ارشيف من :آراء وتحليلات
هل من علاقة بين التفجيرات الانتحارية والمنظمات الإنسانية الغربية؟

عقيل الشيخ حسين
هل يمكن لمن في رأسه ذرة من عقل أن يظن أن طبيباً إيطالياً يذهب إلى أفغانستان لتفجير حاكم إقليم؟ هذا ما قاله جينو إسترادا، رئيس جمعية "إيمرجنسي" وهي جمعية خيرية طبية إيطالية تعمل في أفغانستان في تعليق له على قيام السلطات الأفغانية باعتقال ثلاثة إيطاليين وعدة أشخاص أفغان يعملون في مستشفى تديره الجمعية المذكورة في مدينة لشكركاه في إقليم هلمند، وذلك بعد عملية تفتيش أجرتها السلطات الأفغانية في المستشفى المذكور وعثرت خلالها على سترتين مفخختين وعبوات يدوية الصنع وأسلحة.
وأضاف إسترادا : هنالك دائماً احتمال بأن يكون مرتشٍ ما قد وضعها أثناء التفتيش. ما يعني أن هنالك عملية توريط تستهدف الجمعية الخيرية الإيطالية، مشيراً إلى أن هذه العملية من تدبير السلطات الأفغانية وقوات حلف شمال الأطلسي.
أما سبب هذه المؤامرة، بحسب استرادا نفسه، فهو إجبار الجمعية على مغادرة أفغانستان لأنها "شاهد مزعج" على نتائج ما يسمى الحرب على الإرهاب، ويوضح أن أربعين بالمئة من ضحايا الحرب هم أطفال تقل أعمارهم عن 14 عاماً، وأن الحكومة الأفغانية وقوات الأطلسي تمنع وصول الجرحى إلى المستشفى الذي تديره الجمعية...
لكن حاكم إقليم هلمند أدلى برأي مغاير عندما صرّح بأن المعتقلين كانوا يخططون لتنفيذ هجمات في لشكركاه، وأن هدفهم الأول هو حاكم الإقليم نفسه.
ليس من الممكن طبعاً معرفة أي الطرفين يقول الحقيقة، كما أنه من غير الممكن أن نعرف ما إذا كانت هذه القضية ستتضح أم لا.
وإذا كان من الممكن للحكومة الأفغانية وقوات الأطلسي ألا تعفا عن التستر على أعداد ضحايا الحرب من المدنيين، وأن تسعيا إلى التخلص من الشهود المزعجين، فإنه من الممكن أيضاً لأطراف النزاع أن تفتعل أحداثاً بهدف تدعيم سياساتها وتقويض سياسات خصومها. وهذه أمور قديمة قدم التاريخ، ولا تعد ولا تحصى الأحداث الإجرامية التي يفتعلها فريق بهدف إلصاق التهمة بالفريق المعادي بقصد إرباكه وإحراجه أمام مناصريه.
ولا يكفي لرئيس الجمعية الخيرية الإيطالية أن يستنجد بالعقل الذي لا يصدق أن طبيباً يمكنه القيام بعملية تفجير، ليثبت بذلك أن ذلك الطبيب يعف عن تنفيذ مثل هذه العملية. فكما أن هنالك إمكانية لقيام مرتش ما بدس الأسلحة والمتفجرات داخل مستشفى، هنالك أيضاً إمكانية لأن يقوم طبيب أو منتحل لصفة الطب أو التمريض أو أي عمل آخر من الأعمال التي تضطلع بها الجمعيات والمنظمات الخيرية والإنسانية، بتنفيذ أو تدبير عمليات إجرامية.
فمثل تلك الجمعيات والمنظمات ضبطت متلبسة بعمليات تهريب أطفال بهدف بيعهم في بلدان الغرب من هايتي ودارفور. ومثل تلك الجمعيات تتستر بالتعليم وتقوم بأعمال تنصير واسعة النطاق في العديد من بلدان العالم الإسلامي.
والمعروف لدى القاصي والداني أن مثل تلك الجمعيات التي يعمل فيها مئات الألوف من الأفراد الغربيين كانت وما تزال دائمة الحضور إلى جانب جيوش الغزو الأوروبي خلال المرحلة الاستعمارية، وأنها كانت وما تزال تنفذ السياسات الاستعمارية من وراء القفازات الحريرية التي ترتديها لتمويه أهدافها الحقيقية.
