ارشيف من :آراء وتحليلات
على العهد: استحقاقات الخارج وتحصين الداخل

كتب إبراهيم الموسوي
حفلت الأسابيع الأخيرة بمستجدات أمنية وسياسية مفصلية على مستوى الساحة اللبنانية، فقد ألقي القبض على شبكات أمنية عدة مرتبطة بتنظيم فتح الإسلام، وجاءت على خلفية عدة زيارات أمنية رسمية للعاصمة السورية تضمنت لقاءات وتبادل معلومات وأعمال تنسيق. وكان أبرزها قيام وزير الداخلية زياد بارود بزيارة رسمية، بتفويض من مجلس الوزراء اللبناني، هذه الزيارة المثمرة بما أفرزته من وقائع ملموسة تتصل بالشأن الأمني، والتي لم ترق لفريق الرابع عشر من آذار، فرماها بأبشع النعوت، وعرّض بصاحبها الوزير بارود، ما دفع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة للتدخل شخصياً للدفاع عن الزيارة وإنجازاتها.
أما لماذا شنت أبواق الرابع عشر من آذار حملتها على الوزير بارود، وعلى موجة الانفتاح اللبناني على دمشق، فلها جملة أسباب، منها أن فريق السلطة أسقط بيده بعد أن انكشف أمر شبكة فتح الإسلام، المسؤولة عن تفجيرات دمشق، وما أدلت به من اعترافات حول تلقيها الدعم والتمويل من بعض فريق الرابع عشر من آذار، وهو يخاف من انكشاف معلومات إضافية أكثر حساسية وخطورة تتصل بأدوار قام بها بعض مكوناته، فارتأى بعض أطراف هذا الفريق أن يُسعر حملته ضد سوريا، أملاً في التعمية على هذه الحقائق أو في تبهيتها ووضعها في التراشق الاعلامي الناشئ عن نكايات سياسية وليس نتيجة معطيات ملموسة وتورطات ميدانية.
كذلك فإن فريق السلطة ارتأى أن الاعترافات التي قدّمت تصلح لإعادة تجديد الحملة ضد سوريا وصولاً الى من يسميهم هذا الفريق حلفاءها في لبنان، توسلاً لبث الحرارة في أوصال ماكينته الانتخابية واستنفار قاعدته الشعبية، والغاية هي تكتيل عصبوية مسبقة، تساعد على شد أوصال الفريق الآذاري التي أصيبت بالترهل والنكسات والتباينات العميقة بفعل فشل سياسات الداخل ورهانات الخارج.
وبعيداً عن تباينات المواقف السياسية لأفرقاء الداخل، وانتاج موسم الانتخابات اللبنانية باكراً، فإن قراءة هادئة ومتأنية للمنجز الأمني اللبناني وما ولّده ويولده من تداعيات على مستوى التنسيق اللبناني السوري واللبناني الفلسطيني، وما سبقه وتبعه من تبادل للملفات بين الأطراف المعنية يتكشف ما يلي:
أولاً: إن كل سيل الاتهامات والافتراءات وحملات الدعاية التضليلية لم تفلح في تشويه حقيقة الأمور التي برزت بشكل واضح عقب الاكتشافات والاعترافات الأمنية الأخيرة في سوريا ولبنان.
ثانياً: أتاح الهدوء النسبي والعقلنة التي جاءت بعد زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان وغيره من المسؤولين اللبنانيين لتأسيس حالة صحية وسليمة، وفتح صفحة جديدة للعلاقات لن تعكّرها تقولات من هنا واتهامات من هناك.
ثالثاً: ان سوريا تنفتح على لبنان وتقدّم المساعدة من موقع القوة بعد أن استطاعت أن تكسر حلقة الحصار الاقليمي الدولي من حولها وتعاود إمساك زمام المبادرة بقوة أكبر، وعليه فإنها لا تفعل ذلك لتفك "زنقة" أو لتحقق مكاسب آنية، وهو ما يؤكد صدق التوجهات والنوايا لدى القيادة السورية.
رابعاً: ان لبنان الذي يشكل حلقة ضعيفة من دون الظهير السوري والسند الاقليمي العربي بحاجة الى تعميق وترسيخ العلاقة مع كل الدول العربية وعلى رأسها سوريا نظراً لما تمثله من عمق حيوي على كل المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، وهو ما كشفته الأحداث الأخيرة.
اللبنانيون مدعوون اليوم على مستوياتهم وانتماءاتهم المتنوعة لأن يتأملوا في السنوات الثلاث الماضية وما قدّمته من أمثولات وعبر حول فشل الرهانات الخارجية، وسخافة وتفاهة الانقسامات وحالة الاحتراب المصطنع مع سوريا، إذ المطلوب أن تترسخ العلاقة وتتوسع أكثر فأكثر صوناً للبنان وحفظاً لمناعته أمام الأخطار الداخلية والخارجية على حدّ سواء، وهي لا شك كثيرة ومتنوعة، في ظل فتح الملفات الكبيرة، وليس أقلها الموضوع الفلسطيني وما يحضّر له من مخططات في عواصم عديدة قريبة وبعيدة.
