ارشيف من : 2005-2008
مسمار جحا

الانتقاد/ باختصارـ العدد 1137 ـ 25/11/2005
المتابع لمشهد الانتخابات التشريعية الجارية فصوله الآن في مصر لا بد أن تأخذه كثرة التحليلات لما يجري، مع أن أبرزها يتمحور حول اثنين أو ثلاثة، وهي تتنوع بحسب الوجهة التي تقارب بها الأحداث.
ويذهب التحليل الأول إلى القول بأن السلطة القائمة ارادت من خلال إثارة أحداث "البلطجة" التي واكبت انتصار الأخوان المسلمين بعدد من المقاعد على حساب الحزب الوطني تصوير مشهد ما بعد الانتخابات لمن يطالبها بالاصلاح والديمقراطية من الغربيين بأن هذا ما ينتظركم إذا فاز الأخوان المسلمون، وأن الأمر يدخل في إطار جهود السلطة المصرية لتخفيف الضغوط الأميركية والاوروبية عليها.
أما التحليل الآخر فيقول بأن "البلطجة" هي سمة الانتخابات المصرية، وأنها ليست بشيء جديد، ولكن الجديد هذا العام تسليط الأضواء الاعلامية عليها. ويضيف القائلون بهذا الرأي على التحليل السابق أن الفوز الذي يحققه الأخوان على حساب الحزب الحاكم إنما هو باتفاق بين الاثنين، كون الأخوان أكثر أحزاب المعارضة حضورا، وذلك لإضفاء نوع من الشرعية على ما ينتظر مصر من مخططات واستحقاقات داخلية، وأبرزها خصخصة القطاع العام وقانون الايجارات.
ويقلل آخرون من أهمية هذين الرأيين إذ يعتبرون أن الظروف تغيرت، وأن الأمور بدأت تتفلت من يد الحزب الوطني، وأن كل شيء، مهما طال زمانه، لا بد له من نهاية.
بأي حال وأياً تكن التفسيرات، الثابت هو أن الحزب الوطني بدأ يفقد شيئاً من بريقه بعدما تربع على العرش المصري منذ ربع قرن، ولكن يا ليت هذا التغيير لم يكن تملقاً لـ"بلطجية" الغرب الأميركي، وكان ـ الاصلاح والتغيير نحو الديمقراطية ـ تعبيرا صادقا عن النيات، وليس مسمار جحا يطرق الأميركي رأسه كلما اقتضت مصالحه ذلك.
محمد يونس