ارشيف من : 2005-2008

الدستور العراقي: فرص الـ"نعم" تتعزز مع اقتراب موعد الاستفتاء

الدستور العراقي: فرص الـ"نعم" تتعزز مع اقتراب موعد الاستفتاء

الانتقاد/ اقليميات- 1129- 30 ايلول/ سبتمبر 2005‏

بغداد ـ عادل الجبوري‏

أكثر من دعوة انطلقت من مركز الحوزة العلمية والمرجعية الدينية، مدينة النجف الاشرف، تحث العراقيين على المشاركة الفاعلة في الاستفتاء الشعبي العام على مسودة الدستور الدائم المقرر منتصف شهر تشرين الاول/ اكتوبر المقبل.‏

واذا كان هناك جدل في الساحة العراقية بين اوساط مختلفة حول حقيقة مواقف المرجعية ـ او المرجعيات ـ الدينية من مسألة الاستفتاء على الدستور، او بتعبير اخر حول موضوع تأييدها لمسودة الدستور ودعوتها الناس للتصويت عليه بـ"نعم"، فإن ما هو واضح بما فيه الكفاية هو ان كل المرجعيات الدينية دعت صراحة وشددت على اهمية المشاركة في عملية الاستفتاء، وهذا بحد ذاته يمثل مؤشراً مهماً للغاية على دعم المرجعيات الدينية البارزة في العراق لمجمل العملية السياسية، برغم ما لديها من تحفظات على تلك العملية بمراحلها المختلفة.‏

ويبدو ان هناك حرصا كبيرا من قبل المرجعيات، وتحديدا المرجعية المتمثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني على تجنب تبني مواقف قد يفهم منها انها تصب في خدمة تيار سياسي معين على حساب تيار او تيارات اخرى، او فئة معينة دون غيرها.‏

ففي الوقت الذي نقلت فيه بعض وسائل الاعلام عن مصادر قيل انها مقربة من مكتب المرجع السيستاني عن نية الاخير اصدار فتوى بوجوب التصويت لمصلحة مسودة الدستور، اشارت مصادر اخرى الى ان المرجع السيد السيستاني لم يصدر حتى الان شيئا يتعلق بالتصويت بنعم او لا، لكنه يشدد على ضرورة المشاركة في الاستفتاء.‏

ولعل الملتقى الذي عقدته مؤسسة شهيد المحراب للتبليغ الاسلامي التابعة للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في الثاني والعشرين من شهر ايلول/ سبتمبر الجاري في مدينة النجف الاشرف كان فرصة لاظهار مواقف المرجعيات الدينية وكبار الزعامات من عملية الاستفتاء، ففي هذا الملتقى الذي رعاه السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى، تليت كلمات وبيانات لثلاثة من ابرز المراجع، وهم آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، وآية الله العظمى الشيخ بشير النجفي، وآية الله العظمى الشيخ اسحاق الفياض، حثوا فيها على التصويت بنعم للدستور، اذ اشاروا بوضوح الى ما معناه "ان مسودة الدستور المنجزة هي افضل ما يمكن الوصول اليه، وقد قطع العراقيون بنجاح شوطا طويلا من اجل اعداد الدستور الدائم ومسيرة البلد نحو الاستقرار".‏

والملاحظ ان مراجع دين اخرين مثل اية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي، احد ابرز تلامذة الشهيد محمد صادق الصدر سارع بعدما نقل عنه انه افتى بالتصويت بـ"لا" على الدستور، سارع الى تكذيب ما وصفه بالشائعات، قائلا في بيان له "ان التصويت بـ"لا" غير وارد في حساباتنا". وهذا ما يعني ان مساحة التأييد للدستور في تزايد واتساع.‏

ومضافا الى ذلك ان التيار الصدري الذي لم يعلن حتى الان موقفه النهائي من الاستفتاء، اظهر في الاونة الاخيرة تقاربا كبيرا مع السيد السيستاني، فبعدما صدر قبل اسابيع قلائل بيان من زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر يدعو فيه انصاره الى الالتزام بتوجيهات وفتاوى السيد السيستاني، وجه الصدر رسالة الى المرجع الكبير يطلب فيها رأيه في الموقف من التهديدات التي اطلقها ابو مصعب الزرقاوي ضد الشيعة مؤخرا. والتي اجاب عنها السيد السيستاني قائلا "ان الهدف الاساس من اطلاق هذه التهديدات وما سبقها من اعمال اجرامية استهدفت عشرات الالاف من الابرياء من مختلف انحاء العراق، هو ايقاع الفتنة بين ابناء شعبنا الكريم، وايقاد نار الحرب الاهلية للحيلولة دون استعادته لسيادته وامنه واسترداد عافيته".‏

وعلى اثرها وجه السيد الصدر بيانا خاطب فيها اتباع التيار الصدري بالتزام الهدوء وضبط النفس لتفويت الفرصة على اعداء العراق".‏

ولا شك ان كل ذلك يمثل اشارات على ان التيار الصدري الذي يمتلك ثقلا مهما في الشارع العراقي سيتعاطى بإيجابية مع موضوع الاستفتاء، وبصورة لا تخرج عن التوجه العام للمرجعية الدينية.‏

وفي سياق التجاذبات السياسية لوحظ ان القوى السياسية الداعية الى مقاطعة الاستفتاء او التصويت بـ"لا" عليه اخذت تتحدث عن امكانيات حصول عمليات تزوير وتلاعب من قبل الاطراف المهيمنة والماسكة بزمام الامور، في اشارة الى الشيعة في الوسط والجنوب، والاكراد في الشمال، مشيرة الى ان النتائج لن تكون بالضرورة انعكاسا للواقع، وهي ـ أي تلك القوى السياسية ـ اعتبرت ان عمليات تلعفر، وعمليات اخرى اقل نطاقا، انما جاءت من حيث التوقيت لتحرم بعض الفئات والشرائح من الادلاء بأصواتها في الاستفتاء مثلما حصل العام الماضي في الانتخابات مع مدينة الفلوجة ومناطق اخرى.‏

ولعل هذه القراءة المبكرة المتشائمة انما تعكس وصول القوى الداعية للمقاطعة او التصويت بـ"لا" الى نتيجة مفادها ان عملية الاستفتاء ناجحة لا محالة، وان المناورات السياسية ينبغي ان تتمحور على النتائج المفترضة والمتوقعة، لا على فرضية الفشل الضعيفة.‏

وطبيعي ان الاعداد الكبيرة من الكيانات السياسية التي حرصت على التسجيل في المفوضية العليا للانتخابات استعدادا للانتخابات المقبلة، وبعد وقت قصير من فتح باب التسجيل، تشير الى ان الاستحقاق القادم الاكثر اهمية بالنسبة للجميع هو انتخابات نهاية العام الحالي، او مطلع العام المقبل، والتي يمكن ان ترسم خريطة مرحلة اربعة اعوام من واقع العراق السياسي لا عام واحد فقط، وهي فترة كافية لان تشهد احداثاً ووقائع على قدر كبير من الاهمية في حاضرها، ومستقبلها ايضا.‏

2006-10-28