ارشيف من : 2005-2008

الاشتباكات الأخيرة في دمشق:أسئلة كثيرة واستفهامات أكثر

الاشتباكات الأخيرة في دمشق:أسئلة كثيرة واستفهامات أكثر

دمشق ـ خورشيد دلي‏

أثارت الاشتباكات الأخيرة التي جرت بين قوات الأمن السورية ومجموعة مسلحة بالقرب من مبنى التلفزيون السوري، والتي انتهت بمقتل أربعة من عناصر المجموعة وجرح اثنين وإلقاء القبض على أربعة آخرين، ومقتل أحد عناصر قوات الأمن السورية وجرح آخرين... أثارت العديد من الملاحظات والتساؤلات، لعل أبرزها وجود أسلحة أميركية من نوع إم 16 مع المجموعة المؤلفة من عشرة أشخاص.. فضلا عن تساؤلات أخرى منها:‏

1- وجود أشرطة مدمجة (سي دي) مع المجموعة, إذ أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا لماذا هذه الأشرطة؟ وعلى ماذا كانت تحتوي؟‏

2- الهدف من العملية, إذ أن مكان الاشتباك يثير أسئلة كثيرة نظرا لأنه حيوي وأمني يتوسط مبنى التلفزيون السوري ووزارة التعليم العالي وفندق شيراتون دمشق وإدارتي الأمن الجنائي والجمارك.. والسؤال هنا أي من هذه المنشآت والإدارات كانت مستهدفة؟ 3 ـ اللباس العسكري المموه الذي كان يرتديه أفراد المجموعة وتوقيت الاستهداف (يوم الجمعة ـ قرابة السادسة صباحا).‏

في الواقع, مع أن التساؤلات السابقة تبقى في إطار آلية عمل مجموعة إرهابية ستكشف التحقيقات الجارية مع عناصر المجموعة الذين قبض عليهم تفاصيل الأمور، الا أن قضية وجود أسلحة أميركية برفقة المجموعة تبقى هي الأخطر والأهم والأقوى, والسؤال هنا: من أين جاءت المجموعة بهذه الأسلحة التي هي غير موجودة في سورية بما ان لا علاقات عسكرية بين سورية والولايات المتحدة؟ وما حصل هل يعني وجود علاقة للمجموعة بجهة خارجية في إطار مخطط منظم يستهدف أمن سورية؟ وهل ما حصل رسالة واضحة من هذه الجهة الخارجية لسورية تعبر عن قدرة هذه الجهة على الاختراق والاستهداف.. رسالة مفادها ضرورة إدراك دمشق لخطورة الاستمرار في سياسة التصدي للمشاريع المعادية؟‏

وإذا كان من الصعب معرفة حقيقة التفاصيل المثارة بهذا الخصوص قبل ظهور نتائج التحقيق، فإن المصادر والتقارير المتباينة اتجهت منحى القول: ان جماعة تكفيرية متشددة هي التي تقف وراء ذلك, وتقول هذه التقارير ان محمود غول اغاسي الملقب بـ"أبو القعقاع"، والذي اتخذ من مدينة حلب الشمالية معقلاً له، وأرسل خلال الفترة الماضية المئات من المتطوعين والمقاتلين إلى العراق، هو رأس هذه المجموعة.. ويقال ان أبو القعقاع قاتل في الشيشان وأفغانستان وباكستان ويحمل الجنسية الباكستانية، وله صور مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وكان له الدور الأساسي في تشكيل تنظيم القاعدة في العراق، وتحديدا في الفلوجة.. وفي المعلومات أيضا ان أبو القعقاع كان له نشاط بارز في بداية عام 2000 في حلب إلى درجة ان عدد اتباعه اصبح بالمئات، وان هؤلاء تأثروا كثيرا بخطبه التي أخذت منحى "الجهاد" والدعوة لاحقاً إلى القتال ضد الأميركيين في العراق، وان أبو القعقاع انشأ موقعا إلكترونيا باسم "غرباء الشام" إلا أن الموقع أغلق لاحقا، وان السلطات السورية اعتقلته أكثر من مرة على خلفية نشاطاته المذكورة. ومع ان بيان وزارة الداخلية السورية أشار إلى ان المجموعة المسلحة هي مجموعة تكفيرية كانت تابعة قبل فترة لإحدى الطرق الصوفية، وان وجود أسلحة أميركية برفقة المجموعة يعني ان دولة مجاورة لها دور في ذلك، الا ان مثل هذا الأمر يثير أسئلة أخرى فيما إذا كانت مجموعة أبو القعقاع هي التي تقف وراء هذه العملية. والأسئلة هنا من نوع: هل هناك علاقة ما بين هذه المجموعة والاستخبارات الأميركية أو ربما بعض أجهزة الاستخبارات الإقليمية؟ وأين ومتى تمت هذه العلاقة ما دام ان المجموعة اشتهرت بالدعوة إلى القتال ضد الأميركيين في العراق؟ أسئلة كثيرة واستفهامات أكثر قد تكشف التحقيقات عنها في الأيام المقبلة.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1165 ـ 9 حزيران/ يونيو 2006‏

2006-10-28