلها الى طاولة لتظهير الانقسام العربي، وادراجها بالتالي في سياق تجاذبات المحاور الرسمية بين من يريد اخضاعها لمنطق الاذعان لمقتضيات التسوية بالشروط الاميركية ـ الاسرائيلية، والتي وجدت تعبيراتها في المواقف المميزة لنفسها والداعية الى اعتماد الهدنة في الوقت الذي يدرك هؤلاء ان هذه الهدنة قد تجاوزها الزمن، وأن أول من اسقطها هو الكيان الاسرائيلي، وبين من يريد تقوية الموقف العربي لتصليبه في سياق وقف عملية الانهيار الشاملة في مواجهة الضغوط الاميركية وحقائق الأمر الواقع المفروضة بالقوة من قبل الكيان الاسرائيلي.
رابعاً: لا شك، ان طاولة الحوار ـ 3 شكلت فرصة لتظهير الصورة الجديدة لخريطة توزع القوى السياسية اليوم، وهي خريطة واضحة المعالم في مكان، ويسودها الارتباك في معالم أخرى، لأنها ما زالت تنتظر الوجهة النهائية لمسار الأمور وسط استمرار الرهانات الخائبة للبعض.
وأما اتفاقية فيلتمان ـ ريفي ـ السنيورة، فيمكن تسجيل الملاحظات التالية حولها:
أولاً: تكشف حال الاستباحة الأمنية من قبل الولايات المتحدة للبنان، وبموافقة رسمية وأمنية رسمية لبنانية، هذه الاستباحة التي يعلم الجميع أنها مفتوحة عبر قنوات مباشرة على الكيان الاسرائيلي الذي ملفه الأمني مفتوح على الواسع في لبنان.
ثانياً: تؤكد هذه الوثيقة ان لا خدمات مجانية تقدمها الولايات المتحدة ، بل هي تريد بالمقابل أثماناً باهظة وباهظة جداً تمس الأمن الوطني والسيادة الوطنية.
ثالثاً: ان هذه الوثيقة تؤكد الاستباحة الخطيرة للسنيورة آنذاك ليس فقط لصلاحيات رئاسة الجمهورية وانما للدستور أيضاً.
رابعاً: ان انكشاف هذه الوثيقة يجب أن يشكل فرصة لمراجعة كل الاتفاقيات التي أبرمتها حكومة السنيورة في تلك المرحلة، وفي غفلة من الانقسام السياسي والميثاقي، والتي تمس الأمن الوطني والسياسي والاقتصادي لكل اللبنانيين.
خامساً: ما حدث خطير وخطير جداً، ويجب ان يأخذ مداه الحقيقي، وليست محاولات أكثرية ذلك الزمن السياسي البائس لتوفير الاحتضان والحماية السياسية لريفي ولحكومة السنيورة إلا دليلا اضافيا على خطورة ما كان يقوم به هذا الفريق آنذاك.