ارشيف من : 2005-2008
أحد نواب" القوى الشباطية" أخبر قضاة بمراكزهم قبل إعدادها

صالحة للنشر ضمن مرسوم جمهوري قبل أن يوقّعه الرئيس إميل لحود، ويتوزّع بموجبه القضاة، على المحاكم، ودوائر التحقيق، والنيابات العامة بمختلف أنواعها التمييزية والاستئنافية والمالية والعسكرية، وبعضهم في مراكز جديدة، وآخرون ثابتون في مراكزهم القديمة، وبعضهم الآخر في مراكز أقلّ من المتوقّع كنوع من" الانتقام" منهم، وهو ما يصبّ في خانة "الكيدية" المخالفة لقانون التعامل بين البشر، فكيف بين أهل البيت الواحد والجسم الواحد، وذلك بحسب التوصيف الذي يحبذ المعنيون من القضاة إطلاقه على ما حصل معهم.
هذا هو باختصار، مآل المناقلات القضائية التي تدور في الفلك السياسي أكثر منها ضمن مفهوم المادة العشرين من الدستور، والتي تتحدّث عن استقلالية القضاء في كلّ شيء، وهذا ما يوجب إعادة النظر في عدد من المراكز المهمّة التي استأثر فريق سياسي من "القوى الشباطية" بها من دون اعتماد مبدأ الأقدمية والدرجة والكفاءة، فعيّن المحسوبين عليه من طائفته ومن طوائف أخرى بما يناسب مصالحه. وقد كان واضحاً الدور الكبير الذي لعبه نائب ووزير سابق من هذا التيار السياسي في إعداد هذه المناقلات، وهو ما اعترف به بنفسه، عندما تولّى قبل شهر من انتهاء هذه التشكيلات، إبلاغ بعض القضاة بمراكزهم الجديدة، علماً أنّه ليست لهذا النائب أيّة علاقة بهذه التشكيلات لا من قريب ولا من بعيد، ولكن اتضح أنه يريد الانتقام، وهو ما لم يستطع أن يفعله عندما كان معنياً أكثر بهذه التشكيلات في السنوات السابقة إبّان تسلّمه حقيبة "العدل".
وفهم من مصادر قضائية متابعة لهذه التشكيلات أنّ هناك اعتراضاً مارونياً كبيراً على الاقتراح الذي توصّل إليه مجلس القضاء الأعلى لأنّه ألحق الإجحاف بحقّ عدد من القضاة الموارنة من دون أي داع، كما هو الحال مع القاضي جوزف القزي الذي يعتبر أعلى قاض ماروني من حيث الدرجة، وقد شارف على التقاعد (بعد سنتين ونيف)، وبدلاً من تعيينه رئيساً للغرفة الأولى لمحكمة التمييز التي شغرت بتقاعد القاضي لبيب زوين، جرى تعيينه مستشاراً في محكمة التمييز الجزائية على أنْ يتمّ لاحقاً وبقرار من رئيس مجلس القضاء الأعلى نقله إلى رئاسة محكمة التمييز العسكرية، وثمّة فارق كبير بين رئاسة غرفة وبين أن يكون المرء مستشاراً.
ولا يزال القاضي القزي، بحسب قول المتابعين، "يدفع ضريبة قيامه بالتحقيق مع الرئيس فؤاد السنيورة في قضية محرقة برج حمود عندما كان وزيراً للشؤون المالية قبل سنوات"، وهو ما قد يعترض عليه الرئيس لحود ويرفض هذه الطريقة غير المناسبة في التعامل مع هذا القاضي الكبير.
كما ظهرت احتجاجات واعتراضات من غير قاض على تعيينهم في مراكز غير مرضي عنها، ما دفعهم إلى تقديم استقالتهم أو التلويح بها، أو الامتعاض منها، كما هو حال القضاة حاتم ماضي، ورشيد مزهر، وماجد مزيحم ووليد القاضي.
وتبقى الكلمة الفصل في تحديد مسار هذه التشكيلات للرئيس لحود، فإذا ما تمّت معالجة الافتئات على بعض القضاة وقّّعها، وإن لم يحصل هذا الأمر، أودعها في الأدراج بانتظار تصحيح الخطأ، مع الإشارة إلى أنّ لحود غير ملزم بمدّة زمنية للتوقيع على مرسوم هذه التشكيلات لأنّه مرسوم عادي، بعكس ما تحاول "القوى الشباطية" أنْ تروّج له بالقول إنّ لحود يؤخّر ظهور هذه التشكيلات، وهي تحتاج إلى موافقة مجلس القضاء ووزير العدل فقط، وهذا غير صحيح على الإطلاق، ويجافي الحقيقة والقانون.
علي الموسوي
الانتقاد/ العدد1184 ـ 13 تشرين الاول/ اكتوبر2006