ارشيف من :آراء وتحليلات
المشهد السياسي العراقي .. توافقات وتسويات لا بد منها

بغداد ـ عادل الجبوري
تشير النتائج الاولية للانتخابات البرلمانية العراقية الاخيرة الى مجموعة حقائق ومعطيات ينبغي الاشارة اليها سريعا قبل الخوض في رسم معالم وملامح صورة المشهد السياسي المقبل في البلاد، ومن هذه الحقائق والمعطيات:
ـ عدم تمكن اية كتلة سياسية من احراز نسبة كبيرة من المقاعد تتيح لها تشكيل حكومة اغلبية برلمانية وحدها او حتى بالتحالف مع كتلة برلمانية اخرى واحدة.
ـ تقارب نتائج اكثر من كتلة سياسية، وبروز نحو اربع كتل برلمانية كبيرة ومحورية، وهي ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي وائتلاف العراقية والتحالف الوطني الكردستاني، هذا الى جانب كتل اخرى حصلت على عدد لا بأس به من المقاعد مثل جبهة التوافق العراقية، وقائمة التغيير الكردية بزعامة نوشيروان مصطفى، ما يمكنها من البقاء مع اللاعبين الكبار بحكم طبيعة الموازنات والمعادلات السياسية للوضع العراقي التي تمتاز بقدر كبير من الحساسية والتعقيد.
ـ المحورية والتأثير السياسي لا يرتبطان بعامل واحد ووحيد وهو حجم التمثيل البرلماني او بعدد المقاعد التي يمتلكها هذا الكيان السياسي او ذاك في مجلس النواب المقبل، وانما ترتبط المحورية والتأثير والحضور السياسي الفاعل بعوامل اخرى من بينها، طبيعة العلاقات الداخلية والخارجية، ووضوح المنهجية والاولويات، والعمق والامتداد التاريخي، وتبني السياسات والمواقف المتوازنة.
لذلك سنرى واضحا ان حجم التمثيل البرلماني لن يكون العامل الحاسم في تحديد الحجم الحقيقي للقوى والتيارات السياسية المتحركة في المشهد العراقي.
ـ بحكم الظروف والخلفيات والعوامل التي ساهمت في تشكيل كتل معينة لخوض المعركة الانتخابية، سنشهد على الارجح عمليات تفكك وتشظٍّ بقدر معين في تلك الكتل، في اطار التقاطعات والاختلافات في الرؤى والمنطلقات والبرامج السياسية، وكذلك في توزيع المواقع والمناصب التي تخصص لها على ضوء حجمها وتمثيلها البرلماني بين الاطراف المكونة لها، وقائمة مثل العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي هي الاكثر عرضة للتفكك والتشظي، وقد بانت بوادر ومؤشرات ذلك الامر بعيد الانتخابات مباشرة، حينما دعا رئيس كتلة تجديد المنضوية في العراقية طارق الهاشمي الى ان يكون رئيس الدولة العراقية عربيا وليس كرديا، في اشارة واضحة الى رفضه تولي الزعيم الكردي جلال الطالباني الرئاسة مرة اخرى، والى سعيه للحصول على هذا المنصب، وهذا الموقف لم يكن منسجما بأي حال من الاحوال مع موقف القائمة العراقية ورئيسها علاوي الذي يحرص على الارتباط بعلاقات طيبة مع الاكراد من جانب، ويسعى من جانب اخر الى تبوؤ منصب رئاسة الوزراء، وهو ما لا يمكن ان يتحقق في حال حصلت العراقية على منصب رئاسة الجمهورية.
ـ من غير المستبعد ان نشهد خلال مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة تغيرا في طبيعة التحالفات، وحصول نوع من التعديل والتغيير في الخارطة واعادة رسم الخارطة السياسية على ضوء الارقام والحقائق التي افرزتها – او التي ستفرزها بصورة نهائية ـ الانتخابات البرلمانية.
