ارشيف من : 2005-2008

القمة الأوروبية المتوسطية وحجر العثرة الإسرائيلي

القمة الأوروبية المتوسطية وحجر العثرة الإسرائيلي

الانتقاد/ دوليات ـ العدد 1138 ـ2/12/2005‏

نجحت القمة التاريخية الأولى التي انعقدت في برشلونة بين الاتحاد الأوروبي وشركائه العشرة المتوسطيين (ثمانية بلدان عربية إضافة إلى تركيا و"إسرائيل") في التوصل إلى اتفاق على خطة خمسية للتنمية تتضمن شقاً هاماً بخصوص تنظيم الهجرة. لكن هذا النجاح انطوى على الفشل بمقدار ما ظلت تعهدات البلدان الأوروبية خالية من الأرقام لعدم وجود موازنات مالية أوروبية لدعم بلدان جنوب المتوسط في مجال إجراءات مكافحة الهجرة السرية. كما أثارت وعود الأوروبيين بتقديم مساعدات مالية للشركاء المتوسطيين مقابل تنفيذ إصلاحات على مستوى الديموقراطية وحقوق المرأة حفيظة وزير الدولة الجزائري، عبد العزيز بلخادم الذي اعتبر أن مسألة الإصلاحات أمر داخلي، وأن ربطها بـ"حفنة من اليوروهات" أمر مهين جداً.‏

نجاح آخر سجلته القمة في الوصول إلى اتفاق حد أدنى حول الالتزام بمسلك معادٍ للإرهاب. لكنه انطوى بدوره على الفشل لأنه جاء نتيجة لتنحية عدة فقرات من البيان الرئاسي. من هذه الفقرات تلك التي طالبت بنبذ الإرهاب مهما كانت أسبابه، وهو الأمر الذي اعترضت عليه الوفود العربية التي طلبت ايضاح الصيغة بهدف تحصيل اعتراف بمشروعية المقاومة المسلحة للاحتلال. ومنها الطرح الأوروبي حول عدم جواز استخدام حق تقرير المصير لتبرير الإرهاب، والطرح العربي حول حق الشعوب في مقاومة الاحتلال. وعند هذا المستوى توقف تسجيل النجاحات لتقتصر القمة التي تميزت باحتشاد معظم زعماء بلدان الاتحاد الأوروبي الخمسة والعشرين وبتغيب الزعماء العرب، ما عدا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، على مشاحنات مستمرة بين الوفود العربية والأوروبيين حول المسألة الأساسية التي شغلت القمة، أي مسألة الإرهاب والنزاع العربي الإسرائيلي.‏

وقد قلل الممثل الأعلى لشؤون الأمن والخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا من أهمية تغيب الزعماء العرب، معتبراً أن الأهمية ليست في من يقول الكلام، بل في طبيعة ما يقال من كلام. وإذا كانت مسألة الحسم في الموضوع الإرهابي قد بقيت معلقة بعد الاختلاف حول مفهومه، وإحالة الموضوع إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة بغية وضع تعريف للظاهرة الإرهابية، فإن تسوية النزاع العربي الإسرائيلي، وخصوصاً جانبها الفلسطيني الإسرائيلي قد بقيت أكثر تعليقاً بسبب الرفض الإسرائيلي المطلق للمطالبة العربية بحل عادل وشامل ودائم وفقاً لخارطة الطريق وعلى أساس القرارات 242- 338 -1397. وقد أكدت مصادر أوروبية عديدة أن الموقف الإسرائيلي هو وحده المسؤول عن عدم خروج القمة ببيان ختامي كان من الممكن أن يوقع من قبل 34 وفداً لم يشذ عنهم غير الوفد الإسرائيلي. وبذلك وصل طوني بلير الذي يرأس القمة بالمشاركة مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه زاباتيرو إلى نتيجة مفادها أن القمة الأوروبية المتوسطية لن تحل مشكلة الشرق الأوسط، هذا العام، على كل حال.‏

ويقول العديد من المراقبين ان الطريقة الصارمة التي استخدمها طوني بلير في قيادة أعمال القمة، ولا سيما تشديده على "أننا سنطبق جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن حول موضوع الإرهاب" الذي ما زال مفتقراً إلى تعريف عالمي، وعلى إلزام البلدان العشرة المتوسطية بالتعددية السياسية وحقوق المرأة والانتخابات الحرة والنزيهة، قد أسهمت في شحن أجواء القمة بالتوتر، فوق توتراتها الناشئة عن التعنت الإسرائيلي الذي بدا، أكثر من أي وقت مضى، كمعيق للشراكة الأوروبية المتوسطية.‏

عقيل الشيخ حسين‏

2006-10-28