ارشيف من :أخبار عالمية

ميليباند من دمشق: سوريا اتخذت إجراءات مرضية خلال الأشهر الأخيرة بشأن لبنان خصوصاً

ميليباند من دمشق: سوريا اتخذت إجراءات مرضية خلال الأشهر الأخيرة بشأن لبنان خصوصاً
دمشق ـ راضي محسن
أرست دمشق ولندن "قاعدة متينة لشراكة مستقبلية" بينهما وأجرى الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أمس محادثات "جيدة" تناولت مختلف القضايا الإقليمية الراهنة وسبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين" وفق ما ذكره وزير الخارجية السوري وليد المعلم للصحفيين الذين أكد أمامهم أيضاً "حرص" سورية على "استمرار" العلاقة مع حزب الله الذي تحدث عنه المعلم باعتباره "حزب سياسي مقاوم لديه نوابه في البرلمان، وهو جزء من مكونات الشعب اللبناني".
ووصل ميليباند إلى دمشق أمس في زيارة استمرت يومين هي الأولى لمسؤول بريطاني رفيع بهذا المستوى منذ نحو سبع سنوات.
شراكة سورية بريطانية تستند إلى الاحترام والثقة
وفي مؤتمر صحفي مشترك، لفت المعلم إلى أن سورية وبريطانيا عملتا "منذ 18 شهراً من أجل بناء شراكة" بينهما، على حين أشار ميليباند إلى أن "المقاربة التي بنينا عليها عملنا خلال الثمانية عشر شهراً الماضية كانت تستند إلى قاعدة من بناء الثقة والاحترام في عملنا وحوارنا".
وقال المعلم إن مباحثات الرئيس الأسد والوزير البريطاني "أرست قاعدة متينة لشراكة مستقبلية بين البلدين" فيما أعرب ميليباند عن امتنانه للرئيس الأسد "على المحادثات التي أجراها معه والتفاصيل التي تم التطرق اليها وللطريقة التي تطورت بها العلاقات السورية البريطانية".
وأوضح بيان رئاسي سوري أن الرئيس الأسد والوزير ميليباند " أكدا على ضرورة استمرار التشاور والتعاون بين البلدين الصديقين بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى أساس المصالح المشتركة لكلا الشعبين".
وأضاف البيان إنه "جرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر بشأن تطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط والعالم ولاسيما في الأراضي الفلسطينية المحتلة والعراق ولبنان حيث أعرب الوزير ميليباند عن تقدير بلاده العالي لدور سورية الهام والايجابي والجهود التي تبذلها في سبيل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة
وبعد أن وصف سورية بأنها "بلد مهم لديه مسؤوليات كبيرة في هذه المنطقة المهمة" أعرب الوزير البريطاني عن ترحيب بلاده "بالاجراءات" التي اتخذتها سورية "بشأن علاقاتها بلبنان والعراق" وأمل أن "تتواصل" وذلك في إشارة إلى اتفاق دمشق وبيروت على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما مؤخراً وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلدين، وإلى تعيين دمشق سفيراً لها في بغداد بعد حوالي ثلاثين عاماً من خلو المنصب.
وأضاف ميليباند: "أمام سورية فرصة للاضطلاع بدور يشجع الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، لقد اتخذت إجراءات مرضية خلال الأشهر الأخيرة بشأن لبنان خصوصاً".
سورية وحزب الله وحماس وإيران
ورداً على سؤال إن كانت المحادثات بين دمشق ولندن ستستمر مع احتفاظ سورية بعلاقاتها مع حركة حماس وحزب الله، قال المعلم "حماس جزء من الشعب الفلسطيني، وهي جزء مهم يستحوذ اليوم على أغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني نتيجة انتخابات جرت داخل الأراضي الفلسطينية والعلاقة مع حماس هي كالعلاقة مع فتح ومع الفصائل الأخرى، ما نأمله أن ينضم الجميع في توافق وطني حول الحقوق الفلسطينية لأن قضيه فلسطين تُخدَم أكثر من خلال الوحدة الوطنية".
وفيما يتعلق بعلاقة سورية مع حزب الله أضاف المعلم: إن "حزب الله هو حزب سياسي مقاوم لديه نوابه في البرلمان، وهو جزء من مكونات الشعب اللبناني ، والعلاقة مع حزب الله كالعلاقة مع حركة أمل والقوى الوطنية الأخرى التي نحرص على استمرارها".
وزاد المعلم قوله: أعتقد أن هذا السؤال يجب أن يُجاب عنه عندما يتحقق السلام العادل والشامل، لا أن نقفز إلى النتائج والأرض مازالت تحت الاحتلال".
ورداً على سؤال مماثل يتعلق بإمكانية أن تطور سورية علاقاتها مع أوروبا مع الاحتفاظ بعلاقتها الجيدة مع إيران قال المعلم "الواقع الجغرافي يجعل من إيران حقيقة واقعه في منطقتنا وجار لهذه المنطقة لهذا نعتقد أن علاقة جيده مع إيران سوف تساعد على امن و استقرار المنطقة".
وأضاف المعلم "للغرب علاقات طيبة مع إسرائيل ونحن نريد استثمار هذه العلاقات لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة ونحن سعداء لان الغرب يسأل الآن حول كيفية أن تساعد سورية بردم الهوة بين الغرب وإيران".
سورية ومزاعم النووي
وجدد المعلم التأكيد على أن موقع (الكَبَر) الذي قصفته إسرائيل في محافظة دير الزور في أيلول/سبتمبر من العام الماضي بزعم أنه منشأة نووية هو "موقع عسكري قيد الإنشاء".
