ارشيف من : 2005-2008

في ظل تداعيات الكذب بشأن أسلحة العراق:بوش يخسر الثقة المطلوبة لحكم الولايات المتحدة

في ظل تداعيات الكذب بشأن أسلحة العراق:بوش يخسر الثقة المطلوبة لحكم الولايات المتحدة

كتب ويليام كريستول، أحد أبرز وجوه المحافظين الجدد، مقالة في صحيفة ويكلي ستاندرد قال فيها ما معناه إن الرئيس الأميركي قد فقد مستوى الثقة المطلوب للاستمرار في حكم الولايات المتحدة، وذلك بسبب اعتقاد الأميركيين بأن حربنا على العراق قد بنيت على كذبة.‏

وقد جاء كلام كريستول بعد إدانة لويس ليبي، الرئيس السابق لمكتب نائب الرئيس ديك تشيني بتهمة الكذب في قضية اختلاق معلومات حول حصول العراق على كميات من اليورانيوم المخصب من النيجر، وهي المعلومات التي شاركت في اختلاقها المخابرات البريطانية واستخدمت في تبرير الحرب على العراق.‏

كما جاء هذا الكلام في أجواء بروز توجه عند المحافظين الجدد والحزب الجمهوري يعتبر أن الرئيس بوش، بسياساته الفاشلة وفضائحه وتدهور شعبيته، بات يشكل عائقاً أمام مصالح الحزب الانتخابية وغير الانتخابية.‏

وفي هذا المجال، عزا المراقبون فشل المرشح المحافظ جيري كليغور أمام منافسه الديموقراطي تيم كاين على منصب حاكم ولاية فرجينيا التي يسيطر عليها الجمهوريون تقليدياً إلى سبب واحد هو حماسة بوش في تأييد المرشح الجمهوري المذكور.‏

والفشل نفسه سجل في ولايات أخرى في ظل تصاعد مخاوف الجمهوريين من استمرار مسلسل الفشل وصولاً إلى الانتخابات التي ستجري العام القادم لتغيير كامل أعضاء مجلس النواب وثلثي أعضاء مجلس الشيوخ اللذين يسيطر عليهما الجمهوريون حالياً.‏

وهذا يعني أن أحد أهم الأخطار التي تهدد حكم الرئيس بوش بات متمثلاً من الآن فصاعداً بتنامي حالة الإنزعاج من سياساته داخل حزبه بالذات. الخطر الآخر يتمثل بتشديد هجمة الديموقراطيين في انتخابات حكام الولايات وفي التمهيد لانتخابات أعضاء الكونغرس مستفيدين من تراكم أخطاء بوش، وخصوصاً من كذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية، وهي الكذبة التي تفسر بشكل رئيسي ما يعاني منه الرئيس من تراجع مستمر في شعبيته.‏

فقد جاءت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة متطابقة تقريباً في الدلالة على تدهور شعبيته، حيث هبطت نسبة مؤيديه إلى 37 في المئة من الأميركيين فيما تجاوزت نسبة المعترضين على سياساته الخارجية والداخلية نسبة الستين في المئة.‏

كما تجاوزت المسألة حدود إنكار سياساته لتصل إلى أخلاقياته حيث ان ستة من كل عشرة أميركيين يعتبرونه "مفتقداً للشرف"، ويقولون بأن علاماته متدنية جداً بالمقياس الأخلاقي، وذلك بسبب الإحساس القاسي عند الأميركيين بأن إدارة بوش قد خدعتهم بخصوص أكذوبة أسلحة الدمار الشامل في العراق.‏

وترتفع نسبة المعترضين إلى 80 في المئة بينهم سبعة من كل عشرة جمهوريين يعتبرونه "عنيداً"، وهي صفة غير حميدة بالمنظور الديموقراطي الذي يفترض وجود حد أدنى من التوافق بين الحكام والمحكومين.‏

واللافت، فيما يتجاوز موجة العداء المتنامية للولايات المتحدة في أوروبا وأميركا اللاتينية والعالم الإسلامي وآسيا الشرقية، أن هذا العداء قد بلغ مستوى ملحوظاً في الجارة كندا، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "ناشينال بوست" أن 73% من الكنديين لا ينظرون إلى الرئيس بوش بعين التقدير، وأن 38% من هؤلاء يعتبرونه أكثر خطورة من أسامة بن لادن.‏

ويقول روديارد غريفيثس مدير معهد "دومينيون لتعزيز الهوية الكندية" إن هذه النتائج تظهر أن موجة العداء للولايات المتحدة في كندا لا تنطلق من حقد على الشعب الأميركي، بل من الاشمئزاز العميق من بوش ومن حربه على العراق.‏

وفي ظل تزايد الحديث عن الانهيار الأخلاقي للإدارة الأميركية، يبدو أن الرئيس بوش قد بدأ يخبط خبط عشواء، ويدفع بالاشمئزاز الشعبي إلى نهاياته المنطقية عندما تتفتق قريحته عن إجراءات تزيده تلبساً في الجرم: فقد قرر الرئيس، في أعقاب إدانة لويس ليبي، أن يخضع ثلاثة آلاف موظف يعملون في البيت الأبيض لدورة تدريبية لمدة أسبوعين لكي يتعلموا "دروساً إجبارية في الأخلاق"، وفي استخدام المعلومات السرية في البيت الأبيض!‏

والواضح أن هذه الدروس تهدف إلى منع تكرار الكشف عن أكاذيب مشابهة لأكذوبة أسلحة الدمار الشامل. كما يبدو أن الجولة الآسيوية التي بدأها بوش يوم الأحد الماضي (13/11/2005) لتشمل كلاً من اليابان وكوريا الجنوبية والصين ومنغوليا، والتي تتخللها مشاركته في اجتماعات بلدان مجموعة آسيا ـ الباسفيكي، التي تأتي بدورها قبل أسبوعين من الاجتماعات المأزومة سلفاً لمنظمة التجارة العالمية في هونغ كونغ... لن تفلح في تغيير مساره الهابط داخلياً وخارجياً.‏

فبالإضافة إلى تظاهرات العداء التي استقبل بها في سيول، لم يظهر ميلاً إلى الديبلوماسية عندما تحرش بطريقته المعهودة بالزعماء الصينيين من خلال إملاء رغباته بضرورة خفض قيمة اليوان الصيني لتعديل كفة العجز التجاري الأميركي، ولكن أيضاً من خلال تكرار الاتهامات بخصوص حقوق الإنسان في الصين، وبخصوص عدم التجاوب الصيني في مجال مكافحة إنفلونزا الطيور...!‏

ع.ح‏

الانتقاد/ عربيات ودوليات ـ العدد 1136 ـ 18تشرين الثاني/ نوفمبر 2005‏

2006-10-28