ارشيف من : 2005-2008

كارثة جسر الأئمة.... تخطيط مسبق لأهداف متعددة!

كارثة جسر الأئمة.... تخطيط مسبق لأهداف متعددة!

الانتقاد/ تقرير ـ العدد 1125 ـ 2 أيلول / سبتمبر 2005‏

بغداد ـ الانتقاد‏

ألف قتيل وألف جريح... هذه آخر إحصائية حتى كتابة هذه السطور لكارثة صباح يوم الأربعاء 31/8/2005 أو ما أطلق عليها كارثة جسر الأئمة. ومن المؤكد أن الأرقام الحقيقية لضحايا الكارثة تفوق بمقدار غير قليل الأرقام المعلنة. وسواء كان المعيار هو الأرقام الافتراضية ـ التخمينية، أو الأرقام الحقيقية، فإن الأمر سيان من الزاوية الإنسانية والعاطفية والوجدانية.‏

ولعل كارثة جسر الأئمة تعد الأكثر مأساوية بالنسبة للعراقيين من أي جانب نظرنا إليها، وهي فاقت من حيث أعداد الضحايا والطريقة التي سقطوا فيها كوارث أخرى سابقة وقعت في العاصمة بغداد ومدن عراقية أخرى، ربما كان آخرها ما حدث في مدينة المسيب (70 كم جنوب بغداد) قبل اكثر من اربعين يوما.‏

ويبدو أنه من الصعب جدا الوقوف على الأسباب الحقيقية لما جرى لزوار الإمام موسى الكاظم (ع) في ذكرى استشهاده، ومن الصعب جدا كذلك تشخيص الجهات المسؤولة عما حصل، فالغموض الذي يلف خلفيات وأسباب وظروف الحدث ـ الكارثة ـ قد يكون متناسباً مع مستواه وطبيعته، ولكن في الإطار العام فإن القضية بمجملها لا يمكن أن تخرج عن سياق مسلسل الإرهاب في العراق الذي بات واضحا أنه يستهدف العراقيين ولا أحد غيرهم، وبدرجة أكبر أتباع أهل البيت عليهم السلام.‏

وحتى الآن فإن ثلاث مفردات حددت الصورة العامة للكارثة، القصف والشائعات والتسمم.‏

ففي وقت مبكر من صباح اليوم المذكور تعرضت مدينة الكاظمية لقصف بمدافع الهاون وصواريخ الكاتيوشا انطلقت من منطقتي التاجي (شمال العاصمة) والكَريعات (شرق)، أدى إلى سقوط عدد من الزوار قتلى وجرحى.‏

وبعد ما يقارب الثلاث ساعات وفي ذروة الزحام على جسر الأئمة الذي يربط مدينتي الأعظمية بالكاظمية ادعى مجهولون كانوا وسط حشود الزوار وجود عبوات وأحزمة ناسفة، الأمر الذي خلق موجة من الفوضى والارتباك والتدافع أسفرت عن تحطم الحاجز الحديدي للجسر وسقوط مئات الأشخاص من الأطفال والنساء والشيوخ فضلا عن الشباب في نهر دجلة، هذا إلى جانب وفاة أعداد أخرى جراء التدافع والدهس.‏

ولم تقف الأمور عند هذا الحد، فقد تبين وفق وزارة الصحة العراقية أن أعدادا أخرى ماتوا أو أصيبوا جراء تناول أغذية أو مشروبات مسممة.‏

وارتباطا بهذه المفردات الثلاث فإن الاتجاه التحليلي العام يذهب إلى أنه كان هناك مخطط من عدة مفاصل لقتل أكبر عدد من زوار الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) كهدف أساسي إلى جانب أهداف أخرى، منها محاولة وضع الحكومة الحالية برئاسة الدكتور إبراهيم الجعفري والتي يهيمن عليها الائتلاف العراقي الموحد أمام أزمة خطيرة لعلها ترغمها على الاستقالة ما يؤدي إلى تراجع العملية السياسية في العراق، وبالتالي الدخول في نفق سياسي مظلم، الذي قد يترتب عليه تبعات أخرى يمكن أن تتسبب في تعثر العملية السياسية برمتها.‏

ويمكن أن يكون هناك هدف آخر هو إفشال الخطط والإجراءات الأمنية لوزارتي الداخلية والدفاع والأجهزة الأمنية الأخرى، خصوصا بعد الانجازات المهمة التي تحققت خلال الشهور الأربعة السابقة على صعيد مواجهة الإرهاب في كثير من مناطق العراق.‏

ولا يستبعد أن تكون الاختراقات في وزارتي الداخلية والدفاع وغيرهما من مؤسسات الدولة قد ساهمت بشكل أو بآخر فيما حصل.‏

ولكن أياً كانت الأهداف والدوافع والجهات المتورطة التي يرى الكثيرون أنها جهات مرتبطة بشكل أو بآخر بالنظام السابق والجماعات السلفية المتشددة، فإن هناك عوامل مختلفة ساهمت في أن يكون المشهد المأساوي للكارثة بهذه الصورة، فأعداد الناس الكبيرة جداً لا بد أن تكون قد ساهمت في رفع نسبة الضحايا، إلى جانب ضعف وارتباك بعض الإجراءات والترتيبات الأمنية واللوجستية الاحترازية، وعدم توافر المستلزمات والوسائل الطبية المطلوبة لإسعاف الجرحى والمصابين، وربما كانت هناك عوامل أخرى غير منظورة.‏

وعلى أي حال من الأحوال فإن ما يتفق عليه ويلتقي عنده جميع مكونات الشارع العراقي هو مشاعر الحزن والأسى تجاه الكارثة، الأمر الذي قطع الطريق أمام كل من حاول أو يحاول أن يوظف ما حصل توظيفا طائفيا لتحقيق أهداف سياسية معينة.‏

2006-10-28