ارشيف من : 2005-2008
وفاء متبادل بين قائد لائق وشعب وفي

مايو العام ألفين على العدو نفسه، وليكرس هذا التاريخ "شطب" الهزيمة من ذاكرة اللبنانيين والعرب والمسلمين في صراعهم مع العدو الصهيوني.
في هذا اليوم، الضاحية الأبية احتضنت شعب المقاومة للقاء سيد المقاومة في اللقاء الأول منذ شن الاحتلال الصهيوني حربه على لبنان في الثاني عشر من تموز/ يوليو 2006.
لقاء السيد مع شعب المقاومة كان أشبه بلقاء العاشقين المتلهفين... تجسد الوفاء المتبادل بكل معانيه لحظة اعتلى السيد منبراً ليلوح بيديه للجماهير المحتشدة، فاغرورقت عيون المحبين بالدموع شوقاً ومحبة وعلت الأصوات بالهتاف "يا ألله ... يا ألله احفظ لنا نصر الله". تكرر الهتاف مرات ومرات ... وماجت الجماهير ملوحة للسيد بالرايات ... اختلطت الألوان، وتعانقت الرايات مشكلة طيف ألوان سياسياً لحلفاء المقاومة الأوفياء.
كانت طلّة السيد وحضور جماهير المقاومة انتصاراً جديداً على جبروت العدو الصهيوني الذي هدد وتوعد وشن حرباً نفسية ضروساً على قيادة المقاومة وجماهيرها لتعطيل مهرجان الانتصار، ولكن الجماهير أبت إلا أن تحضر حتى لو تعرضت للغارات والقصف الجوي. والسيد أيضاً أبى إلا أن يحضر ليقف مع شعب المقاومة ويحييه حتى ولو كان الثمن حياته!
لقد أثبت هذه اللقاء برغم التحديات والأخطار التي كانت تحيق بقيادة المقاومة وجماهيرها، أن هذه القيادة المخلصة تليق بهذا الشعب الوفي، وأن هذا الشعب الأبي يليق بهذه القيادة الحكيمة والشجاعة والتي تتمنى شعوب كثيرة أن يمن الله عليها بقيادة مشابهة، وقد تعمّد السيد نصر الله الإشارة إلى وفاء هذا الشعب عند بداية كلمته موجهاً التحية لهم بالقول "يا أشرف الناس وأطهر الناس، وأكرم الناس"...
مهرجان الانتصار بالمقاييس اللبنانية كان مهرجاناً عملاقاً لم يشهد له لبنان مثيلاً لناحية الحضور الجماهيري الكثيف والمتنوع من مختلف المناطق والطوائف، أو لناحية التحضيرات والإجراءات التنظيمية واللوجستية، أو لناحية الرسائل التي تضمنتها كلمة الأمين العام الموجهة إلى العدو الإسرائيلي وإلى الداخل اللبناني...
شعب المقاومة جاء من مختلف المناطق اللبنانية، وهو لم يقتصر على طائفة معينة كما يحلو للبعض أن يصور هذه الجماهير، وكان من مختلف الطوائف أيضاً، ومتوحداً حولها لأنها الضمانة الوحيدة لحماية لبنان من العدو الإسرائيلي، فهي التي صنعت مجد لبنان ورفعته ليصبح "دولة عظمى في الشرق الأوسط" حسب تعبير السيد نصر الله.
وكان للقوى السياسية والأحزاب المتحالفة مع المقاومة حضورها القوي قيادة وجماهير، فهي شريكة في الانتصار لأنها حمت ودعمت وآزرت المقاومة خلال الحرب، ووقفت إلى جانبها وإلى جانب أهلها في محنة النزوح.
كما كان للحضور العربي والإسلامي معانيه ودلالاته الرمزية الكبيرة، وسجل توافد عشرات الوفود الشعبية من الدول العربية والإسلامية لمشاركة اللبنانيين فرحة الانتصار وفرحة لقاء السيد وتحدي العدو الصهيوني، فكان للانتصار طعم عربي وإسلامي عبر عنه السيد نصر الله عندما اعتبر أننا انتصرنا وانتصرت معنا كل الأمة وكل الأحرار في هذا العالم، لافتاً إلى أن المقاومة هزت صورة "إسرائيل" وأننا دخلنا في عصر جديد نستطيع أن نملي فيه شروطنا على العدو.
وبيّن السيد نصر الله أن المقاومة أصبحت أكثر قوة، وأن المقاومة تمتلك أكثر من 20 ألف صاروخ، مشيراً إلى أن المقاومة تمكنت خلال فترة قصيرة من ترميم قدراتها العسكرية والتنظيمية واللوجستية.
كما تضمنت كلمة السيد العديد من المواقف المتعلقة بالساحة الداخلية، معتبراً أن الحكومة الحالية ليست قادرة على حماية لبنان وتوحيده وإعماره، "وسنعمل من أجل خيار حكومة اتحاد وطني بكل قوة في المرحلة المقبلة".
وطالب السيد نصر الله النائب وليد جنبلاط دون أن يسميه بالاعتذار من جماهير المقاومة وقال: إذا كان لعمامتي ولحيتي شرف فهو من المقاومة ومنكم أيها الشرفاء، وأنا حسن نصر الله لن أسكت على إهانة شعب المقاومة.
تحضيرات سبقت المهرجان
سبق المهرجان الضخم الذي أقامه حزب الله في منطقة الجاموس عصر يوم الجمعة (أمس) احتفاءً بـ"النصر الإلهي" الذي حققته المقاومة الإسلامية على العدو الإسرائيلي تحضيرات لوجستية ضخمة، وهي تحضيرات أقل ما يقال عنها إنها المرة الأولى التي يشهدها لبنان، ان من حيث المكان الذي أقيم عليه المهرجان، والذي قدرت مساحته بـ100 ألف متر مربع، أو من حيث الإعداد التقني والفني له، حيث عمل على تنظيمه فريق عمل مؤلف من ألف تقني وعامل ميداني، إضافة إلى فريق من المنظمين بلغ عددهم ستة آلاف مهمتهم تنظيم المهرجان.
