ارشيف من : 2005-2008

زيارة رايس: مقدمة عدوان اسرائيلي على قطاع غزة بغطاء عربي؟

زيارة رايس: مقدمة عدوان اسرائيلي على قطاع غزة بغطاء عربي؟

مهمة محددة تتصل بالواقع اللبناني والفلسطيني تحديدا، فضلا عن التحريض على إيران... من جهة محاولة تطويق التداعيات التي ترتبت على هزيمة الجيش الاسرائيلي في حربه على لبنان، وقطع الطريق على المخطط الأميركي الذي يستهدف مواقع الصمود والممانعة والمقاومة في المنطقة، وذلك عبر توجيه وتنسيق وتكثيف جهود "الزعماء المعتدلين" في السعودية ومصر والسلطة وآخرين.‏

ويبدو جليا، فيما يخص الساحة الفلسطينية، أن من الأهداف الرئيسية في هذه الجولة هو محاولة تطويع حركة حماس أو إسقاطها، ولعل في ما طلبته رئيسة الدبلوماسية الأميركية من الدول العربية بضرورة تعزيز مكانة أبو مازن خير مؤشر على المسار السياسي الذي تحاول رايس أن ترسمه في فلسطين، كما انه يبلور الإطار العام الذي تندرج ضمنه الأحداث الأمنية الأخيرة، ولا سيما في ظل ما نقلته صحيفة يديعوت احرونوت (3/10/2006) وصدقته المواقف السياسية الفلسطينية، "عن طلب الإدارة الأميركية من الرئيس الفلسطيني عدم الموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية حتى لو أدى ذلك، وهو أمر مرغوب به لدى الإدارة الأميركية، إلى حل البرلمان الفلسطيني وتشكيل حكومة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات عامة".‏

السياق السياسي الذي دفع الادارة الاميركية للمبادرة الى دفع التطورات في هذه اللحظة السياسية بالاتجاه المشار اليه، يتصل مباشرة بالنتائج التي ترتبت على إسقاط المخطط الاميركي ـ الاسرائيلي في لبنان ومنه. كما انه يشكل جزءاً لا يتجزأ من التوجه الاسرائيلي المتجدد والذي ظهر بقوة في اعقاب انتهاء الحرب وبعد رفض حماس الضغوط العربية والسياسية المتعلقة بإطلاق سراح الجندي الاسرائيلي "جلعاد شاليط".‏

هذا التعاقب والتزامن في آن يُظهر، فيما يظهره، ان الاولوية الاميركية الاسرائيلية في هذه المرحلة هي محاولة الحد من التداعيات السياسية لانتصار المقاومة التاريخي والاستراتيجي على المنطقة، ومحاولة تطويقها، خاصة على الساحة الفلسطينية والساحة الداخلية اللبنانية. وعليه فإن مهمة بهذا الحجم وهذا المستوى من الاهمية استدعت بنظر الادارة الاميركية استنهاض الانظمة العربية المتضررة من تألق خيار المقاومة على مستوى المنطقة في ظل فشل الخيارات البديلة وثبات عقمها بالتجربة الطويلة والمملة.‏

ويقترن ذلك بحرص "إسرائيل" على تكرار حظها، المتعثر في لبنان، ولكن هذه المرة في غزة، ومحاولة استبدال هزيمتها في لبنان بصورة نصر في مواجهة المقاومة والشعب الفلسطيني.‏

وعليه فإن زيارة رايس تأتي لتصب في الأولوية الاسرائيلية التي تعتبر أن المفتاح والتحدي الذي يواجه زيارتها يتعلق بإطلاق سراح الجندي الاسير. وعبر تطويع حماس بدفعها للاعتراف بـ"إسرائيل" أو إسقاطها.‏

أيضا يبدو من جولة رايس والمواقف والخطوات التي رافقتها ان الادارة الاميركية تريد استنهاض القوى الرسمية العربية من "المعتدلين" كلّ بحسب بدوره ووفق ما يتطلبه المخطط الاميركي، والتي فيما لو لم تحقق اهدافها المرجوة فإن التقدير المرجح هو قيام "إسرائيل" بحملة عسكرية واسعة في قطاع غزة، بغض النظر عن التكتيكات التي ستعتمدها.‏

أيضا ينبغي التأكيد أن البعد الفلسطيني في جولة رايس لا يغطي على الأهداف الأخرى المرتبطة بتحريض "الانظمة المعتدلة" على ايران والمقاومة في لبنان، والذي برز في الفترة الاخيرة من خلال انتهاء لعبة توزيع الادوار بين الاقطاب الرئيسية لقوى 14 شباط.‏

الانتقاد/ العدد 1183ـ 6 تشرين الاول 2006‏

2006-10-06