ارشيف من : 2005-2008
رئيس اللجنة الدستورية في البرلمان السوري الدكتور فيصل كلثوم لـ"الانتقاد":تعاون دمشق مع لجنة ميليس لا يعني إباحة السيادة السورية

الانتقاد/ مقابلات ـ العدد 1135 ـ 11/11/2005
دمشق ـ خورشيد دلي
تمر سورية هذه الأيام بظروف صعبة مع اشتداد حدة الضغوط عليها بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي 1636. "الانتقاد" التقت الدكتور فيصل كلثوم رئيس اللجنة الدستورية في مجلس الشعب السوري ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة دمشق، وحاورته حول عدد من القضايا التي تشغل السياسة السورية.
دكتور فيصل كيف ستتعامل سورية مع مضمون القرار 1636؟
ـ أعتقد ان القرار المذكور من خلال مضمونه القانوني والسياسي هو أخطر قرار وجه إلى دولة في تاريخ مجلس الأمن الدولي، لأن هذا المضمون يخفي مسائل واضحة تصل إلى درجة الوصاية على سوريا.
سورية من جهة تؤكد بأن القرار مجحف ومن جهة ثانية تؤكد بأنها ستتعاون لتنفيذ القرار المذكور، كيف تنظر إلى هذه المعادلة؟
ـ أقول أخطر قرار لأن مضمون القرار احتوى ما يمكن القول إنه إرادة أميركية، وماذا ستفعل تجاه سوريا, إذ ان أميركا اعتبرت أن القرار مرتبط بتنفيذ مخططاتها تجاه سوريا التي هي جزء من منطقة باتت مستهدفة, ولسوريا موقع خاص بالنسبة للحالة العربية.. وبرغم كل هذا قالت سوريا انها ستتعاون... نعم لأننا نتعامل بواقعية كبيرة في ظل هذه الظروف، ونأمل بأن ينظر إلى تطبيق القرار بشيء من الواقعية حتى لا يستغل مضمونه, الأمر الآخر من حق سوريا البحث عن طريقة لسحب الذرائع في هذه المسألة، لكن بجميع الأحوال هذا التعاون لا يعني إباحة السيادة السورية على الإطلاق, والتمسك بالسيادة شرط رئيسي, ولعل التعاون في إطار القانون الدولي لا يعني إباحة سيادة دولة ما, وأقول إذا كان التعاون ينطلق بنية حسنة في كشف الحقيقة فهذا سيتحقق، وأما إذا كانت المسألة استغلال الظروف لفرض الوصاية فالمسألة ستصطدم بالسيادة، وأعتقد أن الشعب السوري لا يقبل إطلاقا أن تمس السيادة السورية بأي شكل من الأشكال.
مليس طلب التحقيق مع عدد من المسؤولين السوريين في مقر لجنة التحقيق الدولية في بيروت، كيف ستتعامل سورية مع هذا الطلب؟ ـ بوصفي عضواً في البرلمان السوري أرى أن هذا الطلب غير ملائم على الإطلاق, وإذا كان ميليس جاد في البحث عن الحقيقة فيجب البحث عن مكان آخر ملائم، لأن اختياره هذا المكان لا أعتقد أنه ملائم.
ماذا عن آلية تسليم هؤلاء المسؤولين إذا ما تم ذلك؟
ـ نعود إلى النوايا الطيبة... أساس المشكلة هو كشف الحقيقة, وسوريا معنية بكشف الحقيقة، لكن الأمر الأساسي في هذه المسألة يجب أن تكون الإجراءات ملائمة.. من هنا يجب أن تسلك هذه اللجنة نهجاً تحافظ به على السيادة السورية, ويوصلها إلى كشف الحقيقة. سوريا قالت في إطار السيادة لا تعارض التحقيق أو لقاء أي مسؤول.
الأمر الآخر والأساسي والدقيق هنا بأن الموضوع ينبغي ان يكون في إطار أرضية قانونية, لكن عندما يريد البعض تعقيد الأمر فيمكن ان يذهب من خلال اللجنة إلى الشكليات, ومضمون القرار كما قلت جاء مجحفا وصولا إلى المساس بالسيادة السورية، من هنا باعتقادي إذا كانت الأطراف جادة فإننا سنرى هناك تسهيلاً سورياً في كل خطوة لكشف الحقيقة.
في ظل هذه الأجواء برزت دعوات كثيرة لعقد مؤتمر وطني عام من أجل مشاركة كل القوى والأحزاب في الحياة السياسية؟
ـ مع مرور الزمن أي نظام سياسي في العالم يحتاج إلى إعادة نظر في مسألة السياسة, سوريا لا تحكم بحزب واحد بل بمجموعة من الأحزاب, وسورية تعيش حالة من التعددية الحزبية, وأريد ان أقول ان مثل هذه الدعوات ليست بجديدة، وإنما هذه القضايا كانت مطروحة من قبل وهي ليست وليدة اليوم أو نتيجة الضغوط، وإنما وليدة برنامج إصلاحي جاء مع تسلم السيد الرئيس بشار الأسد السلطة, وكان الرئيس بشار واضحاً في أكثر من خطاب رسمي له بهذا الخصوص... من هنا نقول بأن كل ما تم سابقاً بهذا الخصوص كان تهيئة للوصول إلى هذه النقطة اليوم ووضعها قيد التطبيق, لكن مواءمة هذه المسألة الآن جاءت من باب المصادفة مع الظروف التي تحاط بالمنطقة الآن.
ما هي أوراق سورية لمنع تعرضها لاستهداف عسكري؟
سورية كانت وما زالت دولة نشطة في الحالة العربية والدولية.. لكن المشكلة هنا ان هناك من يريد توظيف اغتيال الحريري للوصول إلى أغراض أخرى مخطط لها في السابق ضد سوريا، وتستهدف العرب والمنطقة من خلال سوريا...أقول بمنتهى الصراحة سوريا تتابع نشاطها على المستوى العربي بشكل جيد، وسيتبين للنظام العربي الرسمي أين يكمن الخطر في ممارسة هذا الخطر الذي يتعدى حدود سوريا, دولياً كما قلت سوريا ناشطة جداً في شرح موقفها من كل ما يجري، ولكن نؤمن أيضا بالوزن الأميركي والسيطرة الأميركية على السياسة الأوروبية .. كل ذلك يشكل صعوبة بالغة تقف في وجه شرح الموقف السوري ضمن الحالة الدولية.
نحاول بكل ما نملك من طاقات وقدرات وبالاستعانة مع الأصدقاء على المستوى الدولي أن نسحب الذرائع حتى لا نسوغ للولايات المتحدة هذا الاتجاه، لكن مقومات الصمود السوري، نحن نقول بصراحة لا تستطيع أي دولة مهما كانت أن تستخدم وتسلم بسيادتها بطريقة رخيصة .. ونحن أقوياء بوحدة شعبنا واستعداده لتحمل كل النتائج للحفاظ على السيادة، لأن السيادة تعني الحفاظ على الحرية والشرف والكرامة.