ارشيف من : 2005-2008

حبل الكذب

حبل الكذب

الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1135 ـ 11/11/2005‏

شيئاً فشيئاً بدأ قناع الحرية والعدالة والمساواة الزائف ينزلق من على وجه قوى الرأسمالية المتوحشة، ومع انزلاق هذا القناع الذي طالما استخدم لاحتلال دول واستعباد شعوب بدأت تتكشف حقيقة قبح هذه القوى، التي فاقت في بشاعتها ما يجري في دول العالم "المتخلف".‏

حقيقة واحدة منقسمة إلى قسمين داخلية وخارجية، ففي الأولى لم تستطع كل الشكليات والقشور والأغطية إخفاء التمييز العنصري وعدم العدالة الاجتماعية واللامساواة بين الأعراق والأجناس، فانفجرت كرة الثلج لكثرة ما امتلأت، وهذه باريس ولندن وبرلين والتمييز القائم على العرق واللون والدين والجغرافيا تماثلها في ذلك لوس أنجلس ونيويورك ونيوأورلينز، وكلها تعمل على أكل القناع الزائف مسار النار في الهشيم.‏

أما الخارجية فشواهدها كثيرة لا يسعها المقام، لكن آخر شاهد عليها المطالبة الأميركية للصين بضرورة وقف دعم مزارعيها حتى تتمكن واشنطن من ردم الهوة في العجز التجاري مع بكين، في وقت يغادر الرئيس الأميركي جورج بوش قمة الأميركتين رافضاً طلباً أميركياً لاتينياً بضرورة وقف الولايات المتحدة دعم مزارعيها ليتسنى لهذه الدول الفقيرة منافسة المنتجات الأميركية، وهناك في لندن تقوم القيامة ولا تقعد بسبب سطر صغير في قصيدة كتبها فتى في الرابعة عشرة من عمره يستحضر سعادة هتلر بفناء اليهود، فيتدخل الوزراء والنواب مطالبين بشطب القصيدة ومنعها من النشر بسبب "عنصريتها ومعاداتها للسامية"، بينما ترى في الولايات الأميركية رواية رائجة تتصاعد أسهمها باطراد تسخر وتهزأ من "الأب العربي"، رواية لم يشتمَّ منها أحد أي ريح عنصرية أو معاداة للسامية (علماً أن العرب هم أيضاً ساميون).‏

هناك مثل يقول حبل الكذب قصير مهما كان طويلاً، وحبل المساواة والعدالة والحرية الغربية ليس باستثناء، وهو شارف على نهايته، وقد تبين بأنه أقصر مما كان يتوقع.‏

محمد يونس‏

2006-10-28