فهل نستغرب، والحالة تلك، قيام القوى الاستعمارية بإيكال الكثير من المهام غير النظيفة إلى جهات تتم إحاطتها بهالات النظافة من كل جانب ؟
إذا تبين حقاً أن الأحزمة المتفجرة والأسلحة التي ضبطت في المستشفى الذي تديره الجمعية الإيطالية في لشكركاه تعود لعاملين في تلك الجمعية، فإن ذلك يشكل حدثاً يستلزم الوقوف أمامه مطولاً ومطولاً جداً، لأنه يعني أن قوى الغزو في أفغانستان وغير أفغانستان هي المسؤولة عن قسم قد يكون الأكبر من التفجيرات التي يتواتر وقوعها في أفغانستان والعراق وغيرهما من البلدان التي يستهدفها المشروع الأميركي، والتي تأخذ في الكثير من الأحيان شكل المجازر التي تقترب من حد الإبادة.
الهدف بالطبع هو التأكيد على الطبيعة الإرهابية المفتعلة لحركات المقاومة، إضافة إلى بث الذعر في صفوف السكان، ونشر الفوضى والفتن الكفيلة بخدمة أغراض الاحتلال.
إذا تبين ذلك، فإن الارتياب بالكثير من التفجيرات التي باتت تشكل الحدث الأبرز في البلدان الواقعة تحت الاحتلال الأميركي، بدلاً من أن يكون الاحتلال هو الحدث الأبرز، سيصبح اقتناعاً راسخاً ومدعوماً بدليل صارخ، أن الاحتلال هو من يقف وراء هذه التفجيرات التي يقوم بتدبيرها عبر جمعيات خيرية أو غير خيرية.
وعندها سيكون من الضروري والملح أن تتشكل محكمة عالمية للتحقيق في جميع التفجيرات الانتحارية لمعرفة ما إذا كانت أعمال مقاومة أو أعمالاً إجرامية ينفذها المحتلون وأصحاب المآرب الاستعمارية أو العميلة...في جميع التفجيرات، وفي طليعتها تفجيرات تفجيرات 11 أيلول / سبتمبر 2001، التي جاءت كفرصة ذهبية للإدارة الأميركية لتبرير حربها على الإرهاب. والسؤال الأول الذي لا بد أن تنطلق منه التحقيقات هو حول هوية المستفيد، أو على الأصح، هوية الجهة التي ظنت أنها ستكون المستفيدة من هذه التفجيرات التي خيل للمحافظين الجدد أنها ستكون بوابتهم نحو إقامة إمبراطوريتهم العالمية، والتي انقلبت وبالاً عليهم وعلى بلدهم بالأشكال البائسة المتمثلة بالمستنقعات التي غرقت فيها الولايات المتحدة منذ 11 أيلول / سبتمبر 2001.
هل يمكن لمن في رأسه ذرة من عقل أن يظن أن طبيباً إيطالياً يذهب إلى أفغانستان لتفجير حاكم إقليم؟ هذا ما قاله جينو إسترادا، رئيس جمعية "إيمرجنسي" وهي جمعية خيرية طبية إيطالية تعمل في أفغانستان في تعليق له على قيام السلطات الأفغانية باعتقال ثلاثة إيطاليين وعدة أشخاص أفغان يعملون في مستشفى تديره الجمعية المذكورة في مدينة لشكركاه في إقليم هلمند، وذلك بعد عملية تفتيش أجرتها السلطات الأفغانية في المستشفى المذكور وعثرت خلالها على سترتين مفخختين وعبوات يدوية الصنع وأسلحة.
وأضاف إسترادا : هنالك دائماً احتمال بأن يكون مرتشٍ ما قد وضعها أثناء التفتيش. ما يعني أن هنالك عملية توريط تستهدف الجمعية الخيرية الإيطالية، مشيراً إلى أن هذه العملية من تدبير السلطات الأفغانية وقوات حلف شمال الأطلسي.
أما سبب هذه المؤامرة، بحسب استرادا نفسه، فهو إجبار الجمعية على مغادرة أفغانستان لأنها "شاهد مزعج" على نتائج ما يسمى الحرب على الإرهاب، ويوضح أن أربعين بالمئة من ضحايا الحرب هم أطفال تقل أعمارهم عن 14 عاماً، وأن الحكومة الأفغانية وقوات الأطلسي تمنع وصول الجرحى إلى المستشفى الذي تديره الجمعية...
لكن حاكم إقليم هلمند أدلى برأي مغاير عندما صرّح بأن المعتقلين كانوا يخططون لتنفيذ هجمات في لشكركاه، وأن هدفهم الأول هو حاكم الإقليم نفسه.
ليس من الممكن طبعاً معرفة أي الطرفين يقول الحقيقة، كما أنه من غير الممكن أن نعرف ما إذا كانت هذه القضية ستتضح أم لا.
