ارشيف من :آراء وتحليلات

ما هي قصة "الصدفة" و"الحادث العادي" في حادثتي عيون أرغش وتوقيف بطرس حبشي؟

ما هي قصة "الصدفة" و"الحادث العادي" في حادثتي عيون أرغش وتوقيف بطرس حبشي؟
كتب علي عوباني
ثمة مثل شعبي يقول "التاريخ يعيد نفسه"، لكن أن يعيد نفسه في فترة زمنية متقاربة وبأقل من شهر ونصف، فان ذلك يطرح ولا بد تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة وكبيرة ؟.. فما بين حادثة 23 شباط/ فبراير 2010 تاريخ توقيف المدعو بطرس حبشي المطلوب بحوالي 60 مذكّرة توقيف بجرائم مخدّرات داخل سيارة النائب ايلي كيروز في منطقة ظهر البيدر، وحادثة عيون أرغش في 4 نيسان/ أبريل والتي تعرض فيها عناصر بلباسٍ موحّد قيل أنهم ينتمون الى القوات اللبنانية باطلاق النار والقذائف على مواطنين يتنزهون في تلك المنطقة، ثمة أوجه شبه وروابط كثيرة، اذا ما جرت مقاربة عناصر الحادثتين وحتى رد فعل القوات عقب كل حادثة.
فاذا كانت المفارقة أن الحادثين وقعا في مناطق لا تبعد مسافة كبيرة عن بعضهما البعض ( دير الأحمر وعيون أرغش) فان في وقائعهما دلالات كثيرة على أن جهة معينة واحدة ومنظمة تقف خلفهما، استنادا الى التشابه المطلق بالعناصر المرتبطة بهما، لا سيما من خلال مصادرة كميات كبيرة ومتشابهة من الأسلحة ( منزل حبشي: قذائف صاروخيةمن نوع إينرغا و"آر بي جي"..، منزل عين ارغش: قاذفا "آر بي جي" وعشرات القذائف الصاروخية، رشاش متوسط من عيار 12.7 ملم مع قاعدته وبنادق أميركية الصنع وثلاث كاميرات مراقبة ومنظار ليلي متطور)، وكميات كبيرة من المخدرات في الحادثين.

واذا كانت حادثة دير الأحمر ربطت لزاما بالقوات اللبنانية لتواجد حبشي داخل سيارة نائب القوات اللبنانية ايلي كيروز، فان ربط حادثة عيون أرغش بالقوات جاء استنادا لأكثر من واقعة أولاها أن المنطقة تقع تحت نفوذ القوات اللبنانية المطلق لوقوعها بالقرب من بشري والأرز، وثانيها مصادرة ألبسة عسكرية (سترات لون كاكي معروفة بصنعها لجيش العميل لحد ومستوردة من الكيان الغاصب) كانت معتمدة لدى القوات اللبنانية أثناء الحرب الأهلية، سيما بعد ورود معلومات تتحدث عن أن الاسلحة المصادرة ممهورة بكتابات عبرية. وثالثها ما نقل من معطيات تشير الى اعتراف الموقوفين في الحادثة على ذمة التحقيق بانتماءهم الى القوات اللبنانية.
هذا التقارب ليس "مصادفة" بالتأكيد وليس "حادثا عاديا" يمر عليه مرور الكرام بكل تأكيد، خصوصا اذا ما علمنا بأن الموقع الجغرافي للمنطقة يجعلها تشرف على مدينة بعلبك والهرمل لعلوها أكثر من ألفي متر، ما جعلها مسرحا للانتهاكات الجوية الاسرائيلية المستمرة، دون إغفال الانزال الاسرائيلي مرتين في منطقة قريبة من عيون أرغش، ما يجعلنا امام هذه الوقائع التي تثير الريبة والشك، نطرح العديد من الأسئلة:

