ارشيف من : 2005-2008
لقاء الأسد ـ مبارك: جدار عربي لحماية سوريا

الانتقاد/ اقليميات- 1129- 30 ايلول/ سبتمبر 2005
أثارت الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى القاهرة ومباحثاته مع نظيره المصري حسني مبارك تساؤلات عديدة لدى المراقبين نظرا إلى ان هذه الزيارة جاءت في ظل تصعيد أميركي ملحوظ ضد سورية، إذ للمرة الأولى هدد عدد من المسؤولين الأميركيين (السفير الأميركي في العراق زلماي خليل زاده) باستخدام القوة العسكرية ضدها.
مصادر سورية مطلعة وجدت في زيارة الأسد إلى القاهرة في هذا التوقيت تحركاً سورياً يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المترابطة منها:
1- الحصول على دعم عربي من خلال إعادة الديناميكية إلى ما عرف بمثلث دمشق – القاهرة – الرياض, ومعلوم ان مثل هذا المثلث يشكل الموقف الحقيقي للنظام الرسمي العربي نظرا لثقله وقوته وحجمه وتأثيره في محيطه العربي والإقليمي والدولي.
2- ان سورية التي تتعرض لاتهامات أميركية وأحيانا عربية بخصوص لبنان والعراق والمنظمات الفلسطينية ترى من الأهمية وضع الدول العربية الفاعلة في صورة تعاونها لحل هذه الإشكاليات، لأن مثل هذا الأمر سيخلق موقفاً عربياً متضامناً معها, وقد تجلى هذا الأمر في مسألة وضع الرئيس الأسد القيادة المصرية بصورة التحقيقات التي أجراها رئيس لجنة التحقيق الدولية ميليس في دمشق، وذلك من خلال الموقف المصري الذي دعا إلى عدم اتهام سورية مسبقا وضرورة انتظار نتائج التحقيق والتحذير من التعرض لسورية لأن ذلك سيؤثر على استقرار المنطقة ككل.
3- ان التحرك السوري هذا لا يمكن وضعه في إطاره السليم بعيدا عن الحديث عن وساطة مصرية – سعودية لتخفيف الضغوط الأميركية على سورية, إذ تتحدث المصادر عن مبادرة حملها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط من واشنطن مفادها: التعاون السوري الكامل مع سياسة واشنطن تجاه العراق ولبنان والتسوية, ولعل اللقاء السوري المصري بحث هذه المبادرة التي تشير إلى استعداد دمشق للتعاون والحوار على ان ينقل وزير الخارجية المصرية هذه الرؤية للإدارة الأميركية، في وقت تحدثت الأنباء عن زيارة غير معلنة للسفير السعودي السابق في واشنطن الأمير بندر بن سلطان إلى دمشق لهذه الغاية.
في الواقع, إذا كان من شأن التحرك السوري هذا خلق قناعة لدى كل من القاهرة والرياض بأن التعاون السوري مع قضية التحقيق في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري يعبر عن سلامة الموقف السياسي السوري، كما انه يشير إلى عدم تورط سوري في هذه القضية، فإن مصادر قريبة من القمة السورية – المصرية تحدثت عن إمكانية تحرك عربي يفضي إلى تشكيل جدار من شأنه منع حدوث تطورات دراماتيكية تجاه سورية.
وعليه فإن الجامعة العربية بصدد تحركات عربية وحتى إقليمية من أجل بلورة مقترحات واضحة بشأن الضغوط الأميركية، وعقد قمة عربية طارئة، وإذا تعذر ذلك فعقد قمة ثلاثية سورية - مصرية – سعودية للبحث في صياغة موقف عربي داعم لسورية في مواجهة المحاولات الرامية إلى عزل سورية والاستفراد بها حيث تخشى الدول العربية من ان يكون استهداف سورية حلقة أخرى من حلقات المخطط الأميركي الرامي إلى إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط من جديد, ولعل هذا ما قد يدفع بالدول العربية إلى التحرك واستثمار التعاون السوري الإيجابي بشأن القضايا العالقة على أمل إيجاد حل سلمي لهذه القضايا لأن من شأن ذلك إبعاد الخطر عن هذه الدول التي ترى نفسها مستهدفة بهذا الشكل أو ذاك.