ارشيف من : 2005-2008

ما أشبه بوش بالخليفة

ما أشبه بوش بالخليفة

يعاني الرئيس الأميركي جورج بوش هذه الأيام من تناقص حاد في الثقة الشعبية الأميركية به وبأدائه في حربه على العراق، تناقص دق أجراسه قادة معسكره الجمهوري المبتلى أصلا بأخبار الفساد والهدر المالي.‏

وبرغم محاولاته المتكررة والحثيثة لتقديم التبريرات والحجج على صوابية أدائه وقراراته لعلّه يوقف المد التنازلي في التأييد الشعبي له، إلا أنه كانت تجابهه في كل مرة وبين الحين والآخر أمور تزيد الرأي العام الأميركي اقتناعا بأن جورج بوش لم يمارس سوى الكذب والخداع في مبررات حربه على الارهاب، ناهيك عن التوظيفات التي قام فيها في إدارته مؤخرا، والتي كانت موضع انتقاد الجمهوريين قبل أي طرف آخر.‏

ويبدو أن هذا الاقتناع طرق ابواب الجمهوريين وتغلغل في صفوفهم، بل وصل إلى صفوف قيادة الجيش الأميركي (عماد حرب بوش على الارهاب)، ففي الجانب الأول يجزي أن نذكر ما آلت إليه نتيجة التصويت في مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قانون مخصصات الدفاع للعام 2006 عندما انضم جميع الجمهوريين تقريبا (ما عدا تسعة) ـ وبرغم تهديدات البيت الأبيض المتكررة باستخدام الفيتو ـ إلى زملائهم الديمقراطيين في إضافة تعديل على المشروع المذكور يقضي بحظر استخدام التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية ضد المعتقلين لدى القوات الأميركية، فكانت النتيجة 90 مقابل 9.‏

أما في صفوف العسكر فقد تصاعدت الدعوات لسحب القوات الأميركية من العراق أو على الأقل تخفيض عديدها. دعوات انطلقت ليس من أحد بل من قائد القوات الأميركية في العراق جورج كاسي ومن مسؤوله أيضا الجنرال جون أبي زيد، وهو ما استدعى خطاب بوش الشهير الذي أكد فيه إصراره على البقاء في العراق حتى ولو لم يكن هناك سبب للوجود فيه، محذراً أيضا من أن انسحاباً أميركياً من العراق يمكن أن يؤدي إلى سيطرة القاعدة على هذا البلد وتدمير الحكومات المؤيدة للغرب في المنطقة.‏

وقد رأى غالبية المحللين، وعلى رأسهم نائب رئيس معهد الشرق الأوسط ديفيد ماك أن هذا الخطاب كان موجها بالخصوص إلى الجنرالات لابلاغهم بأن يتوقفوا عن الحديث عن سحب القوات.‏

وزد على كل ذلك كله استطلاع للرأي ـ أجري مطلع هذا الأسبوع ـ قال 48% من المستطلعين فيه إنهم يفضّلون مجلس نواب يسيطر عليه الديمقراطيون في انتخابات 2006 بينما أعطى 39% الجمهوريين هذا التفضيل، والفارق أي تسعة في المئة هو أعلى فارق يحصل لمصلحة الديمقراطيين في السنوات الإحدى عشرة الماضية.‏

ازاء هذا الوضع، ومع خروج الحيلة من يده، لم يكن أمام بوش سوى استخدام اللغة والأسلوب الذي لا يحتاج معه إلى تقديم تبرير أو برهان، فادعى بأنه مرسل من قبل الله عز وجل ليحارب الارهابيين ويغزو العراق، وهو بذلك يذكّر بعصر الخلافة العربية حين كان الخليفة يعلن نفسه ممثل الله تعالى على الأرض.‏

محمد يونس‏

الانتقاد/ تعليقات/ العدد 1131 ـ 14 تشرين الاول/ اكتوبر2005‏

2006-10-28