ارشيف من : 2005-2008

إعصار كاترينا يعيد الحياة الى التمييز العنصري في اميركا

إعصار كاترينا يعيد الحياة الى التمييز العنصري في اميركا

الانتقاد/ موضوع الغلاف ـ العدد 1126 ـ 9 أيلول / سبتمبر 2005‏

بعد التباطؤ الحكومي وبدء إعصار الانتقادات الموجهة الى ادارة الرئيس بوش، وخصوصاً تلك التي تركزت على تفسير التقصير بأسباب عنصرية، سارعت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، العضو الأسود الوحيد في الادارة الاميركية، سارعت الى مسقط رأسها في آلاباما لتقول ـ دفاعاً عن بوش ـ إنها لا تصدق ان للاعتبارات العنصرية أي دخل في ما حدث ويحدث، ولتركز على وحدة الاميركيين أمام المشكلة. لكن مراقبين كثيرين لاحظوا أن الموقف الاميركي الذي كان موحداً فعلاً أمام تفجيرات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، قد اتسم بالانقسام في ظل الوضع الناشئ عن إعصار كاترينا، ليعكس ما تحدثت عنه صحيفة "در ستاندارد" النمساوية عندما كتبت ما حرفيته: "المناخ الأيديولوجي لإدارة بوش يعكس نظرة الى السكان السود، هي في أحسن الحالات مزيج من البرم وعدم الاهتمام". ويظهر ذلك في الموقف الرسمي العام الذي تميز بالتقصير والتباطؤ وضعف الاهتمام باستباق المشكلة، كما يظهر أيضاً في الكثير من التفصيلات التي طغت على سطح الحدث. ففي أجواء حوادث السلب والنهب التي عمت المدن المنكوبة والتي شارك فيها السود والبيض، كل بحسب نسبة وجوده العددي، سُمعت أصوات في اميركا تصف السود بأنهم لصوص وأشقياء، بينما بررت سلوك البيض نفسه بالحاجة الى إيجاد الماء والغذاء.‏

التفصيل الآخر، وهو كبير هذه المرة، أن كلمة "لاجئين" ظهرت للمرة الأولى في القاموس الداخلي الاميركي للدلالة على الهاربين من المنطقة المنكوبة.. وقد صدم ذلك الكثيرين، لأن العادة قد درجت على اطلاق هذه التسمية على الأجانب لا على "المواطنين" الذين ينتقلون لأسباب نوعية من مكان الى آخر داخل بلدهم. والواضح ان هذه الكلمة قد أيقظت المكبوت التاريخي عند السود، خصوصاً مع تواتر ظهور عبارة "من أصل أفريقي". علماً بأن التذكير بالأصل يشتمل أيضاً على إحياء فكرة الاستعباد وما ارتبط بها من أشكال الإبادة والاستعباد، خصوصاً في المنطقة المنكوبة التي كانت في طليعة المناطق الأميركية التي تخصصت في تجارة الرقيق الأسود، وهو الأمر الذي يفسر النسبة العالية للسكان السود فيها حالياً.. كما أسهمت في إيقاظ المكبوت من مواقف الولايات المجاورة، وفي طليعتها تكساس ـ موطن الرئيس بوش ـ التي اتخذت إجراءات لمنع استقبال اللاجئين، وصلت الى حد منعهم من النزول من الحافلات التي أقلتهم الى حدود الولاية. وهنا تأخذ عقدة الحافلات شكلاً تدرنياً جديداً بقدر ما تذكر السود بالتجارب المرة، حيث كانوا حتى سبعينيات القرن الماضي يُمنعون ـ هم والكلاب ـ من استخدام وسائل النقل، ومن ارتياد الأماكن المخصصة للبيض.‏

وتجدر الاشارة الى أن مشكلة التمييز العنصري التي نكأها إعصار كاترينا واستنفرت لها تجمعات السود حتى داخل الكونغرس، قد برزت أيضاً من خلال بعدها الاجتماعي، حيث ان 67 في المئة من سكان نيو أورليانز هم من السود الذين يعيش أكثرهم تحت خط الفقر. وقد أسهم هذا الوضع بالدرجة الاولى في ارتفاع أعداد الضحايا والمشردين السود، لأن معظم السكان البيض غادروا المنطقة قبل حدوث الإعصار، بينما لم يتمكن معظم السود من مغادرتها بسبب افتقارهم الى المال والسيارات.‏

2006-10-28