وهذا التغيير والتعديل يمكن ان يكون على اساس العامل القومي، مثل دخول الاكراد (التحالف الكردستاني والتغيير والجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي الكردستاني) الى البرلمان المقبل ككتلة واحدة، وان كانت هناك اختلافات فيما بينهم في الرؤى والمنهجيات السياسية والايديولوجية، ناهيك عن الخلافات التاريخية.
ويمكن ان يكون التغيير على اساس العامل الطائفي ـ المذهبي، كاندماج ائتلاف دولة القانون مع الائتلاف الوطني العراقي، وما يسهل مثل ذلك الاندماج هو تطابق وجهات النظر والتوجهات والبرامج والاولويات بين الاثنين، علما انهما كانا في السابق يشكلان معا الكتلة البرلمانية الاكبر والمتمثلة في الائتلاف العراقي الموحد.
ـ ستجد بعض الاطروحات والمشاريع السياسية ارضية مناسبة لها في المشهد السياسي المقبل، مثل التوافقات السياسية والشراكة الوطنية، والجبهة الوطنية العريضة، التي كان للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي، وتحديدا رئيسه السيد عمار الحكيم قصب السبق في طرحها وتنضيجها وتحريك وتهيئة الاجواء والمناخات والظروف المناسبة لها في اوقات سابقة، وفي هذا الوقت ايضا، الذي يمكن للمراقب السياسي ان يلاحظ بوضوح محورية المجلس الاعلى تحديدا والائتلاف الوطني العراقي على وجه العموم، برغم انه بحسب النتائج الاولية للانتخابات يأتي بالمرتبة الثالثة بعد قائمتي ائتلاف دولة القانون والعراقية.
وبما انه ليس بإمكان كتلة واحدة تشكيل حكومة اغلبية برلمانية، ولا حتى كتلتين ايضا، فهذا يعني ان هناك حاجة لا بد منها لاعتماد مبدأ التوافقات السياسية الذي يعني بالدرجة الاساس الاتفاق على خارطة طريق واضحة لتشكيل الحكومة ولبرنامجها السياسي، والتوافقات تعني فيما تعنيه الشراكة ليس في توزيع المناصب وكأنها غنائم حرب، وانما الشراكة في رسم السياسات وتحديد الاولويات، وتشخيص المسارات.
ويشير عضو الائتلاف الوطني العراقي وائل عبد اللطيف الى ان خمسة او ستة ائتلافات هي التي ستشكل خارطة العراق السياسية للمرحلة المقبلة، وان القوائم الثلاث الاولى – الوطني العراقي ودولة القانون والعراقية- مضافا اليها قائمتي التحالف الكردستاني وجبهة التوافق، هي المعنية بضرورة الاسراع بعقد مشاورات جدية وحثيثة فيما بينها.
وبالفعل فإن مسيرة المباحثات والمفاوضات لرسم وصياغة معالم المرحلة المقبلة انطلقت منذ اليوم الاول لما بعد الانتخابات، وربما قبل ذلك، وما شهدته الكواليس السياسية في بغداد وفي اقليم كردستان يشير بوضوح الى ذلك الامر.
هذا من جانب، ومن جانب اخر فإن ظروف ومناخات الحراك السياسي في المرحلة الراهنة تبدو مؤاتية الى حد كبير لتشكيل جبهة سياسية وطنية عريضة بين الكتل والكيانات السياسية الكبيرة والمحورية، كما دعا رئيس المجلس الاعلى قبل عدة شهور، وهذه الاطروحة او الفكرة لا تختلف كثيرا عن اطروحة ـ صيغة ـ الاتفاق الرباعي بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، والمجلس الاعلى الاسلامي العراقي، وحزب الدعوة الاسلامية، التي اقرت وتحركت في الفضاء السياسي قبل ما يقارب ثلاثة اعوام، وقد لعب رئيس المجلس الاعلى الراحل السيد عبد العزيز الحكيم دورا محوريا في بلورة وانضاج هذه الاطروحة وتفعيلها على ارض الواقع، علما انه كان هناك اتجاه لتوسيع دائرة المشاركة في ذلك الاطار بضم الحزب الاسلامي العراقي واطراف سياسية اخرى.
