ارشيف من : 2005-2008
عندما يبتسم الذئب

يثير التحول المفاجئ في الموقف الأميركي حيال الملف النووي الإيراني الكثير من التساؤلات المصحوبة بكم أكبر من الشكوك حول حقيقة ما يجري وأسبابه وخلفياته.
ولقد تنوعت التفسيرات لهذا التحول الذي وبالمناسبة لم يفاجئ العدو الصهيوني من تراجع أميركي واعتراف بالعجز حيال هذا الملف إلى فخ أميركي نصب لإيران لتشكيل رأي عام دولي داعم للعقوبات، وصولا إلى التدخل العسكري.
ويقول مؤيدو التفسير الأول إن الولايات المتحدة وبعد أن استنفدت معظم إمكانياتها لتجميع مؤيدين لخططها العسكرية حيال إيران بذريعة الملف النووي من دون أن تتوصل إلى ذلك خاصة بعد الاجتماعات المكثفة التي عقدت بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا، والتي فشلت في تكوين موقف موحد يرضي الأميركيين ضد إيران، مضافا عليه إعلان إيران توصلها وامتلاكها التقنية الكاملة لدورة الوقود النووي، ما عزز موقفها ودفع بالدول الأوروبية وروسيا والصين إلى إعادة التفكير بمجمل الخطة الأميركية، وربما الضغط على الولايات المتحدة لتغيير موقفها وبرامجها حيال هذا الملف.
أما القائلون بالتفسير الثاني فمع موافقتهم على الصعوبات التي تعترض المخطط الأميركي إلا أنهم يرون هذا التحول المفاجئ وغير المبرر أقله علنيا ليس سوى تغيير تكتيكي يهدف إلى إظهار طهران بالدور غير المتعاون والبلد الخارج عن الإجماع الدولي تمهيدا لتطويع فكرة العقوبات على مختلف وجوهها ومنها طبعا العسكرية، ويستند القائلون بهذا التفسير إلى أن المبعوث الأوروبي خافيير سولانا قدم لطهران الوجه الحسن من العرض (التحفيزات) وأخفى الوجه السيئ (العقوبات) كما أن الشروط الأميركية بدأت بالظهور حتى قبل موافقة طهران على العرض، فهي اشترطت أن توقف إيران التخصيب أثناء المفاوضات.
مهما يكن التفسير لهذه الخطوة إلا أن الثابت هو أن الولايات المتحدة تعيش حالة من العجز والفشل خصوصا في ما يتعلق بملف إيران النووي، وهو ما دفعها إلى إجراء تغييرات في سلوكياتها أقلها الإعلامية منها، دون أن ننسى أن بسمة الذئب تحسن مظهره ولكنها لا تخفي أنيابه.
محمد يونس
الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1165 ـ 9 حزيران/يونيو 2006