ارشيف من :آراء وتحليلات
على العهد: المقاومة وقيمة الإنسان

كتب إبراهيم الموسوي
كثيرة هي الإنجازات التي حققتها المقاومة الإسلامية في لبنان على مدى السنوات منذ انطلاقتها إبان الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، وهي إنجازات ميدانية، عسكرية مباشرة، اجترحتها سواعد مجاهدي المقاومة وبطولاتهم وانتصاراتهم العديدة التي قدموها بتضحيات جسام، وهي إنجازات اجتماعية تمثلت برعاية عوائل الشهداء والمستضعفين، والاهتمام والمتابعة لحاجاتهم من خلال مؤسسات رعائية وتربوية وصحية، وهي إنجازات معنوية، تمثلت في استعادة المبادرة وضخ الثقة في أوساط الناس بقدرتهم على المقاومة والمواجهة والإنجاز، وأن ثمرة ما قدموه ويقدمونه من دعم وصبر وجهد ودماء وعذابات وآلام، لن يكون إلا النصر.
أيضاً، فإن من إنجازات المقاومة في لبنان أنها استطاعت أن تحافظ دائماً على الاتجاه الصحيح بحيث بقيت بوصلة الصراع وجهةً نحو العدو الصهيوني، وظلت هذه المسألة كما هي الآن، متربعة على عرش الأولوية دونما أي منازع، إلا أن هناك جانباً آخر، لا يقل قوة وحضوراً عن كل إنجازات المقاومة وهو الجانب الإنساني، إذ أمكن للمقاومة أن تعيد الاعتبار إلى الإنسان كقيمة ذاتية حقيقية. قبل المقاومة كان العدو يقتل اللبنانيين من أبناء الجنوب وغيرهم فلا تعرف عنهم إلا الأرقام والتواريخ، أما بعد أن جاءت المقاومة فقد أصبح لهؤلاء أسماء وعناوين حقيقية، وقصصاً إنسانية، لم يعودوا مجرد أرقام مهملة في ذاكرة النسيان أو في سجلات الضحايا، بل أصبح لهؤلاء حضور كبير، أصبح لهؤلاء من يطالب بدمهم وجراحاتهم، يسميهم بالأسماء وينفض عنهم غبار التجاهل، أصبح لهؤلاء من يقتص لعذاباتهم، ويحاسب على الأذى اللاحق بهم، وهو ما أدى لاحقاً إلى تقلص عدد الضحايا في إطار معادلة الردع التي ثبّتتها المقاومة.
لقد استطاعت المقاومة أن تصوغ استراتيجية جديدة تتجاوز بمداها البعد المحلي لتطال مفهوم التوازن الردعي العام والشامل بين العرب والعدو الصهيوني، وأمكن إنجاز ذلك في إطار حفظ قيمة الإنسان اللبناني العربي وإعلاء شأنه في المحافل وأمام العدو الذي لم يكن يأبه متى يقتل وكم يقتل سالفاً، ولكن عندما جاء من يحاسب ويقتص تغيرت المعادلة وتبدلت الحال.
لم يحرّك المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية ساكناً حين كانت ترده أخبار العشرات من الضحايا المدنيين الأبرياء، ولم يجرؤ مجلس الأمن على إدانة العدو، ولم يأبه أحد للتوسلات وصرخات الاستنجاد، وبقيت الولايات المتحدة ملتزمة التهديد باستعمال حق النقض (الفيتو) ضد أي مشروع قرار في مجلس الأمن لإدانة اسرائيل.
أما بعد أن جاءت المقاومة، فقد أصبحت الحسابات مختلفة نوعياً، لقد أصبح مقتل أبنائنا وأهلنا ومدنيينا أمراً يُحسب له ألف حساب، لأن هناك من يردّ، وفي إحصائية بسيطة يمكن الاستنتاج أنه وخارج الهجمات العدوانية، والاجتياحات الكبرى، فقد استطاعت المقاومة أن تثبت الخسائر في الأرواح في الجانب اللبناني عند حدها الأدنى، قياساً بما سبق قبل انطلاقة عملها.
هي قيمة إنسانية أساسية تستعاد مجدداً، وتؤكد أن قيمة الإنسان اللبناني والعربي والمسلم لا تقل أهمية عن قيمة أي إنسان آخر، وهي روح واحدة، لأسرة إنسانية واحدة، لا يستقيم أمرها إلا بأن تسود روح العدالة والمساواة والتآخي بين بني البشر، ولعلّ المقدّمة الأولى لذلك تكون في تحقيق المساواة في قيمة الروح والدم ليكون الجميع سواسية كأسنان المشط.
هي أمثولة جديدة للمقاومة، ورصيد إضافي نوعي يضاف إلى سجلها المشرق، لن تتوقف المسيرة، ولن ينضب ضرع الأمثولات والإنجازات، وما كان لله ينمو.