ولا شك ان ما يذهب اليه عدد غير قليل من السياسيين والمهتمين بالشأن العراقي من ان المرحلة المقبلة تتطلب الاحتكام الى مبدأ التوافقات والمشاركة الحقيقية والواسعة، امر صحيح ودقيق جدا ويعكس حقائق الواقع.
تشير النتائج الاولية للانتخابات البرلمانية العراقية الاخيرة الى مجموعة حقائق ومعطيات ينبغي الاشارة اليها سريعا قبل الخوض في رسم معالم وملامح صورة المشهد السياسي المقبل في البلاد، ومن هذه الحقائق والمعطيات:
ـ عدم تمكن اية كتلة سياسية من احراز نسبة كبيرة من المقاعد تتيح لها تشكيل حكومة اغلبية برلمانية وحدها او حتى بالتحالف مع كتلة برلمانية اخرى واحدة.
ـ تقارب نتائج اكثر من كتلة سياسية، وبروز نحو اربع كتل برلمانية كبيرة ومحورية، وهي ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي وائتلاف العراقية والتحالف الوطني الكردستاني، هذا الى جانب كتل اخرى حصلت على عدد لا بأس به من المقاعد مثل جبهة التوافق العراقية، وقائمة التغيير الكردية بزعامة نوشيروان مصطفى، ما يمكنها من البقاء مع اللاعبين الكبار بحكم طبيعة الموازنات والمعادلات السياسية للوضع العراقي التي تمتاز بقدر كبير من الحساسية والتعقيد.
حجم التمثيل البرلماني لن يكون العامل الحاسم في تحديد الحجم الحقيقي للقوى والتيارات السياسية |
لذلك سنرى واضحا ان حجم التمثيل البرلماني لن يكون العامل الحاسم في تحديد الحجم الحقيقي للقوى والتيارات السياسية المتحركة في المشهد العراقي.
ـ بحكم الظروف والخلفيات والعوامل التي ساهمت في تشكيل كتل معينة لخوض المعركة الانتخابية، سنشهد على الارجح عمليات تفكك وتشظٍّ بقدر معين في تلك الكتل، في اطار التقاطعات والاختلافات في الرؤى والمنطلقات والبرامج السياسية، وكذلك في توزيع المواقع والمناصب التي تخصص لها على ضوء حجمها وتمثيلها البرلماني بين الاطراف المكونة لها، وقائمة مثل العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي هي الاكثر عرضة للتفكك والتشظي، وقد بانت بوادر ومؤشرات ذلك الامر بعيد الانتخابات مباشرة، حينما دعا رئيس كتلة تجديد المنضوية في العراقية طارق الهاشمي الى ان يكون رئيس الدولة العراقية عربيا وليس كرديا، في اشارة واضحة الى رفضه تولي الزعيم الكردي جلال الطالباني الرئاسة مرة اخرى، والى سعيه للحصول على هذا المنصب، وهذا الموقف لم يكن منسجما بأي حال من الاحوال مع موقف القائمة العراقية ورئيسها علاوي الذي يحرص على الارتباط بعلاقات طيبة مع الاكراد من جانب، ويسعى من جانب اخر الى تبوؤ منصب رئاسة الوزراء، وهو ما لا يمكن ان يتحقق في حال حصلت العراقية على منصب رئاسة الجمهورية.
ـ من غير المستبعد ان نشهد خلال مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة تغيرا في طبيعة التحالفات، وحصول نوع من التعديل والتغيير في الخارطة واعادة رسم الخارطة السياسية على ضوء الارقام والحقائق التي افرزتها – او التي ستفرزها بصورة نهائية ـ الانتخابات البرلمانية.
وهذا التغيير والتعديل يمكن ان يكون على اساس العامل القومي، مثل دخول الاكراد (التحالف الكردستاني والتغيير والجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي الكردستاني) الى البرلمان المقبل ككتلة واحدة، وان كانت هناك اختلافات فيما بينهم في الرؤى والمنهجيات السياسية والايديولوجية، ناهيك عن الخلافات التاريخية.