الانتقاد/ العدد1316 ـ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
حفلت الأسابيع الأخيرة بمستجدات أمنية وسياسية مفصلية على مستوى الساحة اللبنانية، فقد ألقي القبض على شبكات أمنية عدة مرتبطة بتنظيم فتح الإسلام، وجاءت على خلفية عدة زيارات أمنية رسمية للعاصمة السورية تضمنت لقاءات وتبادل معلومات وأعمال تنسيق. وكان أبرزها قيام وزير الداخلية زياد بارود بزيارة رسمية، بتفويض من مجلس الوزراء اللبناني، هذه الزيارة المثمرة بما أفرزته من وقائع ملموسة تتصل بالشأن الأمني، والتي لم ترق لفريق الرابع عشر من آذار، فرماها بأبشع النعوت، وعرّض بصاحبها الوزير بارود، ما دفع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة للتدخل شخصياً للدفاع عن الزيارة وإنجازاتها.
أما لماذا شنت أبواق الرابع عشر من آذار حملتها على الوزير بارود، وعلى موجة الانفتاح اللبناني على دمشق، فلها جملة أسباب، منها أن فريق السلطة أسقط بيده بعد أن انكشف أمر شبكة فتح الإسلام، المسؤولة عن تفجيرات دمشق، وما أدلت به من اعترافات حول تلقيها الدعم والتمويل من بعض فريق الرابع عشر من آذار، وهو يخاف من انكشاف معلومات إضافية أكثر حساسية وخطورة تتصل بأدوار قام بها بعض مكوناته، فارتأى بعض أطراف هذا الفريق أن يُسعر حملته ضد سوريا، أملاً في التعمية على هذه الحقائق أو في تبهيتها ووضعها في التراشق الاعلامي الناشئ عن نكايات سياسية وليس نتيجة معطيات ملموسة وتورطات ميدانية.
كذلك فإن فريق السلطة ارتأى أن الاعترافات التي قدّمت تصلح لإعادة تجديد الحملة ضد سوريا وصولاً الى من يسميهم هذا الفريق حلفاءها في لبنان، توسلاً لبث الحرارة في أوصال ماكينته الانتخابية واستنفار قاعدته الشعبية، والغاية هي تكتيل عصبوية مسبقة، تساعد على شد أوصال الفريق الآذاري التي أصيبت بالترهل والنكسات والتباينات العميقة بفعل فشل سياسات الداخل ورهانات الخارج.
وبعيداً عن تباينات المواقف السياسية لأفرقاء الداخل، وانتاج موسم الانتخابات اللبنانية باكراً، فإن قراءة هادئة ومتأنية للمنجز الأمني اللبناني وما ولّده ويولده من تداعيات على مستوى التنسيق اللبناني السوري واللبناني الفلسطيني، وما سبقه وتبعه من تبادل للملفات بين الأطراف المعنية يتكشف ما يلي:
أولاً: إن كل سيل الاتهامات والافتراءات وحملات الدعاية التضليلية لم تفلح في تشويه حقيقة الأمور التي برزت بشكل واضح عقب الاكتشافات والاعترافات الأمنية الأخيرة في سوريا ولبنان.
ثانياً: أتاح الهدوء النسبي والعقلنة التي جاءت بعد زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان وغيره من المسؤولين اللبنانيين لتأسيس حالة صحية وسليمة، وفتح صفحة جديدة للعلاقات لن تعكّرها تقولات من هنا واتهامات من هناك.
ثالثاً: ان سوريا تنفتح على لبنان وتقدّم المساعدة من موقع القوة بعد أن استطاعت أن تكسر حلقة الحصار الاقليمي الدولي من حولها وتعاود إمساك زمام المبادرة بقوة أكبر، وعليه فإنها لا تفعل ذلك لتفك "زنقة" أو لتحقق مكاسب آنية، وهو ما يؤكد صدق التوجهات والنوايا لدى القيادة السورية.
رابعاً: ان لبنان الذي يشكل حلقة ضعيفة من دون الظهير السوري والسند الاقليمي العربي بحاجة الى تعميق وترسيخ العلاقة مع كل الدول العربية وعلى رأسها سوريا نظراً لما تمثله من عمق حيوي على كل المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، وهو ما كشفته الأحداث الأخيرة.
اللبنانيون مدعوون اليوم على مستوياتهم وانتماءاتهم المتنوعة لأن يتأملوا في السنوات الثلاث الماضية وما قدّمته من أمثولات وعبر حول فشل الرهانات الخارجية، وسخافة وتفاهة الانقسامات وحالة الاحتراب المصطنع مع سوريا، إذ المطلوب أن تترسخ العلاقة وتتوسع أكثر فأكثر صوناً للبنان وحفظاً لمناعته أمام الأخطار الداخلية والخارجية على حدّ سواء، وهي لا شك كثيرة ومتنوعة، في ظل فتح الملفات الكبيرة، وليس أقلها الموضوع الفلسطيني وما يحضّر له من مخططات في عواصم عديدة قريبة وبعيدة.
الانتقاد/ العدد1316 ـ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008