ونظراً للحشود الشعبية الضخمة التي كان متوقعاً حضورها ارتأى المنظمون تبديل مكان المهرجان الذي تردد انه سيقام في "المربع الأمني" في حارة حريك بآخر حيث وقع الاختيار على منطقة الجاموس نظراً للميزات التي تتمتع بها، أولها المساحة الواسعة ووقوعها في قلب الضاحية الجنوبية، إضافة إلى سهولة الوصول إليها من قبل المشاركين، وفي هذا الإطار جرى إعداد ساحات جانبية في مناطق الكفاءات وأتوستراد السيد هادي نصر الله، ومنطقة الميكانيك ـ الحدث لاستقبال الحشود الإضافية، كما جرى العمل على استقدام شاشات عملاقة من إيطاليا وقبرص ليتسنى للجميع المشاركة بالصوت والصورة، كما جرى الإعداد في ختام الاحتفال لإطلاق نحو مئة ألف بالون مزينة بالعلم اللبناني وصور الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله.
وكان المنظمون قد استعانوا بكراسٍ مستأجرة، قدرت بمئتين وخمسين ألف كرسي. وعُلم أنه تم إفراغ كل مستودعات الكراسي في بيروت، في وقت تم وضع خطة سير عامة في كل المناطق اللبنانية لتسهيل وصول المواطنين إلى مكان المهرجان، فضلاً عن تأمين حافلات وباصات لنقل المشاركين من جميع المناطق، كما تم تعاون بين عناصر من حزب الله والقوى الأمنية في مساعدة الحشود للوصول إلى مكان المهرجان.
وفي موازاة التحضيرات الجارية في الضاحية الجنوبية، كانت الاستعدادات في المناطق على أشدها، لا سيما اللوجوستية منها، حيث تم تقسيم منطقة شمال الليطاني إلى سبعة مربعات في كل منها نقطة للتجمع بهدف تسهيل وتنظيم نقل المشاركين، كذلك الحال بالنسبة للمناطق الأخرى في الجنوب والبقاع. وقد شهدت قرى الجنوب عشية المهرجان مسيرات راجلة قاصدة الضاحية الجنوبية، وقد ارتدى المشاركون خلالها القمصان الصفراء التي زينت بعبارة "الوعد الصادق"، كما حملوا أعلاماً لبنانية، وأعلام حزب الله، ورايات كتب عليها "لبيك يا نصر الله". والجدير ذكره أن عدد الوسائل الإعلامية التي واكبت المهرجان ناهزت المئة وسيلة بين محلية وعربية وأجنبية، وهي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ المهرجانات في لبنان.
الحضور في مهرجان الانتصار
حضر المهرجان حشد كبير من الشخصيات الرسمية والسياسية والحزبية والعلمائية من مختلف المناطق، فإلى جانب قيادة حزب الله حضر رئيس الجمهورية العماد إميل لحود ممثلاً بوزير البيئة يعقوب الصراف، رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً بالنائب علي حسن خليل، قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان ممثلاً بالعميد محمود طبيخ، الرؤساء السابقون: حسين الحسيني، سليم الحص، رشيد الصلح، عمر كرامي، رئيس كتلة الوفاء المقاومة النائب محمد رعد على رأس وفد من الكتلة، الوزراء: فوزي صلوخ، محمد فنيش، طراد حمادة، طلال الساحلي، شارل رزق، سامي حداد، جهاد أزعور، النواب الحاليون: علي خريس، علي بزي، عبد المجيد صالح، سليم سلهب، سليم عون، عباس هاشم، غسان مخيبر، فريد الخازن، نبيل نقولا، نعمة الله أبي نصر، يوسف خليل، حسن يعقوب، مروان فارس، نادر سكر، سمير عازار، عبد اللطيف الزين، غازي زعيتر، ميشال موسى، ناصر نصر الله، بيار دكاش، الياس سكاف، أنطوان خوري، أنور الخليل، كميل المعلوف، عاصم عراجي, رئيس تيار المردة سليمان فرنجية على رأس وفد شعبي، رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ممثلاً باللواء عصام أبو جمرة، رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان، رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب، رئيس حركة الشعب النائب السابق نجاح واكيم، رئيس حركة النضال الوطني النائب السابق فيصل الداوود، رئيس الحزب القومي السوري الاجتماعي علي قانصو، رئيس الحزب الشيوعي خالد حدادة، رئيس حزب التضامن أميل رحمة، رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا، وفد من حزب البعث برئاسة الوزير السابق فايز شكر، وفد من حزب الطاشناق برئاسة النائب أغوب بقرادوني، وفد من حزب الكتائب برئاسة كريم بقرادوني، وفد من حزب الاتحاد اللبناني برئاسة الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وفد من الجماعة الإسلامية برئاسة الأمين العام إبراهيم المصري، وفد جبهة العمل الاسلامي برئاسة فتحي يكن، وفد من حركة التوحيد الإسلامي، وفد من جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية برئاسة النائب السابق عدنان طرابلسي، كما حضر المهرجان شخصيات عربية وإسلامية من سوريا والبحرين والإمارات، إلى وفود علمائية ونقابية واجتماعية وحزبية وإعلامية وتربوية، إضافة إلى وفود شعبية من مختلف الأقطار العربية.
الانتقاد/ العدد 1181 ـ 23 أيلول/ سبتمبر 2006