وإذا كان من الممكن للحكومة الأفغانية وقوات الأطلسي ألا تعفا عن التستر على أعداد ضحايا الحرب من المدنيين، وأن تسعيا إلى التخلص من الشهود المزعجين، فإنه من الممكن أيضاً لأطراف النزاع أن تفتعل أحداثاً بهدف تدعيم سياساتها وتقويض سياسات خصومها. وهذه أمور قديمة قدم التاريخ، ولا تعد ولا تحصى الأحداث الإجرامية التي يفتعلها فريق بهدف إلصاق التهمة بالفريق المعادي بقصد إرباكه وإحراجه أمام مناصريه.
ولا يكفي لرئيس الجمعية الخيرية الإيطالية أن يستنجد بالعقل الذي لا يصدق أن طبيباً يمكنه القيام بعملية تفجير، ليثبت بذلك أن ذلك الطبيب يعف عن تنفيذ مثل هذه العملية. فكما أن هنالك إمكانية لقيام مرتش ما بدس الأسلحة والمتفجرات داخل مستشفى، هنالك أيضاً إمكانية لأن يقوم طبيب أو منتحل لصفة الطب أو التمريض أو أي عمل آخر من الأعمال التي تضطلع بها الجمعيات والمنظمات الخيرية والإنسانية، بتنفيذ أو تدبير عمليات إجرامية.
فمثل تلك الجمعيات والمنظمات ضبطت متلبسة بعمليات تهريب أطفال بهدف بيعهم في بلدان الغرب من هايتي ودارفور. ومثل تلك الجمعيات تتستر بالتعليم وتقوم بأعمال تنصير واسعة النطاق في العديد من بلدان العالم الإسلامي.
والمعروف لدى القاصي والداني أن مثل تلك الجمعيات التي يعمل فيها مئات الألوف من الأفراد الغربيين كانت وما تزال دائمة الحضور إلى جانب جيوش الغزو الأوروبي خلال المرحلة الاستعمارية، وأنها كانت وما تزال تنفذ السياسات الاستعمارية من وراء القفازات الحريرية التي ترتديها لتمويه أهدافها الحقيقية.
فهل نستغرب، والحالة تلك، قيام القوى الاستعمارية بإيكال الكثير من المهام غير النظيفة إلى جهات تتم إحاطتها بهالات النظافة من كل جانب ؟
إذا تبين حقاً أن الأحزمة المتفجرة والأسلحة التي ضبطت في المستشفى الذي تديره الجمعية الإيطالية في لشكركاه تعود لعاملين في تلك الجمعية، فإن ذلك يشكل حدثاً يستلزم الوقوف أمامه مطولاً ومطولاً جداً، لأنه يعني أن قوى الغزو في أفغانستان وغير أفغانستان هي المسؤولة عن قسم قد يكون الأكبر من التفجيرات التي يتواتر وقوعها في أفغانستان والعراق وغيرهما من البلدان التي يستهدفها المشروع الأميركي، والتي تأخذ في الكثير من الأحيان شكل المجازر التي تقترب من حد الإبادة.
الهدف بالطبع هو التأكيد على الطبيعة الإرهابية المفتعلة لحركات المقاومة، إضافة إلى بث الذعر في صفوف السكان، ونشر الفوضى والفتن الكفيلة بخدمة أغراض الاحتلال.
إذا تبين ذلك، فإن الارتياب بالكثير من التفجيرات التي باتت تشكل الحدث الأبرز في البلدان الواقعة تحت الاحتلال الأميركي، بدلاً من أن يكون الاحتلال هو الحدث الأبرز، سيصبح اقتناعاً راسخاً ومدعوماً بدليل صارخ، أن الاحتلال هو من يقف وراء هذه التفجيرات التي يقوم بتدبيرها عبر جمعيات خيرية أو غير خيرية.
وعندها سيكون من الضروري والملح أن تتشكل محكمة عالمية للتحقيق في جميع التفجيرات الانتحارية لمعرفة ما إذا كانت أعمال مقاومة أو أعمالاً إجرامية ينفذها المحتلون وأصحاب المآرب الاستعمارية أو العميلة...في جميع التفجيرات، وفي طليعتها تفجيرات تفجيرات 11 أيلول / سبتمبر 2001، التي جاءت كفرصة ذهبية للإدارة الأميركية لتبرير حربها على الإرهاب. والسؤال الأول الذي لا بد أن تنطلق منه التحقيقات هو حول هوية المستفيد، أو على الأصح، هوية الجهة التي ظنت أنها ستكون المستفيدة من هذه التفجيرات التي خيل للمحافظين الجدد أنها ستكون بوابتهم نحو إقامة إمبراطوريتهم العالمية، والتي انقلبت وبالاً عليهم وعلى بلدهم بالأشكال البائسة المتمثلة بالمستنقعات التي غرقت فيها الولايات المتحدة منذ 11 أيلول / سبتمبر 2001.