ارشيف من : 2005-2008
رايس في روسيا: فشل على فشل

الانتقاد/ دوليات ـ العدد 1132 ـ 21 تشرين الاول/ اكتوبر 2005
الجولة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليسا رايس في آسيا الوسطى وروسيا، والتي اختتمتها بالمرور على باريس ولندن، أثمرت نوعين من الثمار: أحدهما إيجابي، لكنه لا يضيف جديداً على صورة الوضع الذي نشأ عن فشل الأميركيين في ثني إيران عن عزمها على مواصلة أنشطتها التخصيبية الحساسة، ثم في إحالة الملف إلى مجلس الأمن.. والآخر سلبي.
الإيجابي تمثل في التوافق التامّ بينها وبين المسؤولين البريطانيين حول موضوع الملف النووي السلمي الإيراني، اذ استعادت تصريحات الطرفين جميع المقولات المعروفة حول الخشية من توجه إيران نحو إنتاج سلاح نووي، إضافة إلى التهديدات المتجددة بإحالة الملف على مجلس الأمن، ولكن مع تأكيد بريطانيا أن الحل العسكري لا يزال غير مطروح حالياً. غير أن عنصراً جديداً من عناصر الترهيب ظهر مع الإنذار الذي وجهه طوني بلير إلى إيران بعدم التدخل في الشأن العراقي، ومع التأييد المطلق الذي أبدته رايس للتهم التي وجهتها بريطانيا مؤخراً الى إيران وحزب الله بالتدخل في الشأن العراقي، وتحديداً في تزويد المقاومة العراقية بتكنولوجيا ومتفجرات استُخدمت فيما يختص بجنوب العراق كما يدّعي البريطانيون، في قتل عدد من الجنود البريطانيين. تهم رد عليها الإيرانيون كما حزب الله بأنها غير صحيحة، ولكن بعد توجيه إصبع الاتهام إلى بريطانيا في المسؤولية عن تفجير الأهواز الذي راح ضحيته خمسة أشخاص وأكثر من مئة جريح.
أما السلبي، وهو بالفعل خطوة جديدة ومهمة على طريق تضعضع السياسة الأميركية، فقد تمثل بفشل رايس في إقناع الروس بوجهة النظر الأميركية حول الملف الإيراني. فقد جاء الرد الروسي واضحاً ولا يقبل التأويل: جميع البلدان الموقعة على اتفاقية حظر الانتشار النووي لها الحق الكامل في القيام بأعمال التخصيب، وإيران هي واحد من هذه البلدان.. مع تشديد الروس على ضرورة بقاء الملف بين يدي وكالة الطاقة الذرية وعدم إحالته إلى مجلس الأمن الدولي. موقف ردت عليه رايس بالنزق الاستكباري المعروف، فصرّحت من موقع الإحساس بالوصاية على العالم وبالقدرة على إملاء رغباتها على الجميع، بأن إيران ليست بحاجة حتى إلى برنامج نووي سلمي!
فشل آخر سجلته رايس على مستوى تعميق الهوّة بين روسيا والولايات المتحدة بخصوص آسيا الوسطى، التي شكلت حتى وقت قريب جزءاً من الاتحاد السوفياتي، والتي تضم حتى الآن دولاً حليفة لروسيا. فقد رد بوتين بلهجة لا تخلو من التهكم على تصريحات رايس التي قالت فيها إن جولتها على عدد من بلدان المنطقة التي توجد فيها قواعد جوية أميركية منذ بداية الحرب على أفغانستان أواخر العام 2001، ليست موجهة ضد أحد.. لكن المعروف أن روسيا تعلم بأنها معنية بالتهديد، وتعمل على أن يكون الانسحاب الأميركي المرتقب من أوزبكستان بناءً على طلب حكومتها، بداية لانسحابات أخرى من بلدان منطقة تعتبرها روسيا أساسية في محيط نفوذها الإقليمي.
عقيل الشيخ حسين