وتحدثت تقارير إعلامية عن عثور فريق من المفتشين الدوليين الذين زاروا الموقع في حزيران/يونيو الماضي على ذرات من اليورانيوم في بعض العينات التي أخذوها من الموقع،  وقال المعلم رداً على سؤال يتعلق بذلك "هذه المنشأة هي منشأة عسكريه وليست للأغراض النووية، ولذلك ذرات اليورانيوم المخصب التي وجدت تشير إلى أن التفسير العلمي الوحيد لها أنها نتيجة القذائف الإسرائيلية"، معرباً عن سعادته لـ"مطالبة (المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد) البرادعي إسرائيل بالتعاون مع الوكالة للكشف عن هذا الأمر".
وأضاف المعلم "نحن كدولة موقعه على معاهده عدم الانتشار من واجبنا انتظار تقرير  البرادعي حتى نستطيع الرد عليه".
بدوره قال الوزير البريطاني "نحن ننتظر التقرير الذي ستقدمه الوكالة الدولية في هذا الشأن قبل التعليق على هذا الموضوع".
الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة
وفي الشأن الفلسطيني، عبر الرئيس الأسد أمام ميليباند "عن قلق سورية الكبير من الوضع الإنساني المأساوي في قطاع غزة جراء الحصار والممارسات الإسرائيلية ولفت إلى أن كسر الحصار بات حاجة ملحة وأن على الدول الأوروبية القيام بدورها في هذا الخصوص".
ودان ميليباند ما أسماه "العنف الذي تمارسه حركة حماس" واعتبر في الوقت نفسه أن "إقامة دولة فلسطينية بحدود حزيران/يونيو 1967 هي أساس السلام" وقال "يجب أن تعيش هذه الدولة جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل" محذراً من أن "الانقسامات الفلسطينية والعنف الذي تمارسه حماس يضر بالقضية الفلسطينية، ويضر كذلك بسورية التي تريد إقامة سلام عادل وشامل في المنطقة".
كما أكد ميليباند رفض بلاده لوجود المستوطنات الإسرائيلية ودعا إسرائيل إلى الالتزام بتعهداتها إزاء خطة خارطة الطريق وعبر عن القلق من الوضع الإنساني في غزة وقال: من المهم أن تصل المساعدات الطبية والغذائية إلى الناس المحتاجين أينما كانوا.
وحث المعلم "كل الأطراف على الالتزام باتفاق التهدئة، وطالب برفع الحصار عن سكان غزة وحذر من أن استمراره يؤدي لحدوث "كارثة إنسانية" معتبراً أن "رفع الحصار والتهدئة يخلقان جواً مناسباً لعام 2009 الذي نأمل أن يكون عام العمل من أجل السلام الشامل".
ووقعت فصائل المقاومة وإسرائيل اتفاقاً للتهدئة برعاية مصر منذ خمسة أشهر إلا أن العدوان الإسرائيلي التصاعد بحق أبناء الشعب الفلسطيني منذ الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري يهدد استمرار التهدئة.
وأكد ميليباند أن "بريطانيا تدعم قرارات الأمم المتحدة التي تدعو إسرائيل للانسحاب مـن الجولان وتطالب كافه الجهات المعنية بتحقيق التزاماتها لتطبيق هذه القرارات".
عملية السلام والدور الأميركي فيها
كما أبدى ترحيبه بالمفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وسورية برعاية تركية والتي بدأت في أيار/مايو الماضي وأنجزت حتى الآن أربع جولات، وقال "نأمل من هذه الجولات أن تستمر" مؤكداً دعم بلاده لهذه العملية وتشجيع كل الأطراف المشاركة فيها.
ورأى الرئيس الأسد خلال اللقاء أن "عملية السلام في المنطقة تحتاج إلى جدية الطرف الإسرائيلي، وإلى راعٍ نزيه وإلى دور أوروبى فاعل وتضافر الجهود الدولية" قبل أن يعتبر أن  "الوصول إلى سلام عادل وشامل مبنى على قرارات الشرعية الدولية هو الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة الأمر الذي ينعكس إيجاباً على العالم أجمع".
وأعرب الوزير البريطاني عن اعتقاده بأن انتخاب إدارة أميركية جديدة "يوفر فرصاً جديدة للانخراط في الشرق الأوسط" وطالب إدارة الرئيس المنتحب باراك أوباما بأن "تشارك في تحقيق السلام منذ يومها الأول" من استلام مهامها كما طالب أيضاً "المجتمع الدولي بدعم التوصل إلى تسويه عادلة في الشرق الأوسط".
وكان الرئيس الأسد بحث الشهر الماضي مع سايمون ماكدونالد مستشار رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون العلاقات السورية البريطانية وسبل تعزيزها في المجالات كافة.
وأكد ميليباند أن سورية لاعب أساسي ودورها مفتاحي في أي عمل يهدف إلى السلام والاستقرار في المنطقة وانه نقل للرئيس الأسد ارتياح رئيس الوزراء البريطاني بعودة الدفء للعلاقات السورية البريطانية.
يشار إلى أن الوزيرين المعلم وميليباند أجريا محادثات في لندن الشهر الماضي تناولت العلاقات الثنائية وتطورات الوضع في الشرق الأوسط صدر في أعقابها بيان صحفي أشار إلى أن المحادثات كانت مفيدة وبناءة حيث عبر الجانبان عن الرغبة المشتركة في العمل من أجل استقرار المنطقة على أساس المصالح المشتركة وأكدا أهمية تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
2008-11-19