الانتقاد/ العدد 1315 ـ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
كثيرة هي الإنجازات التي حققتها المقاومة الإسلامية في لبنان على مدى السنوات منذ انطلاقتها إبان الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، وهي إنجازات ميدانية، عسكرية مباشرة، اجترحتها سواعد مجاهدي المقاومة وبطولاتهم وانتصاراتهم العديدة التي قدموها بتضحيات جسام، وهي إنجازات اجتماعية تمثلت برعاية عوائل الشهداء والمستضعفين، والاهتمام والمتابعة لحاجاتهم من خلال مؤسسات رعائية وتربوية وصحية، وهي إنجازات معنوية، تمثلت في استعادة المبادرة وضخ الثقة في أوساط الناس بقدرتهم على المقاومة والمواجهة والإنجاز، وأن ثمرة ما قدموه ويقدمونه من دعم وصبر وجهد ودماء وعذابات وآلام، لن يكون إلا النصر.
أيضاً، فإن من إنجازات المقاومة في لبنان أنها استطاعت أن تحافظ دائماً على الاتجاه الصحيح بحيث بقيت بوصلة الصراع وجهةً نحو العدو الصهيوني، وظلت هذه المسألة كما هي الآن، متربعة على عرش الأولوية دونما أي منازع، إلا أن هناك جانباً آخر، لا يقل قوة وحضوراً عن كل إنجازات المقاومة وهو الجانب الإنساني، إذ أمكن للمقاومة أن تعيد الاعتبار إلى الإنسان كقيمة ذاتية حقيقية. قبل المقاومة كان العدو يقتل اللبنانيين من أبناء الجنوب وغيرهم فلا تعرف عنهم إلا الأرقام والتواريخ، أما بعد أن جاءت المقاومة فقد أصبح لهؤلاء أسماء وعناوين حقيقية، وقصصاً إنسانية، لم يعودوا مجرد أرقام مهملة في ذاكرة النسيان أو في سجلات الضحايا، بل أصبح لهؤلاء حضور كبير، أصبح لهؤلاء من يطالب بدمهم وجراحاتهم، يسميهم بالأسماء وينفض عنهم غبار التجاهل، أصبح لهؤلاء من يقتص لعذاباتهم، ويحاسب على الأذى اللاحق بهم، وهو ما أدى لاحقاً إلى تقلص عدد الضحايا في إطار معادلة الردع التي ثبّتتها المقاومة.
لقد استطاعت المقاومة أن تصوغ استراتيجية جديدة تتجاوز بمداها البعد المحلي لتطال مفهوم التوازن الردعي العام والشامل بين العرب والعدو الصهيوني، وأمكن إنجاز ذلك في إطار حفظ قيمة الإنسان اللبناني العربي وإعلاء شأنه في المحافل وأمام العدو الذي لم يكن يأبه متى يقتل وكم يقتل سالفاً، ولكن عندما جاء من يحاسب ويقتص تغيرت المعادلة وتبدلت الحال.
لم يحرّك المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية ساكناً حين كانت ترده أخبار العشرات من الضحايا المدنيين الأبرياء، ولم يجرؤ مجلس الأمن على إدانة العدو، ولم يأبه أحد للتوسلات وصرخات الاستنجاد، وبقيت الولايات المتحدة ملتزمة التهديد باستعمال حق النقض (الفيتو) ضد أي مشروع قرار في مجلس الأمن لإدانة اسرائيل.
أما بعد أن جاءت المقاومة، فقد أصبحت الحسابات مختلفة نوعياً، لقد أصبح مقتل أبنائنا وأهلنا ومدنيينا أمراً يُحسب له ألف حساب، لأن هناك من يردّ، وفي إحصائية بسيطة يمكن الاستنتاج أنه وخارج الهجمات العدوانية، والاجتياحات الكبرى، فقد استطاعت المقاومة أن تثبت الخسائر في الأرواح في الجانب اللبناني عند حدها الأدنى، قياساً بما سبق قبل انطلاقة عملها.
هي قيمة إنسانية أساسية تستعاد مجدداً، وتؤكد أن قيمة الإنسان اللبناني والعربي والمسلم لا تقل أهمية عن قيمة أي إنسان آخر، وهي روح واحدة، لأسرة إنسانية واحدة، لا يستقيم أمرها إلا بأن تسود روح العدالة والمساواة والتآخي بين بني البشر، ولعلّ المقدّمة الأولى لذلك تكون في تحقيق المساواة في قيمة الروح والدم ليكون الجميع سواسية كأسنان المشط.
هي أمثولة جديدة للمقاومة، ورصيد إضافي نوعي يضاف إلى سجلها المشرق، لن تتوقف المسيرة، ولن ينضب ضرع الأمثولات والإنجازات، وما كان لله ينمو.
الانتقاد/ العدد 1315 ـ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008