ارشيف من : 2005-2008

الجعفري وعبد المهدي يتنافسان على رئاسة الوزارة والحسني أو الهاشمي لرئاسة البرلمان

الجعفري وعبد المهدي يتنافسان على رئاسة الوزارة والحسني أو الهاشمي لرئاسة البرلمان

بغداد ـ الانتقاد‏

تشهد كواليس السياسة العراقية حاليا مفاوضات ومباحثات ماراتونية شاقة في اكثر من اتجاه لاستكمال تشكيل الحكومة العراقية الجديدة خلال المهلة الزمنية التي حددها الدستور الدائم، والتي لا تتعدى ثلاثين يوما من اعلان نتائج الانتخابات التشريعية رسميا. ومن المفترض ان يقوم الائتلاف العراقي الموحد ـ باعتباره يمثل كتلة الأغلبية في مجلس النواب الجديد ـ بتسمية رئيس الحكومة. وتعد تلك الخطوة من الخطوات المهمة والأساسية في مسيرة تشكيل السلطة: (رئيس الجمهورية ونائبيه، رئيس مجلس النواب ونائبيه والوزراء).‏

أربعة مرشحين‏

وما هو واضح ومعلن حتى الآن هو ان هناك أربعة مرشحين من داخل كتلة الائتلاف العراقي الموحد يتنافسون على منصب رئاسة الوزراء هم:‏

ـ نائب رئيس الجمهورية والقيادي البارز في المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق الدكتور عادل عبد المهدي البالغ من العمر ثلاثة وستين عاما.‏

ـ رئيس الوزراء الحالي والقيادي في حزب الدعوة الاسلامية الدكتور إبراهيم عبد الكريم الأشيقر الجعفري، الذي شهدت فترة رئاسته للحكومة تجاذبات سياسية بينه وبين رئيس الجمهورية جلال الطالباني. حتى ان تلك التجاذبات طفت على السطح بوضوح، ولم يكن ممكنا بالنسبة لكلا الطرفين إنكارها او حتى التقليل من أهميتها.‏

ـ نائب رئيس الجمعية الوطنية الانتقالية ورئيس كتلة المستقلين في الائتلاف العراقي الموحد الدكتور حسين الشهرستاني.‏

ـ أمين عام حزب الفضيلة الاسلامي ومرشحه الاول في الائتلاف العراقي الموحد الدكتور نديم الجابري.‏

الأوفر حظا‏

ومن الناحية الواقعية يبدو ان التنافس الحقيقي ينحصر بين عبد المهدي والجعفري فقط لأسباب وعوامل بعضها ذاتي وبعضها موضوعي.‏

ومع ان شيئا ذا دلالة لم يرشح الى الآن من داخل كواليس الائتلاف العراقي الموحد، الا ان معظم المؤشرات تذهب الى ان صاحب الحظ الأوفر في نيل الثقة هو مرشح المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق الدكتور عادل عبد المهدي، هذا اذا لم تحصل مفاجآت في الساعات او اللحظات الاخيرة.‏

ومن بين تلك المؤشرات هي ان كفة عبد المهدي قد ترجح على كفة (الجعفري) اذا اعتُمد خيار التصويت ـ لا التوافق المسبق ـ داخل كتلة الائتلاف، خصوصا ان السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري قال عندما سُئل خلال المؤتمر الصحافي المشترك في العاصمة الإيرانية طهران مع مستشار الأمن القومي الإيراني مطلع الأسبوع الجاري عن دعمه للجعفري: "أنا شخصيا لم أدعم الجعفري ولن أدعمه"، هذا الى جانب ان حزب الدعوة (تنظيم العراق) ليس واضحا فيما اذا كان سيدعم ترشيح الجعفري لرئاسة الحكومة مرة اخرى ام لا.‏

أضف الى ذلك ان قيادات الائتلاف تحرص على ان يكون مرشحها لرئاسة الوزارة المقبلة مقبولا لدى الاطراف الاخرى التي من المفترض ان تتحالف معها، مثل التحالف الوطني الكردستاني وجبهة التوافق العراقية، حتى لا يجد الائتلاف نفسه في مواجهة اشكالات وعقبات قد تؤدي الى إضعاف موقفه أمام الآخرين.. وكذلك يهتم الائتلاف كثيرا بالحصول على تعهدات مؤكدة من مرشحه بالعمل وفق رؤية وبرنامج شمولي عام لا رؤية شخصية، و"ان يكون ملتزما ـ بحسب زعيم كتلة الائتلاف العراقي الموحد السيد عبد العزيز الحكيم ـ بجملة ضوابط أهمها الحفاظ على جوهر الدستور والموقف من اجتثاث البعث والموقف الواضح من الإرهاب والموقف الواضح من إقامة إقليمي الوسط والجنوب وبغداد خاصة، وأن حق اقامة الإقليم قد منح للمحافظة الواحدة ان ارادت ذلك، والمرجعية في ذلك للناس، وهم أولياء أمورهم والقرار النهائي لهم".‏

ولعله من الواضح بما فيه الكفاية ان كتلة التحالف الكردستاني تفضل عادل عبد المهدي على إبراهيم الجعفري. اما جبهة التوافق العراقية فهي استنادا الى مصادر وثيقة الاطلاع، يحبذ عدد كبير من قادتها ورموزها ان يتولى عادل عبد المهدي رئاسة الحكومة، لأنها تعتقد ان امكانية التنسيق والتفاهم والعمل معه ممكنة ومتاحة بدرجة اكبر من غيره.‏

ومن المرجح اذا أوكلت رئاسة الوزارة لعبد المهدي فسيحل الجعفري محله كنائب لرئيس الجمهورية، اما اذا احتفظ الجعفري برئاسة الوزارة لولاية ثانية مدة أربعة أعوام فسيبقى عبد المهدي في موقعه، سيما ان جلال الطالباني الذي من المتوقع ان يحتفظ برئاسة الجمهورية، سيحرص على ان يكون الاخير قريبا منه، سواء كرئيس للوزراء او كنائب له.‏

وبما ان عرفا دستوريا تبلور بأن يكون رئيس الحكومة من الكتلة الشيعية، وعرفا دستوريا آخر ـ وإن لم يتبلور بالمستوى نفسه ـ يقضي بأن يكون رئيس الجمهورية كرديا، فإنه من الطبيعي ان يؤول منصب رئيس مجلس النواب الى الكتل السنية، والأسماء المطروحة حتى الآن لهذا المنصب هي الدكتور حاجم الحسني رئيس الجمعية الوطنية الحالية، وطارق الهاشمي الأمين العام للحزب الاسلامي العراقي وأحد أبرز رموز جبهة التوافق العراقية.‏

ويبدو ان الائتلاف الموحد والتحالف الكردستاني لا يرغبان بطرح أسماء أخرى بديلة، ويفضلان ان يُختار أحد هذين الاسمين لرئاسة البرلمان.‏

تبقى خيارات الحصص الوزارية ـ سيما الوزارات السيادية الخمس ـ والمواقع الحكومية المهمة بحاجة الى بحث مطول، برغم ان المفاوضات والمباحثات حولها لا تنفصل بأي حال من الاحوال عن حسم موضوع الرئاسات الثلاث، وهذا يعيدنا الى خيار الصفقة الواحدة (ONE PACKAGE) الذي عُمل بموجبه في تشكيل الحكومة السابقة.‏

2006-10-28