ارشيف من : 2005-2008

خط أحمر

خط أحمر

هل يعد تصريح أبو مازن بعدم ممانعته منح الجنسية للفلسطينيين في الدول العربية المقيمين فيها بالون اختبار ومقدمة للتوطين؟ أم أنه لا يعدو كونه جاء في سياق معين من دون أي خلفيات أو نيات مبيتة؟‏

بغضّ النظر عن هذا التفسير أو ذاك، هناك من يعتقد أن العديد من الاستفسارات تنطلق من هذا التصريح، وتصب في خانة عدم براءة السؤال الصحفي، ولا الجواب عليه، وبالتالي يبرز الخوف من أن يكون ذلك مقدمة للتوطين الذي كثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة.‏

وإذا كان لا أحد يشك ولو للحظة بتمسك الفلسطيني وبقوة بحقه بالعودة إلى أرضه ووطنه، فإن البعض يتساءل عن عدم قيام السيد محمود عباس بإلحاق جوابه حول الجنسية بالتشديد على رفضه القاطع للتوطين، كما يستفسرون عن حقيقة الرابط بين أن يمارس الفلسطيني كل ما يسهّل عمله وحياته الاجتماعية والاقتصادية، وبين أن يتمتع بجنسية الدولة المقيم فيها إذا لم يكن الهدف الكامن وراء ذلك هو التمهيد للتوطين، مع العلم أن العديد من الدول العربية تشترط عدم ازدواجية الجنسية، عدا عن صعوبات كبيرة لدى البعض الآخر في منح هذه الجنسية.‏

وبعيداً عن هدف وتوقيت السؤال يجب ألا يخفى على بال أحد أن المسؤولية في المحافظة على حق العودة ورفض التوطين لا يتحملها فقط الفلسطينيون، بل تقع في درجة مهمة على عاتق الدول العربية التي عليها أن تؤمّن جميع متطلبات العيش الكريم لضيوفها من الفلسطينيين، وعدم دفعهم إما للبلاد الغربية أو انتظار الفرصة حتى يمنحوا الجنسية ليعيشوا بكرامة، إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها، وقد عودتنا الدول العربية أن يكون ما وراء الأكمة ما هو أدهى وأعظم.‏

منحوا الجنسية أم لم يمنحوها لا فرق، فالتوطين ما زال خطاً أحمر منذ ما يقارب الستين سنة، ومن عاش هذه السنين بكل ما جرّته عليه من مرارة وقهر دون أن يسمح لأحد بتخطي هذا الخط، لهو قادر على العيش ستين سنة أخرى، وخطه لن يغير لونه.‏

محمد يونس‏

الانتقاد/باختصار ـ العدد 1119 ـ 22 تموز/يوليو 2005‏

2006-10-28