ارشيف من : 2005-2008

المقاربة الإسرائيلية للتحول الاميركي حيال ايران:خشية من مرحلة ما بعد فشل المفاوضات

المقاربة الإسرائيلية للتحول الاميركي حيال ايران:خشية من مرحلة ما بعد فشل المفاوضات

يحيى دبوق‏

شكّل "التحوّل" الأميركي في مقاربة الملف النووي الإيراني مؤخرا محور تعليق إسرائيلي خاص، طغى على غيره من مواضيع الساحة الإسرائيلية لتأثيراته المباشرة على الكيان الإسرائيلي. فالإعلان الأميركي عن استعداد الولايات المتحدة لإجراء مفاوضات مباشرة مع إيران كان مدار تعليق وتحليل لجملة كبيرة من المعلقين الإسرائيليين، في إطار البحث عن معانيه وتأثراته وجدواه ونجاعته.. وهو ما دفع بصحيفة معاريف إلى توصيفه بالـ"تغيير الدراماتيكي في سياسة الولايات المتحدة تجاه طهران".‏

وبرغم الوضوح والمكاشفة والتخطيط المشترك والجلسات الثنائية المعلنة وغير المعلنة بين الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة بما خص الملف النووي الإيراني وسبل محاربته، إلا انه كان لافتا تركيز التعليق الإسرائيلي وتشديده على ان "إسرائيل" لم تتفاجأ من الخطوة الأميركية، تلافيا للَّغط والحرج المماثل لما جرى اثر المفاوضات الأميركية الليبية التي أدت إلى استسلام وتراجع ليبي نوويا من دون علم "إسرائيل"، وهو ما سُمّي في حينه فشلا استخباريا إسرائيليا.. علما بأن الاتصالات الإسرائيلية الأميركية بما خص إيران (هآرتس 1-6-2006) تدار بين الطرفين عبر مسلكين اثنين: أمني وسياسي، الأول من خلال رئيس الموساد مائير دغان الموكل إسرائيليا بإنجاح مساعي "الإفشال السياسي" للمشروع النووي الإيراني، الذي يدأب على إجراء اجتماعات متكررة مع مدير الاستخبارات الأميركية.. فيما تقوم وزارة الخارجية الإسرائيلية عبر سفيرها في واشنطن "داني أيلون" باتصالات مستمرة مع وزارة الخارجية الأميركية (نائب وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية "نيك برنس").‏

بعض التعليق الإسرائيلي وجَّه الخطوة الأميركية في إطار محاولة أميركية أخيرة لتسهيل تسليك العقوبات على إيران، من خلال إقناع المعارضين لفرض العقوبات بأن الإيرانيين لا يريدون فعلا حل الأزمة بالطرائق الدبلوماسية. فقد كتب رونين بيرغمن في صحيفة يديعوت أحرونوت ان الخطوة الأميركية تجاه إيران تأتي في إطار عملية إثبات خاصة بأن الحل الدبلوماسي للأزمة الإيرانية قد استنفد، وهي خطوة تريد واشنطن من خلالها مخاطبة الأطراف التي تعارض العقوبات على إيران، وتحديدا العضوين الدائمين في مجلس الأمن روسيا والصين.. برغم انه اعتبر ان أصل استعداد واشنطن لإدارة مفاوضات مباشرة مع إيران يعتبر تطورا، الا ان الطريق ما زال طويلا جدا قبل الوصول إلى إحباط الجهود النووية الإيرانية، هذا ان حصل ذلك أساسا.. مشددا على ان "التشاؤم الذي ينبغي التعاطي معه بشأن إمكانية انهاء الازمة ينبع من تضارب مصالح بين الطرفين.. والسؤال هو: هل الإيرانيون اجتازوا نقطة اللاعودة التي تمكنهم من الموافقة على الرقابة، وفي الوقت نفسه مواصلة الانكباب على إعداد القنبلة النووية".‏

وفي إطار الموافقة على حملة الإثبات الأميركية، اعتبر معلق الشؤون السياسية في صحيفة معاريف بن كسبيت، ان الخطوة الأميركية تأتي في الاتجاه الصحيح، لكنه حذر من انه "ما بين الاستعداد للدخول في مفاوضات مع إيران ونجاح مفاوضات من هذا النوع اذا ما حصلت، احتمال يصل إلى الصفر.. وهو ما يمكن الأميركيين حينها من ان يثبتوا للعالم أنهم حاولوا الوصول إلى صيغة معقولة مع إيران لكنها رفضت واستمرت في نهجها".‏

وينقل بن كسبيت ان "الأميركيين شرحوا لرئيس الوزراء أولمرت انهم يريدون تشكيل ائتلاف دولي من اجل البدء بفرض عقوبات دولية، على أساس الاعتقاد بأن روسيا والصين قد تحبطان قرارا في مجلس الأمن.. فكتلة اليورو والين والدولار كفيلة بخنق إيران".‏

زئيف شيف في صحيفة هآرتس تجنب نقاشات المفاوضات ومعانيها، وانطلق من اليوم الذي يلي فشلها، داعيا صناع القرار الإسرائيلي إلى العمل فورا على إعطاء التصريحات الأميركية الملتزمة بحماية "إسرائيل"‏

مضمونا عمليا، خاصة انه إذا كان "التهديد يأتي الآن من إيران، فإنه في المستقبل قد يأتي من جانب دول اسلامية أخرى".. مشددا على وجوب عدم الاكتفاء بالتصريحات الرئاسية الأميركية لحماية "إسرائيل"، وأنه يجب الاستعداد لوضع تزداد فيه التحرشات الإيرانية.. فمن يود زيادة قدرة "إسرائيل" الردعية عليه ان يتدارس ذلك عبر مسارات عسكرية تعزز قدرتها من خلال حيازة صواريخ عابرة طويلة المدى، إضافة إلى حيازة طائرات جديدة، ووجوب التزود بأسلحة قادرة على اختراق المخابئ العميقة.. وزيادة قدرة منظومة "حيتس" الصاروخية الواقية من الصواريخ، وقدرتها على التصدي للأسلحة الصاروخية التي تقوم التنظيمات الإرهابية وحزب الله بتطويرها".‏

لا يبدو ان الكيان الإسرائيلي قد أصيب بصدمة أو مفاجأة اثر "التحوّل" الأميركي في مقاربة الملف النووي الإيراني، خاصة انه في الأصل مشارك اساسي في بلورة السياسة الأميركية ضمن الخيارات الممكنة لمواجهة إيران، أو أقله متلقٍ ومتكيف معها، وبالتالي سينتظر الإسرائيلي كما الأميركي والأوروبي، مسارات المفاوضات اذا جرت، وتبقى الخيارات الممكنة كلها مطروحة من دون تغييرات تذكر، سواء قبل "التحوّل" الأميركي أو بعده، وسواء فشلت المفاوضات أو نجحت، هذا اذا جرت أساسا.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1165 ـ 9 حزيران/يوينو2006‏

2006-10-28