ارشيف من : 2005-2008

الفشل

الفشل

الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1138 ـ2/12/2005‏

"الفشل ليس خيارا" عبارة أطلقها الرئيس الأميركي جورج بوش عند تقديمه استراتيجيته الثلاثية لتمكين بلاده من تحقيق النصر في العراق، عبارة ربما أراد من خلالها استعادة بعض من العزم الذي فقدته سياساته الداخلية والخارجية لعلها تضفي عليه مشهدا من الثبات أمام سيل التراجعات والاخفاقات التي يمنى بها هو وإدارته وحزبه.‏

ولكن بقدر ما تطبع العبارة هكذا صورة في أذهان المستمعين والمشاهدين تستحضر أيضا وبقدر قد يكون أكبر وأقوى، الوجه الآخر من الحقيقة، وهو أن الرئيس الأميركي وصل إلى مرحلة بات عليه من الضرورة أن يذكر أن الفشل ليس خياره، فهو يواجه معارضة متعاظمة لسياسته الحربية في العراق، مصحوبة بأصوات متزايدة تدعوه لإعادة جنوده من هناك بسبب الحالة المزرية التي وصلوا إليها، وبين هذه وتلك ينام على فضيحة ويستيقظ على أخرى.‏

فبعد اضطرار زعيم الأغلبية (التي ينتمي إليها بوش) في الكونغرس توم ديلاي إلى الاستقالة عقب اتهامه بفضيحة مالية في حملته الانتخابية، والتحقيق مع زعيم الغالبية نفسها في مجلس الشيوخ بيل فرست حول بيعه بضائع، واستقالة مدير مكتب نائب الرئيس ديك تشيني، لويس ايبي، بعد الكشف عن هوية عميلة في الـ"سي آي إيه"، قدم النائب الجمهوري راندي كونينغهام استقالته بعدما اعترف بتلقيه رُشىً بقيمة 2.4 مليون دولار من متعاقدين مع وزارة الحرب الأميركية مقابل استغلال سلطته لحماية عقود في تلك الوزارة تساوي عشرات الملايين من الدولارات لمصلحة من قدم هذه الرشى.‏

كل ذلك يضاف إليه اضطرار بوش إلى الايعاز إلى سفيره في بغداد بالاستعانة مع عنصر أساسي في "محور الشر الذي أعلن حربه عليه" ـ ايران ـ من أجل حلحلة العقد العراقية، والتخفيف من حدة الضغط الذي تعيشه قواته هناك يوحي بأن بوش باختيار هذه العبارة، وكأنه يشن دفاعا استباقيا عما ذاهبة إليه الأمور في العراق وغيره.‏

ولكن إن كان الفشل ليس خيارا يقدم عليه أحد لكنه فرض يجبر على الاعتراف به كل فاشل.‏

محمد يونس‏

2006-10-28