ارشيف من : 2005-2008

بعد اعلان الحزب الاسلامي العراقي تأييده له..تعزز الاتجاهات المؤيدة لمشروع الدستور العراقي

بعد اعلان الحزب الاسلامي العراقي تأييده له..تعزز الاتجاهات المؤيدة لمشروع الدستور العراقي

بغداد ـ عادل الجبوري‏

فجأة تبدلت معالم صورة المواقف السنية من مسودة الدستور العراقي الدائم بعدما دعا الحزب الاسلامي العراقي مساء يوم الثلاثاء الماضي (11/10/2005) الى التصويت بنعم في استفتاء يوم السبت المقبل.‏

ما الذي حصل حتى تغير موقف الحزب الذي لم يكن من الصعب على أي شخص ان يلاحظ ملصقاته ولافتاته الداعية الى التصويت بـ"لا" على الدستور في مناطق مختلفة من بغداد ومدن أخرى، وكذلك في وسائل اعلامه، وفي مقدمها اذاعة وصحيفة دار السلام، وقناة بغداد التلفزيونية؟‏

يقول سياسي عراقي قريب من الأوساط السنية إن مفاوضات الأيام الأخيرة نجحت في حلحلة الموقف السني العام من الدستور، الذي لم يكن من الاساس متماسكاً ورصيناً وموحداً بما فيه الكفاية، والدليل على ذلك ان الحزب الاسلامي العراقي بزعامة عضو مجلس الحكم السابق الدكتور محسن عبد الحميد انفرد مع عناوين ثلاثة أخرى غير معروفة بالموافقة على الدستور، وقوبل بانتقادات حادة من جهات سنية اسلامية وعلمانية، ودعوات الى التراجع عن موقفه.‏

وبينما كان الموقف السني يتأرجح بين موقفين هما: الدعوة الى المشاركة في الدستور والتصويت بـ "لا" لأجل حشد أصوات ثلثي سكان ثلاث محافظات لضمان عدم تمريره، والثاني الدعوة الى مقاطعة عملية الاستفتاء نهائياً، كانت قيادات سنية من تنظيمات واتجاهات سياسية وفكرية وعشائرية مختلفة منهمكة في مفاوضات متواصلة على أعلى المستويات مثل: رئيس الجمهورية جلال الطالباني، رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري، زعيم كتلة الائتلاف العراقي الموحد السيد عبد العزيز الحكيم، رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، زعيم الكتلة العراقية ورئيس الوزراء السابق إياد علاوي، إلى جانب نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ونائب رئيس الوزراء أحمد الجلبي وآخرين، وبمشاركة أميركية عبر السفير الأميركي في بغداد زلماي خليل زادة.‏

وكان المطروح على طاولة المفاوضات سبعة مطالب سنية بشأن الدستور حتى يتغير الموقف باتجاه ايجابي، ومن بين تلك المطالب:‏

ـ اضافة عبارة عراق موحد الى المادة الاولى من الدستور.‏

ـ اضافة عبارة جزء من العالم العربي الى المادة الثالثة من الدستور.‏

ـ تأجيل منح الفيدرالية للجنوب والوسط.‏

ـ إلغاء فقرة اجتثاث البعث من الدستور.‏

ـ اعتبار اللغة العربية لغة رسمية يلزم استخدامها في إقليم كردستان.‏

ـ توسيع صلاحيات السلطة المركزية على حساب صلاحيات سلطات الأقاليم.‏

وفي الوقت الذي عارضت كتلة الائتلاف العراقي الموحد مطلب اجتثاث البعث وتأجيل فيدرالية الوسط والجنوب، وعارضت كتلة التحالف المطلب الأول مع تحفظها على مطالب أخرى، أبدت الكتلتان مرونة واضحة حيال المطالب السنية تمثلت أساساً في إجراء اضافات وتعديلات على الدستور قضت في جانب منها بأن يقوم مجلس النواب الذي سيتشكل على ضوء الانتخابات المقبلة، بتشكيل لجنة مختصة تقوم في ظرف أربعة شهور بدراسة وبحث المسائل الخلافية والاختلافية والبت نهائياً بشأنها.‏

هذه الصيغة التوافقية هي التي دفعت الحزب الاسلامي العراقي الى التراجع عن موقفه الرافض لمسودة الدستور، الأمر الذي أعطى زخماً إضافياً مهماً لتمرير الدستور ورفع نسب الاستفتاء عليه إيجابياً، برغم أن هناك أطرافاًَ سنية مثل مجلس الحوار الوطني أعلنت تمسكها بموقفها الرافض للدستور، طالبة من الحزب الاسلامي العودة الى موقفه الرافض.‏

وبحسب عدد من المراقبين والمحللين السياسيين في العاصمة العراقية بغداد، فإن الطريقة التي أعلن بها عن التوصل الى صيغة توافقية بشأن الدستور مثلت رسالة مهمة موجهة الى مختلف مكونات المجتمع العراقي بضرورة التصويت لمصلحة الدستور.‏

ففي مؤتمر صحافي من مقر رئيس الجمهورية جلال الطالباني أُعلن عن الصيغة التوافقية بمشاركة الطالباني نفسه والسيد عبد العزيز الحكيم والشيخ غازي إلياور، وبحضور حاجم الحسني أحد أبرز قياديي الحزب الاسلامي، وإياد علاوي وشخصيات سياسية من أحزاب وتنظيمات أخرى.‏

وبما ان الحزب الاسلامي العراقي ـ الذي يعتبر امتداداً لحركة الإخوان المسلمين وتأسس في عام 1961 ـ يمتلك الحصة الكبرى من القاعدة الجماهيرية للشارع السني مقارنة بتنظيمات أخرى اسلامية وعلمانية، مثل هيئة علماء المسلمين ومجلس الحوار الوطني اللذين ظهرا على الساحة السياسية بعد الإطاحة بنظام صدام، هذا الى جانب ان للحزب نفوذاً كبيراًَ في ديوان الوقف السني الذي يشرف على شؤون المساجد والأوقاف السنية في عموم العراق، لذلك فإن الموقف الايجابي لهذا الحزب حيال الدستور يمكن أن يكون قد أطاح مسبقاً بآمال الذين يعوّلون على رفض الدستور من خلال تصويت ثلثي سكان المحافظات الثلاث او الأربع ذات الأغلبية السنية ـ وهي الموصل وتكريت والرمادي وديالى ـ بـ"لا".‏

والمتوقع الى جانب التصويت بنسبة كبيرة بـ"نعم" للدستور، أن نشهد خلال الايام المقبلة مزيداً من التجاذبات السنية ـ السنية على ضوء موقف الحزب الاسلامي، واستمرار التجاذبات السنية من قبل الرافضين للدستور من جهة، والشيعية والكردية من جهة أخرى، خصوصاً أن هناك من يرى ان الأكراد والشيعة نجحوا في تفكيك الموقف السني وتجزئته.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1131 ـ 14 تشرين الاول/ اكتوبر 2005‏

2006-10-28