ارشيف من :آراء وتحليلات
نقطة حبر: أدب الخيال العلمي

كتب حسن نعيم
جاء في تعريف "أدب الخيال العلمي": "أنه أدب مملوء بالخيال يقوم على اكتشافات علمية أو تغيرات بيئية". هكذا يعرّفون هذا النوع الأدبي الذي ظهرت أولى محاولاته الجدّية عام 1926 ولقي ذيوعاً وانتشاراً مع حلول الثلاثينيات من القرن الماضي, وقد انقسم الكتّاب والمبدعون حول هذا الفتح الأدبي بين مؤيد ومعارض باعتباره رافداً من روافد البحار الأدبية المترامية الأطراف, شأنهم في مختلف القضايا التي تتعلق بالأدب المعاصر.
ذهب مؤيدو هذا النوع الأدبي الى القول ان كل الفتوحات العلمية سبقها الخيال, فروايات "ويلز" حول غزو الفضاء والبحار وإطالة عمر الإنسان تنبأت بالكثير في هذا المجال, ومهّدت الطريق لاكتشاف نظرية النسبية لدى أينشتاين ونبوءات جول فيرن في "من الأرض إلى القمر" و"عشرون ألف فرسخ تحت الماء" حققها العلماء.
هذا التطابق ما كان ليحدث لو لم يعتمد "فيرن" على دراسات وحقائق علمية إبّان كتابته لروايته, ويذهب البعض في إيمانه بأهمية أدب الخيال العلمي الى حد القول "إن الخيال العلمي ضرورة لتوسعة القاعدة العلمية وجذب المواطن العادي للاستمتاع بالعلم واتخاذه أسلوباً في الحياة, وفتح نافذة على التقدم التكنولوجي في العالم"، ويرى مناصرو أدب الخيال العلمي "أن هذا النوع الأدبي يسلّح الأطفال بالمعرفة العلمية المتجددة, والموهبة الأدبية الجادّة التي تجعل من الحل العلمي حلاً نهائياً لأي مشكلة في الحياة, بدلاً من قصص الرعب والجاسوسية والبوليسية التي تزرع في عقول الأطفال الطريّة بذور العنف والتدمير".
ويرد مناهضو أدب الخيال العلمي متسائلين عن جدواه في بلادنا التي تتعامل مع تجارب علمية سابقة في عصر يتجاوز فيه العلم الخيال, فكيف يمكن لكاتب أن يكتب "الفانتازية" العلمية التي تتجاوز الراهن العلمي وهو لا يعيش وسط المصانع المتقدمة والمعامل التكنولوجية؟
ثمة حذر من سطوة الآلة على الإنسان وعلى عواطفه, وثمة خوف مشروع من أن يصبح الإنسان عقلاً بلا قلب.
الثقافة العلمية أولوية في عصر العولمة, لكن الأولى هو الأدب الذي يعكس تفاصيل حياة الإنسان في سعيه نحو لقمة عيشه وكفاحه من أجل كرامته.
الانتقاد/ العدد 1315 ـ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
جاء في تعريف "أدب الخيال العلمي": "أنه أدب مملوء بالخيال يقوم على اكتشافات علمية أو تغيرات بيئية". هكذا يعرّفون هذا النوع الأدبي الذي ظهرت أولى محاولاته الجدّية عام 1926 ولقي ذيوعاً وانتشاراً مع حلول الثلاثينيات من القرن الماضي, وقد انقسم الكتّاب والمبدعون حول هذا الفتح الأدبي بين مؤيد ومعارض باعتباره رافداً من روافد البحار الأدبية المترامية الأطراف, شأنهم في مختلف القضايا التي تتعلق بالأدب المعاصر.
ذهب مؤيدو هذا النوع الأدبي الى القول ان كل الفتوحات العلمية سبقها الخيال, فروايات "ويلز" حول غزو الفضاء والبحار وإطالة عمر الإنسان تنبأت بالكثير في هذا المجال, ومهّدت الطريق لاكتشاف نظرية النسبية لدى أينشتاين ونبوءات جول فيرن في "من الأرض إلى القمر" و"عشرون ألف فرسخ تحت الماء" حققها العلماء.
هذا التطابق ما كان ليحدث لو لم يعتمد "فيرن" على دراسات وحقائق علمية إبّان كتابته لروايته, ويذهب البعض في إيمانه بأهمية أدب الخيال العلمي الى حد القول "إن الخيال العلمي ضرورة لتوسعة القاعدة العلمية وجذب المواطن العادي للاستمتاع بالعلم واتخاذه أسلوباً في الحياة, وفتح نافذة على التقدم التكنولوجي في العالم"، ويرى مناصرو أدب الخيال العلمي "أن هذا النوع الأدبي يسلّح الأطفال بالمعرفة العلمية المتجددة, والموهبة الأدبية الجادّة التي تجعل من الحل العلمي حلاً نهائياً لأي مشكلة في الحياة, بدلاً من قصص الرعب والجاسوسية والبوليسية التي تزرع في عقول الأطفال الطريّة بذور العنف والتدمير".
ويرد مناهضو أدب الخيال العلمي متسائلين عن جدواه في بلادنا التي تتعامل مع تجارب علمية سابقة في عصر يتجاوز فيه العلم الخيال, فكيف يمكن لكاتب أن يكتب "الفانتازية" العلمية التي تتجاوز الراهن العلمي وهو لا يعيش وسط المصانع المتقدمة والمعامل التكنولوجية؟
ثمة حذر من سطوة الآلة على الإنسان وعلى عواطفه, وثمة خوف مشروع من أن يصبح الإنسان عقلاً بلا قلب.
الثقافة العلمية أولوية في عصر العولمة, لكن الأولى هو الأدب الذي يعكس تفاصيل حياة الإنسان في سعيه نحو لقمة عيشه وكفاحه من أجل كرامته.
الانتقاد/ العدد 1315 ـ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008