ـ لمصلحة من إطلاق النار والقذائف على المواطنين الآمنين ومن ثم على الجيش اللبناني؟ وكيف تفسّر القوات توجهيها سلاحها غير الشرعي الى صدر الجيش؟ والا يعتبر ذلك اجهاضا لأكذوبتها المتواصلة بأنها لا تريد الا سلاح الجيش سلاحا شرعيا على الأراضي اللبنانية، وخرقا فاضحا لاتفاق الطائف ؟

ـ ماذا يعني مصادرة هذا الكم والنوع من الأسلحة؟ وهل صحيح أن القوات اللبنانية تقيم مربعات أمنية ومخيمات تدريب في تلك المنطقة؟، وهل صحيح ما يحكى عن أنها تعيد بناء قدرتها العسكرية انطلاقا من تلك المناطق الجردية؟، وهل هي فعلا تقوم ببناء مليشياتها مستظلة عباءة الدولة اللبنانية والتحالفات السياسية التي أقامتها؟، وما مدى صحة ما تم تداوله عن وجود أسلحة مصادرة مدموغة بعبارات عبرية؟ ثم ما علاقة الإنزال الاسرائيلي مرتين في منطقة قريبة من عيون ارغش بالاسلحة المصادرة؟.

- ماذا يعني مصادرة هذه الكمية الكبيرة من المخدرات ربطا بحادثة بطرس حبشي المماثلة ؟ هل تعمد القوات الى ترويج المخدرات وما سر هذه الكيمات الكبيرة المصادرة في الحادثتين؟ وما الهدف من هذا الفعل الجرمي هل هو المال او ثمة اهداف ادهى من ذلك؟.

من هنا، وتأسيسا على كل ما سيق او سيساق، فلا يقنعنا أحد بأن " حادثة عادية وقعت في عيون أرغش"، كما استقل بطرس حبشي صدفة سيارة النائب كيروز"، لأن ذلك فيه اسفاف واستخفاف بعقول البشر والناس، أمام حجم الوقائع المعلنة فكيف اذا كان ما خفي أعظم، ولا يقنعنا احد بأن نواطير الحراسة باتت تتسلح باسلحة مضادة للطائرات والآليات لمواجهة اللصوص، كما لا يقنعنا احد بان حجم الكمية المصادرة من الاسلحة وانواعها هي للحماية الفردية، ولا ان حجم كمية المخدرات هي للتعاطي الفردي ايضا..

ثمة وقائع لا لبس فيها في حادثة عيون أرغش تحتاج الى إجابات مقنعة لا الى بيانات تتحدث عن كل شيء الا عن الحادثة، أو تربط ما حصل في قرية صغيرة بمحاور اقليمية لذر الرماد في العيون، فلم يعد يجدي لعب دور الضحية الدائم باللجوء الى القضاء امام كل اتهام او مواجهة، ولا محاولة القول ان ثمة حملات تستهدف "الخط السيادي الذي تنتهجه القوات اللبنانية"، لأن ثمة وقائع وأدلة تحتاج لاجهاضها الى دليل مقابل لا الى تبسيط الوقائع عبر القول ان "القاء القبض على بطرس حبشي، هو كغيره من الإعتقالات"، او ان "حادثة عيون ارغش حادثة عادية يحصل مثلها في باقي المناطق"، فمقارنة بسيطة بين بياني القوات اللبنانية عقب حادثة توقيف حبشي وحادثة عيون ارغش تظهر ان البيان الثاني جاء "فوتوكوبي" عن البيان الاول مع تعديل في الوقائع، بدءا من مهاجمة الاعلام وربطه بالمحاور، مرورا بتسخيف الوقائع، وصولا للعب دور الضحية وايهام الناس بأن ثمة حملة اعلامية تتعرض لها القوات اللبنانية، ختاما بالتهديد والوعيد باللجوء الى القضاء لمحاسبة وسائل الاعلام لنشرها تلك الوقائع.
2010-04-06