ارشيف من : 2005-2008

عقبات أميركية ودولية حالت دون الاتفاق:نكسة جديدة في الحوار الفلسطيني

عقبات أميركية ودولية حالت دون الاتفاق:نكسة جديدة في الحوار الفلسطيني

عادت قضية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الى الانتكاس من جديد برغم الجهود المبذولة لاشاعة اجواء الامل بإمكانية التوصل لها..

هذا على الاقل ما بدا وانجلى بعد زيارة وزير الخارجية القطري الى قطاع غزة، ولقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء اسماعيل هنية كلاً على حدة، ومن نتائج أكثر من خمس ساعات من اللقاءات يبدو ان الامر ما زال بحاجة ربما الى جهود كبيرة، وليس بالضرورة أن تسفر عن اتفاق على تشكيل حكومة الوحدة او هكذا تبدو الأجواء.‏

فالوزير القطري تحدث عن الاعتراف بالاتفاقات بما فيها الموقعة مع الكيان الصهيوني والمبادرة العربية بما تعنيه من نبذ العنف او ما يسمى بالارهاب، وإقامة دولتين متجاورتين تكون الدولة الفلسطينية على حدود الاراضي المحتلة عام 67، والاعتراف المتبادل، مشيرا في مؤتمره الصحافي الى أنه لم يتمكن من الاتفاق بشأن هذين البندين مع الطرفين.‏

وقد علمت "الانتقاد" ان المبادرة القطرية بنقاطها الست كان قد عرضها على الرئيس عباس عندما كان يزور العاصمة القطرية الدوحة، وسمع رأي عباس بها قبل ان يعرضها على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في دمشق، الذي طلب خمسة أيام لدراستها، وهو ما حصل.‏

وقالت مصادر مطلعة في الجانبين ان مشعل أجرى تعديلات على المبادرة القطرية او على اربعة بنود فيها، وهو ما دعا الوزير القطري الى حمل المبادرة والقدوم الى غزة ليضعها امام الرئيس، ومن ثم لقاء هنية، ووضع أمامه مع أركان الحكومة رأي الرئيس، وجرى الحديث من المصادر ذاتها ايضا ان هنية والحكومة وضعوا تعديلات اخرى غير تعديلات خالد مشعل بعد جلسة تشاور مطولة في منزل رئيس الوزراء اسماعيل هنية، وعندما عاد الوزير القطري الى الرئيس قيل ان عباس أبلغه موافقته على اي من التعديلات كأساس للاتفاق، وأن تكون برنامجا لحكومة الوحدة الوطنية، وطالبه بتوفير الموافقة الدولية او الاميركية على هذه البنود بتعديلاتها، وهو ما رفض الوزير القطري ان يمنحه اياه، وقد صرح بذلك في المؤتمر الصحافي عقب اللقاءات وقبيل مغادرته للقطاع عندما قال أنا لا أضمن الموقف الدولي، لكننا يجب ان نتوجه للمجتمع الدولي الذي عليه ان يقدم خطوة إزاء هذه المبادرة، كما ان على الفلسطينيين التقدم خطوة اخرى حتى يتم التوصل الى اتفاق.‏

ولكن بكل الاحوال، أن يغادر الوسيط القطري دون ان يتمكن من جمع الرجلين عباس وهنية في لقاء بحضوره، فهذا يعتبر مدلولا واضحا على مدى الازمة التي وصلت اليها الامور، وقيل من بعض المقربين ان عباس رفض لقاء هنية بما انه لا يوجد جديد او مقدمة للاتفاق، وذلك بسبب امتعاضه مما قيل انها تصريحات انفعالية لهنية..‏

الأخطر من ذلك هو الموجة الجديدة من تبادل الاتهامات بين الجانبين فتح وحماس، والتي أعقبت مغادرة الوزير القطري بالتسبب في الفشل، او جعل الامور تبدو وكأنها أبعد من اي وقت مضى من الاتفاق، بما في ذلك الاتهام المتبادل حول المسؤولية عن محاولة البعض افشال مهمة وجهود الوزير القطري في غزة برغم ان الحكومة كانت حريصة قبل وبعد الاتفاق على إشاعة أجواء من الايجابية والامل.‏

ومن وجهة نظر الكثير من المحللين فإن الجهود القطرية لم تنته، بل بقي لها خطوة اخرى لدى المجتمع الدولي او لدى الادارة الاميركية لمحاولة تسويق ما تم في ضوء اللقاءات الاخيرة، وهو ربما ما بدأه وزير الخارجية القطري فعلا من قلب مقر الرئاسة بغزة عندما أجرى على مسمع الرئيس الفلسطيني سلسلة من الاتصالات من بينها مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان. وبحسب مصادر في قلب الرئاسة فإن نتيجة الاتصالات كانت سلبية إزاء التعديلات او التحفظات التي وضعتها حركة حماس، وعليه فإن الخطورة والخشية تكمن في أن اعلان فشل الجهود القطرية في هذا السياق سيقرب كل الاطراف على الساحة الفلسطينية مراحل متقدمة نحو التصادم والمواجهة، او نحو الخيارات البديلة التي قالت عنها كل الاطراف انها خطيرة، وهو ربما ما بشر به أحد الذين حضروا اللقاء مع عباس عندما قال ان المبادرة القطرية هي آخر جهد سياسي قبل الذهاب الى الانتخاب، وبمعنى او بآخر فإن الذهاب الى انتخابات مبكرة يعني التصادم بين الأطراف وإراقة الدماء، وعليه فإن جهات وأشخاصا بعينهم هم من يدعون بالامور الى الاحتقان والخيارات الاخرى غير حكومة الوحدة، خاصة في ظل العقبات التي تضعها واشنطن، والتي تطلب المزيد من التنازلات، وهو ما يجعل الفلسطينيين جميعا بين مطرقة الشروط الدولية وسندان الواقع والتفاعلات الداخلية.‏

الانتقاد/ العدد1184 ـ 13 تشرين الاول/ اكتوبر 2006‏

2006-10-13