ارشيف من : 2005-2008

نهاية الزرقاوي.. رؤى متباينة بين التفاؤل واللاتفاؤل؟

نهاية الزرقاوي.. رؤى متباينة بين التفاؤل واللاتفاؤل؟

بغداد ـ عادل الجبوري‏

ربما يعد يوم مقتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الأردني أبو مصعب الزرقاوي (احمد فضل الخلايلة) في السابع من شهر حزيران/ يونيو الجاري، يوما حاسما بالنسبة لكثير من العراقيين وحتى غير العراقيين، لان نهايته، قد توحي بإمكانية توقف عجلة العنف والإرهاب في العراق الذي يحصد يوميا أرواح عشرات المواطنين الأبرياء، أو في أدنى تقدير كبح جماحها بمستوى معين.‏

واذا كانت المصادفة قد جعلت اعلان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي القضاء على زعيم تنظيم القاعدة في العراق يتزامن مع اعلانه اكتمال تشكيل حكومته بتسمية وزراء الوزارات الأمنية الثلاث (الداخلية والدفاع والامن الوطني) فإن مراقبين سياسيين اعتبروا أن ذلك فألاً حسناً لحكومة المالكي، وهو بالفعل كذلك.‏

ومع اتفاق كل الآراء والتقويمات على ان مقتل الشخص الاول لتنظيم القاعدة في العراق يعد ضربة قوية للارهاب، الا ان هناك تباينا في الآراء حول مدى تأثير ذلك على مجمل الوضع الامني في العراق على المدى المنظور.‏

فهناك رأي يذهب الى ان البعد المعنوي في تصفية الزرقاوي يغلب كثيرا على البعد المادي المحسوس لأسباب عديدة من بينها، ان تنظيم القاعدة هو تنظيم متشعب وواسع، وان مقتل الزرقاوي لن يؤثر في قدرة التنظيم على المقاومة وديمومته القتالية، وان تأثير مقتله سيكون تأثيرا معنويا الى وقت قصير، وكذلك ان عناصر التنظيمات الدينية العقائدية لا تتأثر بموت او اسر قائد او زعيم لأنهم يقاتلون بدافع لا يرتبط بشخص بعينه، وانما بقضية اشمل وأوسع، والسبب الاخر هو ان قيادة تنظيم القاعدة لا بد ان تكون قد وضعت في حساباتها احتمال تصفية الزرقاوي من قبل القوات الاميركية او القوات العراقية، ولا سيما ان الدائرة اخذت خلال الشهور القلائل الماضية تضيق عليه بعد القاء القبض على عدد من مساعديه المقربين منه في مناطق مختلفة من العراق.‏

الى جانب ذلك هناك من يرى انه ما دامت الظاهرة الزرقاوية ظاهرة عرضية وإفراز من افرازات الاحتلال، فإنه يمكن ان يكون هناك الف زرقاوي وزرقاوي باعتبار ان اصل المشكلة يبقى قائما.‏

مثل هذه الآراء والتصورات يعمل على تسويقها الذين يتبنون وجهات نظر ومواقف ايجابية من قضية "المقاومة"، ويعتبرون ابو مصعب الزرقاوي رمزا من رموزها، وهؤلاء في الغالب من دعاة التيارات السلفية المتطرفة والقريبين بشكل او بآخر من تنظيم القاعدة، او المعارضين للعملية السياسية في العراق، والمراهنين على فشلها من خلال ما يسمى بعمليات "المقاومة المسلحة"، وبعضهم عراقيون، وجلهم عرب من غير العراقيين.‏

بيد ان ما يقال عن التأثير المعنوي لمقتل الزرقاوي يقره سياسيون وعسكريون اميركيون، الى جانب سياسيين عراقيين كبار. فرئيس الوزراء نوري المالكي برغم وصفه مقتل الزرقاوي بأنه "رسالة واضحة وقوية لكل الارهابيين بأننا لن نترك عملية التصدي لهم، بل سنتصدى لهم بكل شجاعة ومن دون خوف او كلل او ملل" الا انه اقر ضمنا بوجود صعوبات، مشيرا الى ان خطة بغداد الامنية التي تم الشروع بتنفيذها يوم الاربعاء الماضي قد لا تنهي الارهاب كله، لكنها ستقضي على الجزء الاكبر منه".‏

في المقابل هناك اجواء ومناخات تفاؤل بانحسار فاعلية وتأثير تنظيم القاعدة، وبالتالي تأثير ذلك ايجابا على مجمل العملية السياسية في العراق والوضع الامني الذي يعد العنصر الاساسي لنجاح الحكومة الجديدة.‏

ويستند اصحاب هذا الرأي الى ان خسارة تنظيم القاعدة للزرقاوي مضاعفة، فعلاوة على الوهج الذي يمنحه نشاط شبكته في العراق لتنظيم القاعدة، فهناك الارضية الخصبة للتجنيد والاعداد والتمهيد للانطلاق الى ساحات جديدة ابتداءً من العراق، وذلك لتوسيع نشاط القاعدة اليها، لا سيما بعد اعلان الزرقاوي عن نيته اقامة امارة اسلامية غرب العراق على غرار امارة طالبان في افغانستان.‏

فضلا عن ذلك فإن البعض يتوقع "حدوث تداعيات لتنظيم القاعدة، منها مشكلة ايواء عناصره من قبل الاهالي، حيث ان الزرقاوي كان يمارس الارهاب على المناطق السنية التي لم تكن تستطيع التعبير عن مواقفها الحقيقية، وكانت اسيرة بسبب العنف في تلك المناطق، اما الان فالوضع اختلف، وسكان تلك المناطق سيجدون قدرا معقولا من الحرية للتعبير عن انفسهم، الى جانب ان الدعم اللوجستي للتنظيم سيتأثر بشكل او بآخر.‏

هذا الى جانب ان دخول التيار السني في العملية السياسية من خلال مشاركته في الانتخابات ومن ثم قراره المشاركة في الحكومة يعطي مؤشرا مهما على ان قدرا من الدعم والتأييد المعنوي ـ بأقل تقدير ـ الذي كان يتلقاه تنظيم الزرقاوي من المناطق الغربية سينحسر الى حد كبير.‏

واضافة الى ذلك كله فإن الاستقراءات الاولية للوضع في المستقبل القريب تشير الى ان الاجراءات الامنية المشددة والحملات العسكرية الواسعة المدعومة بتحرك استخباراتي متعدد الابعاد والجوانب ربما ستساهم في تفكيك الكثير من الشبكات والخلايا، وتضع اليد على قدر غير قليل من الوثائق التي يمكن ان ترشد الى كل ما هو حساس وخطير وذي اهمية، وبالتالي فإن ذلك قد يحول دون بروز خليفة للزرقاوي يمتلك نفس مستوى التأثير والكاريزما والنفوذ التي كان يمتلكها الزرقاوي، او حتى اقل من ذلك بقليل.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1166 ـ16 حزيران/يونيو 2006‏

2006-10-28