ارشيف من : 2005-2008

الصدمة والتغيير

الصدمة والتغيير

العدد 1117 ـ 8 تموز/ يوليو 2005‏

أخيراً أدرك أحد المسؤولين في وزارة الحرب الأميركية أن بلاده ليس لديها القدرة الكافية لشن حربين رئيسيتين في مكانين مختلفين من العالم في وقت واحد، وهي الاستراتيجية العسكرية التي تتبناها حاليا الادارة الأميركية، ومع أننا لا ندري إذا كان هذا الادراك قد طرق أبواب البيت الأبيض أو اخترق أذن ساكنيه، فإنه يشير إلى مدى المأزق العسكري الذي تتخبط فيه آلة الحرب الأميركية لا سيما في العراق وأفغانستان.‏

وإذا كان هذا الاعتراف غير الرسمي بفشل الاستراتيجية العسكرية الأميركية استدعى وضع دراسات تطالب بتغييرها، فإنه من المبكر الاعتقاد بأن الفكرة ستأخذ طريقها لتغيير نمط التفكير الأميركي تجاه بقية دول العالم، فالمسألة لا تتعدى سوى أن الادارة الأميركية ليس لديها العديد الكافي، وهي تفتقد إلى التمويل الكافي لتحقيق هذه الاستراتيجية، وبالتالي فإن الـ"رامبو" ما زال مثلا في فكر القيادة الأميركية، والأمر لا يعدو كونه ضعفاً في الامدادات فقط.‏

ولا عجب من ذلك، فالأميركيون ومنذ اغتصابهم لقارة الهنود الحمر يعتبرون أنفسهم بأنهم "المسيح السياسي" الذي جاء ليخلص البشرية من الشر. وكما يقول الروائي الشهير هيرمان ميلفيل (1819-1891) "نحن الأميركيين متفردون وشعب مختار، إننا اسرائيل زماننا نحمل سفينة حريات العالم... والمسيح السياسي قد جاء متمثلا فينا"، وها هو بوش يقود أساطيل سفن الحرية إلى العالم معلناً أن كل من يخالفه يصبح "ليس عدواً للحرية والعدالة فقط، بل عدواً للرب أيضا".‏

ولكن وكما غيرت الوقائع في العراق وأفغانستان نظرة أحد مسؤولي البنتاغون، يبقى الأمل بأحرار هذا العالم ليوجهوا لهذه الادارة بكل عناصرها ومقوماتها الصدمة الكافية لتغير نظرتها من جذورها.‏

محمد يونس‏

2006-10-28