ارشيف من : 2005-2008

حكومة المالكي.. التوافق أولاً وأخيراًَ

حكومة المالكي.. التوافق أولاً وأخيراًَ

بغداد ـ عادل الجبوري‏

تقول الفقرة ثانياً من المادة 73 من الدستور العراقي الدائم انه "يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته، خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف".‏

ورئيس الوزراء المكلف نوري المالكي كلف من قبل مجلس الرئاسة العراقي (رئيس الجمهورية ونائبيه) بتشكيل الحكومة الجديدة في الثاني والعشرين من شهر نيسان/ ابريل الماضي، ما يعني انه لم يتبق أمامه إلا ثلاثة أيام فقط لا غير، واذا لم يتمكن لاي سبب من انجاز مهمته خلال هذا الوقت فإن رئيس الجمهورية ـ بحسب الفقرة ثالثا من نفس المادة ـ يكلف مرشحا جديدا لرئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة.‏

ولكن حتى الآن يبدو أن المالكي أنجز الجزء الأكبر من مهمته، حتى انه طلب رسميا من مجلس النواب (البرلمان) الاجتماع يوم السبت المقبل، العشرين من الشهر الجاري لعرض تشكيلته الوزارية وطلب منحها الثقة من قبل البرلمان.‏

خارطة توزيع الحقائب الوزارية وحسب مصادر اطلعت على تشكيل الحكومة تشكلت من خمس قوائم ـ او كتل ـ هي الائتلاف العراقي الموحد، والتحالف الكردستاني، وجبهة التوافق العراقية، والقائمة العراقية، وقائمة جبهة الحوار الوطني.‏

والائتلاف العراقي الموحد الذي يمثل الكتلة البرلمانية الأكبر (130) مقعدا من مجموع (275) حصل على وزارات النفط، والمالية، والداخلية، والكهرباء، والعمل والشؤون الاجتماعية، والبلديات والاشغال العامة، والشباب والرياضة، والتجارة، والأمن الوطني، والصحة، والمجتمع المدني، والزراعة، والنقل، والهجرة والمهجرين، والسياحة والآثار، وشؤون مجلس النواب.‏

أما التحالف الكردستاني (55) مقعدا فقد حصل على وزارات الخارجية، والموارد المائية، والصناعة، والإسكان والاعمار، والثقافة.‏

اما جبهة التوافق (44) مقعدا فقد نالت وزارات التخطيط، والتعليم العالي والبحث العلمي، والدفاع، ووزارة دولة، بينما آلت وزارات الاتصالات، والعدل، والعلوم والبحوث والتكنولوجيا، وحقوق الانسان الى القائمة العراقية (25) مقعدا، في حين حصلت قائمة جبهة الحوار (11) مقعدا على وزارتي البيئة، وشؤون المرأة، أو ربما وزارة اخرى من المفترض ان تكون قد استحدثت باسم وزارة الحوار الوطني.‏

وهذه الخارطة التي قد لا تكون خطوطها وحدودها نهائية تشير الى عدة حقائق ابرزها ان الوزارات السيادية الخمس، الدفاع والداخلية والنفط والمالية والخارجية، توزعت بين الكتل البرلمانية الرئيسية بطريقة مختلفة نوعا ما عن الطريقة التي اتبعت في حكومة ابراهيم الجعفري الانتقالية، وحتى قبلها حكومة اياد علاوي الموقّتة.‏

الاختلاف تمثل باختيار مستقلين غير مرتبطين بأحزاب وليس لديهم ميليشيات مسلحة لوزارتي الداخلية والدفاع، مع مراعاة اختيار وزير الداخلية من قبل كتلة الائتلاف العراقي الموحد، ووزير الدفاع من قبل جبهة التوافق العراقية، وحصول إجماع عليهما.‏

ومن الأسماء المطروحة لتولي الداخلية موفق الربيعي مستشار الامن القومي حاليا، وهو احد الكوادر السابقة في حزب الدعوة، واختير عضواً في مجلس الحكم المنحل، وأحمد الجلبي الذي كان هو الآخر عضوا في مجلس الحكم، ومن ثم نائبا لرئيس الوزراء ورئيسا لمجلس الطاقة في حكومة الجعفري، وكذلك توفيق الياسري الضابط السابق في الجيش العراقي، الذي اشترك في الانتفاضة الشعبية عام 1991 وغادر بعدها العراق الى السعودية من ثم الى بريطانيا ليعود الى العراق بعد سقوط النظام السابق. وترى مصادر مطلعة على خفايا الامور ان الجلبي اكثر حظا من سواه برغم ان جبهة التوافق لديها تحفظات عليه وعلى الاسماء الاخرى.‏

اما لوزارة الدفاع فإن جبهة التوافق طرحت عدة اسماء من بينها وزير الدفاع الحالي سعدون الدليمي، ورئيس الجمعية الوطنية السابق حاجم الحسني، وبراء نجيب الربيعي نجل محمد نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة الذي شكل بعد ثورة الرابع عشر من تموز/ يوليو 1958 بزعامة عبد الكريم قاسم.‏

ويقول قياديون في الائتلاف انهم يفضلون سعدون الدليمي، وبدرجة اقل حاجم الحسني. ولا يستبعد الا يتمكن رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي من حسم الجدل والنقاش حول وزارتي الداخلية والدفاع ما يضطره الى توليهما بالوكالة الى ان يتوصل الى خيار يرضي كل الفرقاء.‏

وخلال الوقت القليل المتبقي يبدو ان المالكي لا يواجه عقبة الوزارتين الامنيتين فقط، وانما عقبة اقناع حزب الفضيلة بالعودة عن قراره بالانسحاب من الحكومة بعد ان حرم من وزارة النفط، ورفض عرض المالكي بالقبول بوزارة التجارة او العمل، وكذلك عقبة اصرار القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي للحصول على وزارة خامسة، فضلا عن مطالبة جبهة التوافق باستبدال بعض الوزارات التي حددت لها بوزارات اخرى.‏

وينظر سياسيون من خارج الكتل البرلمانية الى مطالب وشروط الايام والساعات الاخيرة باعتبار انها لا تخرج عن كونها تكتيكا، لان كل الاطراف تدرك ان الحكومة القادمة عمرها الافتراضي اربعة اعوام، وعدم الدخول فيها يعني الانزواء بعيدا عن المشاركة في السلطة التنفيذية.‏

وبرغم ان المالكي طلب في رسالة موجهة الى رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني عقد جلسة خاصة للبرلمان يوم السبت (20-5-2006) اي قبل يومين من انتهاء المهلة الدستورية، الا ان احتمال تأجيل انعقاد الجلسة يوماً او يومين قائم، خصوصا اذا بقيت بعض المسائل معلقة.‏

وأياً تكن الامور فإن مسألة نيل الثقة تعد محسومة لانها تتطلب اغلبية النصف زائد واحد، وهذا يمكن ان يتوافر من خلال تصويت اعضاء الائتلاف العراقي الموحد ـ دون نواب حزب الفضيلة الخمسة عشر ـ ومعهم اعضاء التحالف الكردستاني في اقل تقدير. لكن المشكلة ليست في نيل الحد الأدنى من الأصوات، بل هي اكبر من ذلك بكثير، لانه من دون التوافق سيبقى الجميع يدورون في حلقة مفرغة.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1162 ـ 19 أيار/مايو 2006‏

2006-10-28