ارشيف من : 2005-2008

اقتصادية وتجارية بامتياز : زيارة الجعفري لطهران لم تخل من اشكالات سياسية

اقتصادية وتجارية بامتياز : زيارة الجعفري لطهران لم تخل من اشكالات سياسية

طهران ـ ملحم ريا‏‏

فصل جديد في العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والعراق بدأ مع زيارة وصفت بالتاريخية لرئيس وزراء الحكومة الانتقالية العراقية ابراهيم الجعفري الى طهران بعد جفاء دام اكثر من عقدين من الزمن بسبب "الحرب المفروضة" بعدما قرر الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين آنذاك شن حرب ضروس على جارته بايعاز اميركي ـ اوروبي دون النظر الى الروابط الجغرافية والاجتماعية والفكرية التي تجمع بين هاتين الجارتين.‏‏

عامان على سقوط نظام صدام حسين وملفات ما زالت عالقة بين البلدين:‏‏

اول هذه الملفات يعود الى عام 1975 حين وقّع الشاه اتفاقية في الجزائر مع صدام حسين لترسيم الحدود اطلق عليها اتفاقية الجزائر، ما لبث صدام ان انقلب عليها ومزقها امام الصحافة مدعيا انها مجحفة بحق العراق، بعد اعلانه الحرب على الجمهورية الاسلامية. ما تريده ايران اليوم اعتراف رسمي من الحكومة العراقية ببنود تلك الاتفاقية على ان يحكمها ما تنص عليه قوانين الاتفاقيات الدولية.‏‏

ثانياً: دفع التعويضات عن خسائر الحرب العراقية الايرانية التي سببها صدام حسين، وراح ضحيتها ما يقارب المليون شهيد وجريح ايراني، ناهيك عن الخسائر المادية التي تقدر بـ1000 مليار دولار حسب المصادر الايرانية.‏‏

ثالثاً: تأمين الحدود منعاً لتسلل ارهابيين والقيام بأعمال تخريبية كمنظمة "مجاهدي خلق" الايرانية.‏‏

رابعاً: اخراج اعضاء منظمة خلق من العراق، وهذا يأتي بعد اعتراف رسمي من الحكومة العراقية بأن هذه المنظمة إرهابية.‏‏

خامساً: تسهيل مرور الزائرين الايرانيين الى الاماكن المقدسة في العراق، ووضع خطة فعالة للحفاظ على سلامتهم.‏‏

سادساً: لعب دور فعال في عملية اعادة الاعمار في العراق الجديد.‏‏

ما هي وجهة النظر العراقية؟‏‏

بالنسبة لاتفاقية الجزائر ودفع التعويضات لم تحرك الحكومة الحالية ساكناً، ولكن ربما السبب يعود الى انها حكومة انتقالية محدودة الصلاحية في الملفات الحساسة كالتوقيع على اتفاقيات دولية. وهذا ما بدأ يقلق البعض في ايران، الذين يرون في هذا الموقف مناورة عراقية، اما للتهرب او المماطلة للحصول على تنازل ايراني في نهاية المطاف.‏‏

وفي العراق من يصر على ان الحرب كانت من فعل صدام، ولم تكن من فعل الشعب العراقي، وأتت بقرار حكومة معينة، وليس من حكومة منتخبة، لذلك لا علاقة للشعب بها، ولا يجب ان يتحمل مسؤولية دفع التعويضات، واذا كانت ايران دولة تربطها روابط اجتماعية تاريخية وثيقة بالعراق كما تقول، فلا يجب ان تطالب بتعويضات لان الاخ لا يحاسب أخاه على ذنب لم يقترفه.‏‏

ماذا حصل في طهران بعد زيارة الجعفري؟‏‏

ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي الحالي من الشخصيات العراقية المعروفة المعارضة للنظام البعثي العراقي قبل سقوطه، والذي كان وما زال تجمعه علاقات متينة مع ايران يتكلم الفارسية كالعديد من الوزراء في حكومته. حمل معه الى طهران "أجندة" مثقلة بمذكرات تفاهم ـ كما اسماها الناطق باسم الحكومة العراقية ـ في مجالات عديدة اهمها:‏‏

1- سياسية: تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.‏‏

2- امنية: كضبط الحدود منعا لتسلل الارهابيين، من والى العراق وايران والحؤول دون تهريب الاثار والاسلحة العراقية الى ايران.‏‏

3- اقتصادية: اهمها تعاون نفطي يبدأ بمد انبوب نفط بين البصرة وعبادان لتكريره في المصافي الايرانية، وفي مجال الطاقة انشاء محطة كهربائية لتزويد المناطق الحدودية العراقية، وفي مجال المواصلات والنقل مشاركة ايرانية لاعادة اعمار البنى التحتية في العراق بأسعار زهيدة، واستئناف الملاحة الجوية المنقطعة بين طهران وبغداد منذ زمن بعيد، وذلك خلال اسابيع، كما تصدر تسهيل امور زائري العتبات المقدسة الموضوع السياحي.‏‏

4 ـ تجارية: مساهمة الشركات الايرانية الخاصة والحكومية باعادة الاعمار في جميع المجالات بأسعار معقولة، وزيادة المبادلات التجارية بين البلدين.‏‏

5 ـ تسهيل معاملات اللاجئين العراقيين في ايران.‏‏

ماذا حصل بعد ثلاثة ايام من المباحثات؟‏‏

بالرغم من التصريحات الايرانية عن ايجابية هذه الزيارة يبدو ان المباحثات انتهت دون التوقيع على بيان سياسي، والمشكلة تكمن في امرين مهمين من اولويات الجانب الايراني، هما الترسيم النهائي للحدود وقضية عناصر منظمة "مجاهدي خلق" الايرانية المسلحة الموجودة في الاراضي العراقية، والحجة العراقية "الانتظار والتأني لحين تشكيل حكومة جديدة تستطيع ان تتخذ قرارا بشأن هذين الملفين".‏‏

الا ان نجاح هذه الزيارة كان اقتصادياً وتجارياً بامتياز، فقد عاد الجعفري الى بغداد وفي جعبته العديد من التفاهمات المهمة التي تحمل العراقيين والايرانيين على القول ان الزيارة كانت الى حد بعيد مثمرة، ويمكن ان تعد من اهم ايجابيات حكومة الجعفري الانتقالية.‏‏

الانتقاد/إقليميات ـ العدد 1119 ـ 22 تموز/يوليو 2005‏‏

2006-10-28