مسيرة المباحثات والمفاوضات لرسم وصياغة معالم المرحلة المقبلة انطلقت منذ اليوم الاول لما بعد الانتخابات |
ـ ستجد بعض الاطروحات والمشاريع السياسية ارضية مناسبة لها في المشهد السياسي المقبل، مثل التوافقات السياسية والشراكة الوطنية، والجبهة الوطنية العريضة، التي كان للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي، وتحديدا رئيسه السيد عمار الحكيم قصب السبق في طرحها وتنضيجها وتحريك وتهيئة الاجواء والمناخات والظروف المناسبة لها في اوقات سابقة، وفي هذا الوقت ايضا، الذي يمكن للمراقب السياسي ان يلاحظ بوضوح محورية المجلس الاعلى تحديدا والائتلاف الوطني العراقي على وجه العموم، برغم انه بحسب النتائج الاولية للانتخابات يأتي بالمرتبة الثالثة بعد قائمتي ائتلاف دولة القانون والعراقية.
وبما انه ليس بإمكان كتلة واحدة تشكيل حكومة اغلبية برلمانية، ولا حتى كتلتين ايضا، فهذا يعني ان هناك حاجة لا بد منها لاعتماد مبدأ التوافقات السياسية الذي يعني بالدرجة الاساس الاتفاق على خارطة طريق واضحة لتشكيل الحكومة ولبرنامجها السياسي، والتوافقات تعني فيما تعنيه الشراكة ليس في توزيع المناصب وكأنها غنائم حرب، وانما الشراكة في رسم السياسات وتحديد الاولويات، وتشخيص المسارات.
ويشير عضو الائتلاف الوطني العراقي وائل عبد اللطيف الى ان خمسة او ستة ائتلافات هي التي ستشكل خارطة العراق السياسية للمرحلة المقبلة، وان القوائم الثلاث الاولى – الوطني العراقي ودولة القانون والعراقية- مضافا اليها قائمتي التحالف الكردستاني وجبهة التوافق، هي المعنية بضرورة الاسراع بعقد مشاورات جدية وحثيثة فيما بينها.
وبالفعل فإن مسيرة المباحثات والمفاوضات لرسم وصياغة معالم المرحلة المقبلة انطلقت منذ اليوم الاول لما بعد الانتخابات، وربما قبل ذلك، وما شهدته الكواليس السياسية في بغداد وفي اقليم كردستان يشير بوضوح الى ذلك الامر.
هذا من جانب، ومن جانب اخر فإن ظروف ومناخات الحراك السياسي في المرحلة الراهنة تبدو مؤاتية الى حد كبير لتشكيل جبهة سياسية وطنية عريضة بين الكتل والكيانات السياسية الكبيرة والمحورية، كما دعا رئيس المجلس الاعلى قبل عدة شهور، وهذه الاطروحة او الفكرة لا تختلف كثيرا عن اطروحة ـ صيغة ـ الاتفاق الرباعي بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، والمجلس الاعلى الاسلامي العراقي، وحزب الدعوة الاسلامية، التي اقرت وتحركت في الفضاء السياسي قبل ما يقارب ثلاثة اعوام، وقد لعب رئيس المجلس الاعلى الراحل السيد عبد العزيز الحكيم دورا محوريا في بلورة وانضاج هذه الاطروحة وتفعيلها على ارض الواقع، علما انه كان هناك اتجاه لتوسيع دائرة المشاركة في ذلك الاطار بضم الحزب الاسلامي العراقي واطراف سياسية اخرى.
ولا شك ان ما يذهب اليه عدد غير قليل من السياسيين والمهتمين بالشأن العراقي من ان المرحلة المقبلة تتطلب الاحتكام الى مبدأ التوافقات والمشاركة الحقيقية والواسعة، امر صحيح ودقيق جدا ويعكس حقائق الواقع.